[18] .خطوة نحو القرار السليم.

2.9K 82 3
                                    

الحلقة الثامنة عشر.
خطوة نحو القرار السليم.
--------------------------------

عادت أمل لعزلتها بغرفتها، فالذنب يُمِيتها، تكتم صوت نحيبها خزيًا، منذ استسلمت لضعفها، تحتقر ما فعلته، فقد جعلها تتساوى مع خالد في خيانته لها، وبالأسفل يجلس أمجد وبجواره أحمد، يحدقان بوجوم بشاشة التلفاز، أحدهما مُرتاب، لمغادرة حازم بلا اسباب، وعزلة أمل، والأخر يشعر بالغضب، يود لو يقتحم تلك العزلة الواهية ويخرجها، ليسألها عما حدث ليختفي صديقه فجأة، تطلع أمجد إلى ابنه قرأ ملامحه، فأدرك أن ظنونه مؤكدة هناك أمر ما حدث، ترك جواره وصعد إليها، عليه مواجهتها فالسكوت الأن بات مستحيلاً.
طرق باب غرفتها، فأنتفضت أمل، وتطلعت صوب باب غرفتها، تعلم بقرارة نفسها بأن المواجهة حُسمت، أتجهت إلى الباب وأستقبلت خالها منكسة الرأس، وما أن وطأ أمجد الغرفة، حتى تفاجأ بحقيبة ثيابها مُعدة فوق المقعد، جال ببصره ليدرك أنها جمعت أشياؤها، وقد عزمت على الرحيل، رفع حاجبه وأشار إلى الحقيبة بصمت، فازدردت لعابها وفاجأته بصوتها المرتعش تقول:
-ناويت أرجع مصر يا خالي.

اومأ وبدا وكأنه لم يتأثر بعودة صوتها إليها، فأشار إليها لتجلس، فجلست بارتباك، وحرصت على ألا تلتقي عينيها بعينا خالها، فبادر أمجد بالحديث معها قائلاً:
-ممكن أعرف إيه اللي حصل، عايز أفهم ليه حابسة نفسك فأوضتك، وليه ناويتي ترجعي مصر، وليه خبيتي إن صوتك رجعلك، والأهم عايز أعرف اللي حصل بينك وبين حازم.

سألها بثبات وعيناه كالصقر تترقب ردة فعلها، رآى ارتجافتها الواضحة، وفركها لكفيها وأهتزاز ساقها، أختلس النظر لوجهها فأخبره شحوبه بذنبها، عقد حاجبيه فأتى صوته صارماً تلك المرة وهو يقول:
-أظن سألتك ومن الأدب تجاوبي، إيه اللي حصل بينك وبين حازم، خلاكي خايفة وقافلة على نفسك، وخلاه ساب البيت هنا فجأة، من غير ما يتكلم مع أي حد فينا، ومش كدا وبس لأ، دا أختفى من شغله، اللي حفر فالصخر علشان يوصل للمكان اللي وصل له، ومحدش يعرف له طريق، أتكلمي يا أمل وعرفيني يا بنت أختي باللي مخبياه عني، وبلاش تسبيني لشيطان نفسي، أتخيل حاجات تطير فيها رقاب.

أنهمرت دموعها تشعر بالخزي، فلا غفران لما فعلت، ورغم صرامته وغضبه منها، إلا أنه اشفق عليها، ولكن لا شيء سيعفيها عن تحمل عواقب خطأها، رمقها أمجد ينذرها أن تتحدث، فازدردت أمل لعابها، وبدأت تخبره بكل شيء، أخبرته بأعتراف حازم ورفضها لحبه، شجارهما سوياً، تلعثم صوتها حين بدأت الذكرى تعاودها، فازداد نحيبها وهمست بجُرمها، وتلاشى صوتها لتجهش بنحيب، فدست وجهها بين كفيها، ابتعد أمجد عنها وتطلع إليها، وأتجه صوب باب غرفتها، وقبل أن يغادر زفر بقوة وقال:
-فضي شنتطك تاني علشان مافيش رجوع لمصر دلوقتي.

وبالأسفل لم يكن حال أحمد أفضل منهما، فلازال غاضباً لصمتها وأبتعادها، يعلم أن سر أختفاء حازم ينتهي أمره معها، ولكن كيف له أن يخترق حصنها ذاك لتخبره، زفر أحمد وألتقط هاتفه مرة أخرى، حاول مرة تلو الأخرى ليُلقي بهاتفه جنباً وهو يلعن كل ذلك الغموض، وقف حين رأى والده يهبط درجات السُلم، زم أمجد شفتيه ففضول أحمد واضح فوق محياه، ولكن عليه أن يحتوي ما حدث، فبادر أمجد بقوله:
-بكرة الصبح أول ما تروح الشركة، تقدم على طلب أجازة لحازم، وتقنع مُديرك بأي حجة علشان يقبل الطلب.

كان لي.. بقلمي منى أحمد حافظ. حيث تعيش القصص. اكتشف الآن