٢٧: جثة واعتقال (٢)

271 69 37
                                    


عمّ البهو صمت قاتل، نظر الجميع بذعر للساعة الدامية لكن لم يتحدّث أحد، ولا أنا.

علمت ما سيجري بالتفصيل إن اعترفتُ، ستُقاد "بياتريس" مرة أخرى للحبس، وسيُعاد كل ما جرى خلال اليومين الماضيين، فمن الواضح أن هذا هو دليله الذي يقوده للقاتل. بالكاد قضت "تريسي" يومًا كاملًا منذ خروجها وها هي قد أُلقيت في شباك جريمة أخرى.

لكن مع ذلك... لن أستطيع الكذب أو إخفاء الحقيقة، كما أنني أراهن أن وجهي يظهر ما بعقلي بوضوح الآن.

- إنها... ساعتي.

اعترفت "بياتريس" وتحوّلت كل الأعين نحوها، وقفتْ ببطء ثم ألقت نظرة سريعة نحوي -كأنها تريد أن تتأكد أنني لا زلت معها- ثم أضافت بصوت مرتجف:

- لكنني لم أفعل شيئًا، يستحيل أن أقتل "سوزي"!

زفر "بيكر" كمن توقع خبرًا وسمعه، بينما انفجرت الصالة بالشهقات والاتهامات والأحاديث المهموسة، حتى أن بعض الأشخاص تراجعوا مبتعدين عن "تريسي" كأنها ستهجم عليهم في أي لحظة. هتفتُ فورًا قبل أن يأمر "بيكر" بإلقاء القبض عليها مجددًا:

- يمكنني أن أشهد على ذلك! "بياتريس" ليست الفاعلة!

تعالت الهمهمات وتلقيتُ بعض النظرات المستاءة، توقعت ذلك، لكن لم أتوقع أن يكون الركاب بالوقاحة التي تجعلهم يهتفوت:

- ألقِ القبض عليها أيها المحقق، وأبقِ هذه المجرمة مقيدة هذه المرة!

تلفتُّ حولي باحثًا عن المتحدث، لكنني لم أستطع إيجاده بين كل تلك الوجوه التي تنظر إلي بمزيج من الخوف والقرف، أضافت امرأة أخرى بصوت ظنته منخفضًا:

- أخشى أن تقتلنا جميعًا إن لم تبقَ في الحجز.

قبل أن يضيف ثالث رأيه رأيت حركة بين الواقفين قرب الحائط البعيد، ابتعدوا جميعًا من أمام السيد "تومبسون" الذي شق طريقه نحو "تريسي" بخطوات واسعة، هرولتُ نحوه لإيقافه خوفًا مما قد يفعل وسط غضبه، لكنه وصل إليها قبلي، أمسك بكتفيها بقوة قائلًا:

- أرجوك أخبريني أنك لم تفعليها!

نبرته المترجية وصوته المتحشرج جعلاني أتجمد مكاني، أخطأتُ في الحكم عليه، لم يكن غاضبًا. تابع "تومبسون" وهو غير قادر على النظر في وجه "بياتريس":

- لن أستطيع الاستمرار في العيش وأنا أعلم أن من قتل "سوزي" كانت صديقة تثق بها وتحبها.

- لم أقتلها... أقسم لك.

تلاشى صوت "بياتريس" في آخر الجملة وصار مجرد همس، بدأت بالبكاء هي الأخرى عندما انهار "تومبسون" أرضًا وجثا أمامها باكيًا.

في تلك اللحظة تقدم اثنان من أفراد الطاقم نحو "بياتريس"، وعند رؤيتهما استعدت وعيي وهببت نحو "بيكر" هاتفًا:

بين محيطٙيْنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن