١٢: بحث وصدفة

338 77 40
                                    


قّدم النادل الطبق التالي وبدأت أشعر بالامتلاء فور رؤيته، لم أدرِ كيف سأتمكن من تناوله لكنني أجبرت نفسي على المحاولة.

كان المطعم هادئًا جدًا، لا يسمع فيه سوى صوت همهمات الزبائن ورنين الملاعق والأطباق، وذلك الهدوء جعلني أستعيد استقرار أفكاري.

- سيد "تشارلز".

نظر السيد "تشارلز" إليّ باهتمام، كان قد بدأ تناول شريحة السمك المدخن، سألته:

- هل كنت تعرف السيد "سندرلاند"؟

- لم أعرفه شخصيًا، التقيته بضع مرات في مناسبات أو دعوات، لكنني أعرف أنه محامٍ شرسٌ ولم يدّخر جهدًا في التحقيق وإثبات جرم المتهمين.

- أليس ذلك سيئًا؟

سألت محتارًا، أجاب السيد "تشارلز" مطمئنًا:

- لا، لا، لا يكون ذلك سيئًا إلا عندما يبدأ المدّعي في تزوير الأدلة لإثبات جرم المتهم، والسيد "سندرلاند" لم يفعل ذلك، والدليل أنه خسر بعض القضايا التي ثبت أن المتهم فيها بريء.

هززت رأسي مستوعبًا، أدرك أن "سندرلاند" كان محامي ادعاء متميّزًا فعلًا، لا أذكر أنني شهدت يومًا إحدى المحاكمات التي عُيّن فيها، لكنني كنت دائمًا ما أرى اسمه في الصحف وأسمعه من الجميع، ’المدعي العبقري‘، ’الشاب الأعجوبة‘، لم يتخطّ الثلاثين إلا قبل بضعة أعوام وقد صنع اسمًا لنفسه. لا شك أن خبر مقتله سيحدث ضجة كبيرة.

لم أتعرف على وجهه عند لقائي به نهار الأمس، لكن سماع اسمه كان كافيًا لأتذكر مدى شهرته في الوسط القضائي.

سألتُ السيد "تشارلز":

- هل التقيت به هنا بعد نهار الأمس؟

- في الحقيقة لقد قابلته عند خروجنا من هذا المطعم في المساء، جئت هنا مع أحد أصدقائي بينما جاء هو وحيدًا.

- وأين ومتى افترقتما؟

حدجني السيد "تشارلز" بنظرة تقول «عدتّٙ للتحقيق؟» لكنه رغم ذلك أجابني باسمًا:

- رافقنا إلى غرفة التدخين حيث بقينا وقتًا طويلًا نتحدث عن السياسة والاقتصاد وغيرهما، أظن أننا بقينا ما يقارب ثلاث ساعات قبل أن يخرج ثلاثنا ويعود كلّ إلى غرفته.

- هل أخبركم عن أي شيء غريب؟ أو ما قد يشير إلى الجريمة؟

فكّر السيد "تشارلز" مدّة من الزمن، بدا كأنه يواجه صعوبة في تذكر مواضيع حديثهم، وهذا متوقع؛ فحديث ثلاث ساعات لا بد وأن يتضمن الكثير الكثير من المواضيع. أخيرًا قال:

- لا أذكر شيئًا معيّنًا، تحدثنا عن مواضيع متفرقة مثل الانتخابات وموجات الاحتجاج النسوية الأخيرة وبعض من سفن (وايت ستار لاين) الأخرى. مجموعة كبيرة وواسعة من المواضيع.

بين محيطٙيْنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن