الفصل الرابع

3.2K 93 1
                                    


وقف في منتصف الحارة يعقد كفيه خلفه معاً وهو يستند بجذعه على سيارته ..

و أمامه وقف مجموعة من الرجال الضخام ذوي البنية القوية و ملامح الوجه الصلبة الخشنة ،، تقدم إحداهما من البعيد هادراً بغلظة ؛

: مشطنا الحي كله يا هاشم باشا ،، مفيش أي آثر ليهم !

أشار "هاشم" برأسه لأثنان منهما وأسترسل : فرقوا بعض على مجموعتين ،، مش عاوز شِبر في الحي كله إلا لما تقلبوه عاليه واطيه .. و تراجعوا كل الكاميرات الموجودة حتى لو بعيدة عن الطريق ؛ مفهوم ؟

أؤمأ الرجلان و أسرع إحداهما يوجه التعليمات للأخرين هاتفياً ؛

: أنتوا راقبوا الطريق و أسألوا كل اللي تقابلوه ، و أنتوا جمعوا شرايط الكاميرات ،، قدامكم ٢٤ ساعة و يكون مكان الهانم إتعرف .. إتحركوا !

بينما إبتعد "هاشم" خطوتين عنهم و أخرج هاتفه من جيب سرواله و ضغط على أرقامه ثم وضعه على أذنه و عندما وصله الرد ..

هدر بلا مقدمات بصرامة : سراج ، جه وقت رد جمايلي عليك !

: برقبتي يا باشا !

أؤمأ برأسه بإمتنان وأسترسل موضحاً : واحد حبيبي أوي و ليا آمانة عنده و شكله مش ناوي يرجعها بما يرضي اللّٰه !

: يبقا نرجعها بما لا يرضي اللّٰه !

أبتسم "هاشم" بتهكم وأردف : قابلني في مصنع الحديد بعد ساعة ؛

: تؤمر يا باشا !

_____________________

حدقتاها جاحظتان بذعر يكادان يخرجان من محجريهما .. قلبها يعصف بداخل صدرها كالصواعق، جسدها يرتعد وكأنها واقفة على أرض تتزلزل بقوة ٦ ريختر .. فاهها فاغر تستجدي صوتها بأن يخرج لكنه خانها ،، خانها و توقفت جميع الصرخات و الكلمات و الإستغاثات بحلقها تأبى الخروج ؛

و لماذ الصراخ من الأساس ؟! و كيف ستكون الكلمات ؟! و بمن ستستغيث إذاً ؟! وأي صرخة تلك وأي كلمة وأي إستغاثة ستفي غرض الإفصاح عما تشعر بهِ الآن ؟!

كانت فقط جملة واحدة تتردد في رأسها كالناقوس تحمل نبرة والدتها الحنون عندما كانت تخبرها دائماً إذا تذمرت من خوفها المبالغ فيه عليها -من وجهة نظرها- ،، فتجيب والدتها بحنكة ؛

: "لما تشيلي إبنك ولا بنتك جواكي و تحسي بيهم قبل حتى ما تعرفي بوجودهم و تستني اليوم اللي تضميهم فيه لصدرك بفارغ الصبر ؛ هتفهمي ساعتها إن خوفي عليكي دا أبسط حقوقي و هتندمي على كل الهبل اللي بتعمليه دلوقتي دا و تندمي على كل لحظة قلقتي قلبي عليكي فيها !"

وها هي الآن تعي كل حرف ،و كل كلمة ،و كل شعور ،و كل لحظة خوف كانت تعنيها أمها و كانت هي بغباءها تتذمر عليها !

وكانت مُعجِزة !! Where stories live. Discover now