٥٣: اعتذار وشظايا

228 68 12
                                    


استقبلتني "بياتريس" بشيء من القلق ولا ألومها على ذلك، ففي المرتين السابقتين جئتها بأخبار سيئة أو خضنا جدالات حادة، لكنني هذه المرة دخلتُ بابتسامة فشلتُ في إخفائها.

- ما الأمر؟

سألتني مترقبة فور دخولي، لكنني امتنعت عن الجواب إلى أن جلست بجانبها على السرير.

- لا تحدثي جلبة أو ترفعي صوتك.

انكمشت على نفسها دون وعي ورمقتني بقلق كبير، لو لم أكن زوجها لظنت أنني قادم لقتلها لا محالة.

أخبرتها بنتيجة التحقيق وباقتراح "بيكر" بإبقائها محبوسة كأنها ما تزال متهمة، اجتاحت السعادة وجهها عند بداية الحديث، لكنها سرعان ما تلاشت وتحولت لإحباط، زمت شفتيها في استياء قوي لكنها التزمت الصمت.

ما زال ما قلتُ سابقًا يُغضبها.

- "تريسي".

قالت قبل أن أتحدث:

- هل عنيتٙ ما قلت عندئذٍ؟

لا بد أنها تقصد اتهامي لها بالقتل، أجبتُ فورًا:

- بالطبع لا، لكنني كنتُ غاضبًا وشعرت بالخذلان بعض الشيء، أغضبني كتمانك المستمر للأسرار، لكنني أعترف أنني تماديتُ قليلًا.

وضعتُ كفي على يدها وأضفت:

- أتفهم موقفك الآن، وأتفهم أنني جزء من السبب.

- علمتُ أنك ستقول ذلك.

قالتها بصوت منخفض ثم نظرت إلى الطاولة أمامها وقالت:

- ليتني أستطيع النظر للأمور بتعقّل مثلك، دائمًا ما تسيطر مشاعري على أفكاري وتُعميني عن بعض الحقائق.

أطلقت تنهيدة طويلة ثم تابعت:

- كنت حانقة جدًا عليك عند خروجك، لكن شيئًا فشيئًا عندما هدأت أدركت أنني بالغتُ قليلًا في غضبي، وأنني أتحمل بعضًا من اللوم أيضًا.

نظرت إليّ مجدّدًا وأضافت:

- لكن ما زال ما قلتٙه لي لئيمًا ويستحق الغضب.

ضحكتُ ووافقتها قائلًا:

- أعرف ذلك، لكن إخفاءكِ عنّي تلك الأشياء المهمة يستحق الغضب أيضًا.

ابتسمتْ وسألت:

- هل صار الأمر منافسة الآن؟ «من يحق له الغضب أكثر من الآخر»؟

قهقهتُ على نظرتها المختلفة دائمًا للأمور، أجبت:

- كلانا أخطأ وكلانا يحق له الغضب. وأيضًا كلانا يجب عليه الاعتذار.

مالت "تريسي" نحوي وأحاطتني بذراعيها قائلة:

- أخفيتُ عنكٙ أمر الابتزاز لأني أحبك وأخاف عليك، لكنني أعتذر على إخفائي أمر انضمامي لمناصرات حقوق المرأة خوفًا​ من رد فعلك، وأعتذر على الأشياء القاسية التي قلتها لك أيضًا.

بين محيطٙيْنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن