القصة(46)

233 34 3
                                    

"التربية المهدوية”

بسم رب الذي خلق العشق مُلكاً لأعز من خلق؛ ذات يوم كانت هناك طفلة
صغيرة لم تبلغ التاسعة من عمرها تربت في احضان والدين يكُنان الحب
لأهل البيت عليهم السلام» وهذه نعمة من اكمل نعم الله علينا تعلقت هذه
البنت بوالدها تعلقا شديداً؛ فكان لها الصديق والمعلم اكثر من كونه اباً؛ كان
هذا الاب يقرأ قصص اهل البيت عليهم السلام لها هي واخوها الصغير؛ كل
ليلة منذ ان كانوا صغاراً غرس فيهم الحب كما يغرس الفلاح زرعه»؛
وينتظر ان يحصد ثمار تعبه ذات يوم؛ حتى بعد ان كانوا في يوم من الايام
في ضائقة مالية لم يتوانا ذاك الاب او الصديق عن شراء القصص التعليمية
وقراءتها لكلتا ولديه؛ بالإضافة الى جعلهم يحفظون الكثير من الادعية ابتداءاً
من الصغيرة منها كأدعية الايام الى الكبيرة منها كدعاء الندبة ودعاء كميل
وغيرهم وكذا الحال للسور القرانية؛ فخلق فيهم حب التنافس من خلال
المكافئات والالعاب كونهم لا يزالون صغارا ثم علمهم الصلاة وقراءة
القران اليومية كما اوصاهم بالصدقة وزيارة سيد الشهداء عليه السلام ودعاء
كميل كل ليلة خميس؛ اما ابنه الصغير فهو لم يزّل أن بلع السابعة من عمره
حتى علمةُ واخذه في كل اربعين الامام الحسين ع مشياً على الاقدام» وهكذا
اهتم الاب بالجانب الديني ليفجر فيهم منابع الحب لأهل البيت عليهم السلام»
كما اهتمت الام بالجانب الاكاديمي في تعليمهم؛ فقد صدق الشاعر حين قال:
لا عذب الله امي انها شربت حب الوصي وغذتنيه باللبن؛ وكان لي وال
يهوى ابا حسن. فصرث من ذي وذا أهوى ابا حسن.

وما ان كبرت تلك الطفلة حتى بلغت الثامنة عشر من عمرها ودخلت كلية
الطب حتى اصبحت تقرأ الكتب للإمام المنتظر(عج) منها السلسلة المهدوية
للسيد الصدر؛ كانت محبة جداً للإمام ابا الفضل العباس عليه السلام» حتى
اقترن حب بحب الامام الغائب (ع)؛ فكانت كلما تشتاق لشم ريحة ذلك الغائب
ذهبت الى كربلاء؛ كما قال السيد الشيرازي رحمه الله في احدى محاضراته:
من الامور التي يتوجب علينا ان لا ننساها في كل امور حياتنا هو وجودالامام المهدي(عجل الله تعالى فرجه). وهكذا حتى اصبحت في يوم من الايام
كلما ذهبت الى هناك تدور في الصحن الشريف لعلها تلقاه؛ لكن تأبى الذنوب
الا ان تخفيه فلا يتحقق الوصال؛ ذلك الوصال المنشود لن يتحقق حتى يصل
العبد المسمى نفسة عاشقاً الى ساحة العشق الالهي عندئذ تلتئم جراح
الانتظار بالطلة البهية ليوسف الزهراء (عليه السلام)؛ تعرفت تلك البنت الى
صديقة مُحبة حتى ارشدتها الى قراءة كتاب(معراج الروح) للسيد حسن
الابطحي؛ فاستلهمت منه الكثير الكثير؛ ثم بحثت حتى وجدت وقرأت الكتاب
الثاني له اللقاء مع الامام صاحب الزمان)؛ ثم الكتاب الثالث (الكمالات
الروحية عن طريق اللقاء بصاحب الزمان)؛ الكتابان الاخيران كان لهما
الدور الكبير في تعلقها بالإمام الغائب عليه السلام؛ فقد كانا بمثابة المؤنس
الذي يريح القلب والروح من اتعاب وهوى الدنياء فارشداها الى قراءة (دعاء
العهد) كل صباح.؛ بالإضافة الى (زيارة ال ياسين)؛ و(الزيارة الجامعة)»
و(زيارة الامام الحسين عليه السلام)؛ فهي من احب الزيارات الى امام
الزمان عليه السلام؛ بالإضافة الى ان لا يتمسك الانسان بحب الدنيا والشهرة
واتباع الشهوات؛ وان يروض نفسه لما فيها من الخير والصلاح؛ كي يدخل
الفرح والسرور على قلب حبيبنا الامام الغائب الذي قال : ""واني امان لأهل
الارض كما ان النجوم امانُ لأهل السماء""؛ فقد اوصاها والدها منذ ان
كانت صغيرة بأن الاعمال تصل الى ذلك الحبيب (الامام المنتظر عج) كل
يوم اثنين وخميس. فلا تجعلي في اعمالكِ سبباً لبكائه» بعد ذلك ازداد العشق
فانقلب الى هيام» فأصبح ذلك الغائب عليه السلام المؤنس لها حينما تصبح
وحيدة؛ نعم اصبحت تكب له في مذكراتها املاً ان يذكرها في دعاءه
ومناجاته؛ فكتبت: النص الاول ((مولاي ارى طيفك حيثما اتجهت؛ حيثما
ادرت وجهي غمرني عطفك وحنانك؛ سمعنا وقرأنا عنك فقط حتى اصبحنا
وامسينا نغوص في بحر حُبك؛ حُبك المقدس ملئ قلب العاشق اشتياقاً ولهفة.
اشتياقاً» انتظاراً ثم صبراً؛ حتى يجود ذلك العاشق بنفسه في ساحة العشق
الإلهي» كل عاشق ينتظر قمره الخاص؛ اما عُشاقك فجميعهم ينتظرون قمراً
واحداً كي يُنير بطلعته البهية ظلام الكون؛ فمتى يا ثُرى سيضيئ ذلك
القمر؟! )).

النص الثاني: ""ان العشق للإمام الغائب عج يجعل الانسان يتلذذ لسانةعندما يُذكر اسم حبيبه ثم يشم ريحه عند غيابه؛ كما شم يعقوب ريح يوسف
من بعيد؛ ويسمع صوته عندما يُناجيه حتى تتحقق الرؤية؛ ليس هذا فقط بل
ان هذا العشق سيجعلة يذرف الدموع ويصلي الليل ويكثر من مناجاة الحبيب
الغائب فقط فيتحقق الوصال بمشيئته تعالى"".

النص الثالث: (حوار مع الروح) كُتِبَ بعد زيارة كربلاء: لهفتي للقائك
ودموعي لك ماهي الا فرحة لتجديد وصالك؛ ماهي الا دليلٌ ينْقسمْ بكونك يا
هذا عاشقاً ولهانا! ان دموعك هذه لهي بحق دموع شوق؛ بعد ان أشعل لهيب
الاشتياق قلبك؛ بعد ان نال الفراق منك واخذ مأخذه؛ كم انت مرتاح الآن بعد
أقياك لذلك الحبيب؛ الحبيب الذي جعل منك مجنوناً بحُبه؛ الحبيب الذي يتلذذ
لسانك بذكراه كل مساء قبل نومك؛ الحبيب الذي لم تراه عيناك قط وراه قلبك
فقطه فسلام على من أضرم تلك النيران في قلبك الضمآن سلام.

النص الرابع: يوسف الزهراء معك انت» اذاً فلم القلق ايها العاشق؟! إن
الصبر والانتظار كلاهما وسيلة ليصل العاشق الى روضة العشق الإلهي»
لينال مراده المرتجى؛ ليتحقق ذلك اللقاء بعد الصبر والهجران الطويل» إن
مرارة الانتظار لهي بحق قد عذبت ذلك العاشق وسلبت منه كل طاقته
وجماله؛ فهل هذا يكفي كي ينال مراده؟ -لن يتحقق الوصال الا إذا ذاب قلبك
حباً فيه؛ وكيف اجعل هذا القلب اسيراً في حبه؟؛ ابدأ بتلك المناجاة خُفية ليلا
توسل بالذي خلقك وجعل منك عاثشقاًء ولتعلم ايها المسمي نفسك "عاشقاً" إن
لم تطبق ما تعلمته من العشق فعلياً فلن تصل وتنال مرادك بلقاء محبوبك.
اخيراً اقول بحبك سيدي ننجوا وتُفتح لنا ابواب السماء؛ وبك العالم يمتلأً
بالورود والازهار وتكتسي الارض بالخضار ليس لأنك لمستها بل لأنها
انحنت خضوعاً لجمال الاله الذي تجلى جمالة في اعز من خلق.

كيف ارتبطت بامام زمانك.💜حيث تعيش القصص. اكتشف الآن