ضحايا هيلتون

إخفاء

كانَ يحتسي كوبًا من قهوته الساخنة بينما يقف متكئًا على الطاولة خلفه وهوَ يحدّقُ بقدميه دونَ بال، يُواصلُ التفكيرَ بعمقٍ بذهنه المشغول لساعات كما يفعلُ في كلّ مرّةٍ يُمسك بها قضيّةً جديدة، فأعظمُ ما في الأمر هو البداية بالنسبةِ له

هو بحاجةٍ لطرف خيطٍ يتشبثُ به، بحاجةٍ لذلك الشخص الذي سيؤديه للحقيقة في أقصرِ وقت .. أو قبلَ فواتِ الأوان

"كريس هل أنتَ جاهز؟"
سألهُ صديقُه آرثر و زميله في عمله بعدَ أن ربت على كتفه الأيمن بخفة محاولًا استعادة تركيزه

"وَ هل الأمر بحاجةٍ للإستعداد؟"
سأل الآخر ساخرًا ككُلّ مرة يتظاهر فيها بعدم الاهتمام بابتسامته الجانبية

ابتسمَ الآخر بالمقابل دونَ تعليقٍ على ثقته العمياء ثمّ أخذ نظرةً على ساعةِ يده
"حسنًا إذًا .. حانَ وقتُ دخولك، حظًّا موفّقًا!"

أخذَ رشفةً أخيرةً من ذلك الكوب ليضعه بعدها دون إنهاءِ ما تبقى من قهوته السوداء الداكنة كسوادِ عينيه

لم يكُن من محبّي القهوة وَ نادرًا ما يتلذّذُ بمرارتها، ولكنّها كانت إحدى الأسباب في بقائه مستيقظًا لساعاتٍ طويلة، فإدمانُه لعمله يفوق إدمانَه لقهوته

دخلَ دون قرع الباب على نفس تلكَ الغرفة التي كان فيها قبل ساعات، ولكنّ الشخص الجالسَ على الكرسيّ هنا مختلفٌ عمن كانت تجلسُ عليه من قبله

كانَ يجلسُ بهدوءٍ تام دونَ أيّ تعبيرٍ ظاهر على ملامح وجهه بينما يضعُ أحد رجليه على الأخرى

شعرٌ أسود داكن .. طولٌ فارِع .. وعضلاتٌ مفتولة ، كانَت هيأتُه مناسبةً لكونه رياضيًا أو سبّاحًا ماهرًا كهيلتون

"مرحبًا رونالد .. المحقق كريس كيفين"
عرّف عن نفسه بعدَ أن جلسَ أمامه ليتلقى صمتًا قاتلًا

لم يكُن يرجو لُطفًا من أيّ شخصٍ قريبٍ من هيلتون، فهو من معرفته العميقة له يوقنُ بأنّه لا يُصاحب سوى المتغطرسين أمثاله

"لن أُطيل الأمر، فأنت أعلمُ بسبب وجودك هنا صحيح؟"
سأله مع علمه بالجواب مسبقًا ليتأفف الآخر بملل
"سأحاولُ المساعدة قدرَ الإمكان"
قالها دونَ حماسٍ ظاهر مرتديًا قناع البرود

"رونالد واتسون، ثلاثةٌ وعشرون عامًا، جامعة وينيفيرد"
قالها ليسأل أخيرًا بشك
"وَ صديقٌ حميمٌ لهيلتون، أولستَ كذلك؟"

أظهر ابتسامته الجانبية ليومئ بصمت مُقرًّا بصحة المعلومات التي ذكرها
"صدّقني .. أنا أقربُ شخصٍ عرفه هيلتون"