_أيّ سنٍ ترغبين في التدريس له؟!!
قالها أنس بتهذيب وهو يغض بصرها عنه كعادته...
كانت تجلس أمامه على مكتبه في مدرسته الخاصة والتي تضم جميع الأعمار...من سن الروضة وحتى المرحلة الثانوية...
مبنيً ضخم يضم العديد من الأبنية الأنيقة...
وقد نجح أنس -خاصةً مع تفرغه دون زواج- في جعله أشهر مجمع تعليمي في المدينة كلها!!!
ابتسمت صفا برقتها المعهودة وهي تقول بصوت خرج متهدجاً رغماً عنها:
_أصغر سن يا أنس...أصغر سن!!
ابتسم في حنان مصبوغ بالشفقة وهو يرفع عينيه إلىها للحظة...
لتتألقا ببريق خاطف من عاطفة واضحة كالشمس...
قبل أن يتمالك نفسه فيخفض بصره عنها من جديد وهو يغمغم بلهجته المهذبة:
_كما تشائين يا صافي...المدرسة كلها تحت أمرك...متى تحبين أن تبدئي حتى نكتب العقد؟!!!
اتسعت ابتسامتها وهي تقوم من مكانها هاتفة بلهفة:
_اليوم....بل الآن!!!
قام واقفاً بدوره قبالتها وهو يتحاشي النظر لعينيها مغمغاً بشرود وسط نبرته الحانية:
_لم تتغيري يا صافي...دوماً عجولة...ما أشبه لهفتكِ الآن بلهفتكِ على المثلجات التي كنا نشتريها من العم (......)في صغرنا!!!!
ضحكت ضحكة صافية وهي تتذكر ما يحكي عنه ...
ثم أردفت وهي تشرد بماضيها هي الأخري:
_و"عصير القصب" الذي كان عمي يصطحبنا لشرائه سوياً من المحل في آخر المدينة زاعماً أنه أفضل من يبيعه.
ضحك بدوره وتيار الحنين يجرفه عندما أردفت هي بصوت حالم:
_و"غزل البنات" الذي كنت أتحايل عليك كي آخذ نصيبك مع نصيبي.
تنهد في حرارة وهو يطرق برأسه هامساً بصوتٍ خانه ليفضح حزناً لا يحب إظهاره:
_لم يكن تحايلاً منكِ...أنا كنتُ أشتريه كل مرة وأنا أعلم أنني سأمنحكِ نصيبي حتى ولو لم تطلبيه!!!!
لكنّ عينيها هي كانتا غافلتين عن كل هذا الحزن الذي غلف صوته...
وقلبها يتأرجح كالصغير بين- الحنين لماضيها -عندما كانت طفلة لا تحمل هماً ولا تعرف يأساً...
وبين- غدها- الذي لا تعرف حتى الآن كيف سيكون...!!!
وبالرغم من أن عبد الله شديد التفهم والمراعاة لها هذه الأيام لكنها لازالت متوجسة...
فقط لو تمنحها الأقدار نعمة الولد!!!
ربما ساعتها يطمئن قلبها ويرتاح من عذاب أفكاره!!!!
وأمامها كان العاشق الصامت يقاتل نبض قلبه كعادته كي لا يفضحه...
وأيّ قتالٍ أصعب على المرء من قتال نفسه التي بين جنبيه...؟!!!
صفا لم تكن معشوقة عادية...
بل كانت رفيقة الطفولة والصبا...
والتي حرّمت عليه عندما كبرا ...
فليتهما بقيا صغاراً!!!
قلبه الذي تفتحت براعمه على أشعة شمسها الدافئة أبى أن يكون لسواها....
روحه التي تعلقت بها منذ كان طفلاً مبهوراً بجديلتها الطويلة على ظهرها لم تجد لها وطناً غيرها!!!
هي حليلة قلبه الأزلية...
ولو حرمتها عليه كل القوانين والأعراف!!!!
صمتٌ ثقيلٌ ساد بينهما كانت هي أول من قطعته عندما التفتت إلىه من شرودها هامسة بصوتٍ متشح بالحنين:
_كانت أجمل أيام!!
رفع رأسه إلىها للحظة ثم عاد يشيح بوجهه عنها -آسفاً- وهو يغمغم بدعوة صادقة:
_جمّل الله أيامكِ كلها يا صافي...أنتِ تستحقين كل الخير.
أنت تقرأ
ماسة وشيطان
Chick-Litأنا ماسة! لا أدري في الواقع من اختار لي هذا الاسم... من الطبيعي أن يسمي الابن والداه... لكن اللقيط من يسميه؟!!!! قصة منقولة للجميلة الكاتبة ❤نرمين نحمدالله❤