عجز

31 5 0
                                    

طرقَ الباب للمرة العاشرة بعد أن نسي العد وهو على أملٍ طفيف بأن يجيب من بورائه هذه المرة

كانت سيارته التي تشملُ سائقه تقف من حوله برجاء من فيها بأن يترك المنزل فحسب ما دام أصحابه لا يرجون دخوله ولكنه كان مصرًّا كفاية لأن يتسمرّ خلف الباب طارقًا اياه من جديد

يرتدي قميصًا رماديًا ثقيلًا يعكس بياض بشرته بينما يغطي رأسه بالقبعة الملتصقة فيه وهو يعبثُ بقدميه بالأوراق المتناثرة التي تساقطت من الشجرة فوقه بعدَ أن سئم الانتظار

كان صباحًا ليومٍ قد تضاعفت فيه حرارة الشمس والغيوم الرمادية تراكمت فوق صفحة السماء مشيرةً لقدوم فصلِ الخريف لتداهمه الرياح الهابة مصيبةً جلده بالقشعريرة الطفيفة

فُتح الباب وأخيرًا ليرى ذلك الفتى اليافع مقطّبًا حاجبيه بانزعاج وعلامات الشرّ تتطايرُ من عينيه بهالاتها السوداء و هو يحاول فهم سبب قدوم الزائر في الساعة السادسة صباحًا
"ألا تملِكُ ساعةً رونالد واتسون؟"

ابتسمَ بارتباك محاولًا قلب النقاش بعد أن شعر بالخزي قليلًا
"ألا تملكُ ساعةً يا جان؟ يفترضُ بأن تكون بزيّ مدرستك الآن"
سأله مستغربًا من ملابس نومه التي لازالت عليه ليتبادر بذهنه تسيب الفتى المراهق وتطبّعه بأخته

"اليوم إجازة"
صرّح بالخبر الذي جهله رونالد ليبتسم بارتباكٍ من جديد

نسيَ عدّ الأيام بسبب تخلّفه عن الجامعة في الأونة الأخيرة والتزامه للمنزل في كثيرٍ من الأحيان على عكس العادة ولكنّه مدركٌ للغاية بأن هذا اليوم يوافقُ آخر يومٍ لمكوثِ عائلة فيوليت في هذا القصر

تأمّل ضخامة قصرهم رافعًا رأسه للأعلى و سريعًا ما إن تخطّاه بجرأة ليدخل للمنزل والآخر يلحق به وهو يتمتم بخطواته المتسارعة
"تعلم جيدًا بأن أختي لن تسعد لقدومك هنا، خصوصًا في مثل هذا اليوم!"

دخلَ للُبّ الصالة ليُلاحظ اختفاء الأثاثِ تمامًا، و لا شيء سوى جدرانٌ بيضاء وأرضٌ لامعة تملؤها صناديقٌ لأغراضٍ هم على وشكِ تحميلها خارج المنزل

"منذُ متى وأنتم تعيشون بمنزلٍ فارغ؟"
سأل سؤالًا بدافع القلق وعلامات التعجب غائرةٌ في وجهه ليُجيبه الآخر بلا اكتراث
"منذُ حوالي شهر تقريبًا"

"مالذي تفعله هنا رونالد؟"
سألت فيوليت وهي تنزل من أسفلِ الدرج الطويل ليراودها القلق أكثر من الغضب الذي اجتاحها حالَ رؤيتها له

"ألديكِ خططٌ بما يتعلّق مكان مكوثكم الجديد؟"
سأل هذه المرة بصرامة بعد أن رآها وأخيرًا محاولًا ارغامها على القدوم لمنزله بدلًا من اقناعها كما فعل سابقًا

ضحايا هيلتونحيث تعيش القصص. اكتشف الآن