تجمدت سلسبيل في مكانها غير قادره علي استيعاب ما تراه عيناها، هل حقا من أمامها هو هارون، ملاكها اللطيف اللذي اعتني بها و قام بتربيتها منذ كانت في السابعه من عمرها ،
بعد وفاه والديها و بعد انقضاء الجنازه فجأه وجدته هو الشخص الوحيد اللذي بقي في كرسيه و لم يرحل،
لم تكن تعرفه من قبل و لم تكن تعلم ان كان علي معرفه لوالديها ام لا فهي كانت في سن صغير للغايه غير مدركه لعلاقات والديها بالبقيه ..يومها اقترب منها و سألها ان كانت جائعه و ترغب بالحلوي، كانت تعلم ان والداها لن تراهما مجددا و لكن كطفله لم تكن تستعب معني التفكير في ذلك
سرت و وقالت له بالطبع جائعه، عرفها علي نفسه بانه جارها الجديد بالكوخ المجاور و يدعي هارون
كان مازال شاب في الثامنه عشر، و من يومها لم يتركها هارون و اصبح لها الاب و الاخ وكل شئ ، يدللها لاقصي حد، يبعد عنها كل سيئ و كل ما يؤذيها ، يتعارك مع من يحاول مضايقتها ، يشتري لها الملابس و يضفر لها جديله شعرها يوميا
فاقت من ذكرياتها علي صوته لتجد انه ترك مكانه خلف الطاوله و اصبح امامها ينظر لها نظره ساخره و يلوي فمه الحاد جانبا قائلا
" هل تجرؤين علي مناداتي باسمي مجردآ يا فتاه؟"
ثم قام بالتراجع الي ان سند بظهره علي مقدمه المكتب الضخم مكتفا يديه قائلا
" سأتغاطي عن هذا السخف حاليا و اذا كنتي قد انتهيتي من احلام اليقظه فاسمحي لي بسؤالك كم عمرك؟"
نظرت سلسبيل الي السلطان يتعجب، يا الهي ايقظوني رجاء، انه هارون، اقسم انه هو، نعم هو تغير قليلا، لا ليس قليلا بل كثير فهو الان ذو عيون سوداء حاده، حاجبيه منعقدان بطريقه مخيفه ، اصبح اضخم مما كان عليه .. عضلات ذراعيه و صدره تخيفها الان خاصه و هو ينظر إليها وكأنه ينظر لغريمه وليس إلي سلسبيل طفلته التي تربت علي يده و التي امضت طفولتها و مراهقتها تحت كنفه،
لحظه! ، طفلته ماذا و سلسبيل ماذا، ياإلهي انني المربيه الجديده هنا؟ ، انا هنا للاعتناء بابن هارون؟ متي تزوج و اين كان طوال هذه السنوات؟
انه... انه سلطان البلاد؟!رجعت سلسبيل خطوتين الي الوراء و و حاولت تماسك اعصابها و ردت بصوت متلعثم غير واثق قائله "عمري اثنان و عشرون سيدي"
نظر هارون اليها يقيمها من رأسها حتي رجليها و هو يتلمس ذقنه ثم قام بتضييق عينيه وقال
" تبدين لي اصغر من ذلك ، هل عملتي بمجال مجالسه الاطفال من قبل ؟"كانت تحاول جاهده التركيز علي فهم كلامه و اسألته فهي في ضياع لا بوابه تخرج منه الان ، تريد ان تجري عليه تسأله ان كان يذكرها ، ان كان يمزح معها الان ام ماذا، تريد ان تهزه و تطلب منه ان يتوقف عما يفعله الان ، هارون هو السلطان؟ كيف ، و اي وظيفه هذه التي تجعل من شخص بسيط سلطان في بضعه سنوات؟
وظيفه؟ .. وظيفه ماذا؟ السلطان ورث الحكم عن ابيه .. اذن هارون اللذي اعتني بها لسنوات و اختفي عنها فجأه يكون ..... ابن السلطان؟!لم تصمد سلسبيل اكثر من ذلك و حدث ما كان يجب ان يحدث منذ ان رأت هارون متربع علي العرش
اغشي عليها !!..........................................
تشعر بدق الطبول في دماغها و رائحه مثل العود و الزهور البريه تثير انفها، رفعت يديها الي رأسها تحاول فركها حتي تفيق فهي تشعر بصداع فظيع
قررت فتح عينيها بصعوبه و بدأت تضح لها الرؤيه شيئا فشئا، كل ما حولها باللون الاسود والذهب الستائر و الاثاث ، غرفه ضخمه جدا ، كلاسيكيه و راقيه في ذات الوقت لابعد حد ، وكأنها غرفه سلطان من السلاطين
سلطان؟ ،، هارون، انا رأيت هارون ؟ اين انا؟
ياإلهي انا في غرفه السلطان وعلي سريره
كيف فقدت وعيي كيف؟
تحركت سريعا قبل ان تبدأ في البكاء تعلم انها سريعه البكاء اذا كانت غاضبه او مشتته وهي حاليا تعاني الامرين معا
فتح الباب الضخم لحظه ان وطأت قدميها الارض و اطل منه خادم في نفس عمرها يجر عربه بها الكثير من الطعام .
ماذا الان هل تكرم علي السلطان او هارون عليهما اللعنه معا هل تكرم لإطعامي في غرفه نومه؟
انا يجب ان اذهب اليه يجب ان اتحدث معه، لا يمكن الا يتذكرني فهو تركني وانا في الخامسه عشر، بالتأكيد ملامحي لم تتغير لهذه الدرجه؟استقامت سلسبيل و وقفت دون اضاعه للوقت قائله
" انا لن اأكل و لست جائعه من فضلك كل ما اريده هو مقابله سلطانك و التحدث معه حالا"ترك الخادم العربه و نظر لسلسبيل و هو دهش من غضبها و انفعالها وقال " هارون بك وافق علي عملك كمربيه ابنه و طلب مني ان اعرفك علي الطفل و الموظفون حين تفيقي"
سكتت سلسبيل لبرهه تحاول استيعاب مايقوله هذا الخادم ثم لملمت شتات نفسها مجددا وقالت
" بعيدا عن العمل و اي شيئ، انا اريد مقابله السلطان الان من فضلك اخبره بذلك"
كادت سلسبيل تعتذر عن طريقه حديثها مع الخادم المسكين ولكنها الان بين مشاعر مضطربه و عيون حائره لا تعلم ماذا يجري و قد اظلمت افكارها بين الماضي والحاضر، هارون والسلطان ، القصر والكوخ.لكنها فاقت من كل افكارها هذه علي فتح الباب و دخول السلطان الي الغرفه ، قام الخادم بطأطأه رأسه سريعا و النظر للارض احتراما لجلاله السلطان
وهنا وجدت سلسبيل الغرفه الضخمه صغيره جدا و ان الهواء لايصل الي رئتيها
تقدم السلطان حتي أصبح مقابلا لها امامها مباشره تنظر له دون ان يرف لها جفن خوفا من هذا السلطان الضخم اللذي كان فيها سبق مثل اباها الحنونسمعته يقول للخادم وهو مازال ينظر الي وجهها بحده
" اذهب انت يا جعفر ، الانسه ستأكل في وقت لاحق فيوجد الان ما هو اهم"
تراجعت سلسبيل بخطواتها حتي اصبح الحائط خلفها و مع تقدم السلطان هي لا تعلم اين تذهب اكثر من ذلك
اخذ السلطان يتقدم حتي اصبح امامها مباشره شعرت بأنفاسه تحرق وجهها و عيناه لا تترك عيناها، تتابع حركه شفتيه و هو يقول بهدوء وهمس" لم تكوني جبانه هكذا في السابق ايتها الصغيره"
رأيكم ♥️
أنت تقرأ
السلطان و هي
Romanceهل جربتم شعور الصدمه القاتله !! هكذا كان شعور سلسبيل حين قابلت سلطان البلاد بصفتها مربيه ابنه الجديده .. لم تشعر هكذا بسبب وسامته الطاغيه او سلطانه و ثراؤه الفاحش او حتي بسبب نظراته الساخره إليها و إنما ما سبب لها اهتزاز كيانها و سقوط فكها منصدمه...