لست والدك

5.7K 235 22
                                    

كما كان دائما ، يفهمها بمجرد النظر الي وجهها ، عضت علي شفتيها تكاد تدميها من فرط التوتر و تأجيل البكاء الذي يرجو الخروج من مقلتيها علي هيئه شلال من الدموع و التي تعلم هي انه شلال لن يتوقف حتي تخور قواها وتنام
اهدئي سلسبيل، لا تجعليه يثبت كلامه عليكي ، اثبتي انتي له كم اصبحتي امرأه ناضجه ودعت كل صفات الطفوله وأولهم البكاء الغبي الذي يأتيها فجأه دون سبب يعقل ( قالت لنفسها)

" لن تستطيعي" 
سمعته يقولها و هي مازالت كما هي تعض علي شفتيها و سارحه وعيونها اصبحت اكثر احمرار
تطلعت اليه مستفهمه قصده

تأفف هارون في قله صبر يدلك يده خلف رأسه ناظرا لها بجانب واحد
" لن تستطيعي العنايه بطفلي، انا اعرف ،، لانك ببساطه لا تستطيعي حتي السيطره علي بكائك ،، انتي كما انتي سلسبيل، تهابين كل شيئ و تتوتري سريعا"

نظرت له سلسبيل بقوه كاتمه غيظها و اصبح الغضب هو المسيطر عليها الان حتي تناست انها كادت تبكي
و قالت رافعه رأسها تنظر إليه بثبات مزيف
" لم أكن اهابك هارون بك ، ومازلت "

نظر لها هارون طويلا و كأنه يتذكر شيئا في صمت لا نهايه له ، ثم تحدث اخيرا معطيها ظهره و نادي علي الخادم بصوت عالي جعلها تنتفض دون إرادتها

نظر إليها في سخريه كأنه متعمد ان يثبت كذبها
جاء الخادم خافضا رأسه للارض منتظر اوامر السلطان
" اوصل الانسه إلي غرفتها"
ثم التفت اليها قائلا
" سنجتمع في الثالثه عصرا لنتحدث عن مهامك بالتفصيل، و حتي هذا الوقت احصلي علي بعض الراحه والطعام فهما يساعدان علي التفكير السليم"
و رحل تاركا اياها مع الخادم ينتظر تحركها
يريدها ان تعمل في قصره غصبا !، لقد اعترف بنفسه انها غير قادره علي الاعتناء بأي طفل فلما يتمسك بها ؟ كيف لها الخلاص من هذا القصر و هذا السلطان

تناولت اخر قطعه من اللحم المشوي ثم ارتمت علي السرير تمسك بطنها التي توشك علي الانفجار من كثره الطعام ، انها تعشق لحم البقر المشوي و كبد الاوز و هذا ما قدم لها ، فكرت كم انها صدفه رائعه فقد كانت جائعه للغايه ، ام ان هذه ليست صدفه، هل يتذكر هارون طعامها المفضل حتي الان؟ ، ابتسمت لمجرد التفكير في الامر، لا تعلم لما يدعوها هذا للسعاده فهو قديما كان يقوم بشوي اللحم لها علي الفحم و يشاهدها وهي تلتهمه و تشكره ضاحكه و فمها ممتلئ بالطعام، كان يقوم بخبطها علي رأسها منبهه اياها ألا تتحدث و الطعام بفمها فهي عاده سيئه ، منذ ان تركها لم تكررها ابدا، تعلمت منه كيف تكون ارستقراطيه التعامل و التحدث ، لم تنتبه وقتها كيف يكون شاب من عامه الشعب يعلم عن كل هذه السلوكيات و يعلمها لفتاه ، ولكنها الان لا تحتاج إلي أجابه ، فهو ابن سلطان و بالتأكيد نال فتره غير قصيره في القصر قبل ان يجدها و يقوم بالاعتناء بها ، وتعود لنفس الحيره، لما ترك القصر و الحياه الترفه اولا  و لم تركها هي ثانيا، و الاهم،  لم اختار الاعتناء بفتاه صغيره يتيمه مثلها استنفذت من حياته ثمان سنوات ؟

السلطان و هي حيث تعيش القصص. اكتشف الآن