تنحنحتُ محرجًا فور استيعابي قربي غير المريح من "بيكر"، تظاهرتُ بأنني كنت مشغولًا بالبحث وأسرعت في إخراج الدفتر من جيبه، مددته نحوه لكنه تراجع رافعًا كفيه وقال:- أنت ستكتب.
كدت أسأله لماذا لكنني لاحظت الآن أنه لا يرتدي قفازات، ولا بد أن البحث خلال هذا الركن الدامي قد خلّف بضعة بقع على كلتا يديه. فتحتُ الدفتر وبحثت بعد صفحات تحقيق جريمة "سندرلاند" إلى أن وصلت لصفحة كُتب عليها «ملاحظات قضية مقتل "إس. تومبسون"»
لم يكتب أي شيء بعد تلك الصفحة، يبدو أن "بياتريس" لم تمنحه أي معلومة من أي نوع. أمسكتُ القلم الذي كان مثبتًا وسط الدفتر وقلت:
- ماذا تريد أن أكتب؟
- «ملاحظات مسرح الجريمة»، كعنوان جانبي تحته خط، وليكن خطك مرتبًا.
توقفت عن الكتابة في منتصف كلمة (مسرح) ورمقته بغيظ، لكنه لم يعبأ بي وعاد يتفقد الأرضية حول جسد "سوزان"، زفرت بنفاد صبر وتابعت الكتابة، يبدو أنه قد تمت ترقيتي من كلبٍ مرافق لآلة طابعة. بدأ "بيكر" يملي عليّ قائلًا:
- أولًا: سبب الوفاة الـ-
- ’أولًا‘ أم الرقم واحد؟
التفت "بيكر" نحوي بحدة ورمقني مطوّلًا بحاجب مرفوع، لم أستطع إخفاء ابتسامتي الشامتة، الوغد يريدني أن أكتب ما يريد كما يريد بالضبط، عليه ألّا يتذمر عندما أسأل عن التفاصيل.
- هل تتذاكى عليّ، "مكاليستر"؟
- حاشا وكلّا، فقط أردت التأكد.
أجبت مبتسمًا أتصنّع البراءة، ضيّق "بيكر" عينيه البنيتين وهسهس محذّرًا:
- لا تحاول أيها المدلّل، لست ندًّا لي.
- أعرف ذلك مسبقًا، وأضراسي ما زالت تؤلمني تذكيرًا بذلك.
رمقني "بيكر" بنظرات كالسيف لحظات ثم طرق بلسانه بغيظ وعاد يتفقّد الجثة، إذًا هو لا يحتمل أن ينهي الطرف الآخر المشاحنة بالاعتذار أو الاستسلام، من الواضح أنه من النوع الذي يحب الفوز في كل جدال.
هذا جيد، فرجل بهذه الصفات لن يسمح للقاتل بالهرب من بين يديه، لقد اختار وظيفة تناسب شخصيته.
لكنني احتملتك كثيرًا أيها الوغد، حان الوقت لأعيد لك ما تجرّعتُه من عنادك ووقاحتك!
تنهد "بيكر" وأعاد سرد ملاحظاته بنبرة تحمل غيظًا مكتومًا:
- أولًا: سبب الوفاة المبدئي هو الذبح.
ارتجفت يدي عند سماع هذه الكلمة، لكنّني تجلّدت وتابعت الكتابة، عندما رفعت بصري وجدت "بيكر" يتفقد يدي "سوزان" الداميتين، تفحص اليسرى جيدًا، ثم وضعها أرضًا حيث كانت وفعل المثل باليمنى، قال:
أنت تقرأ
بين محيطٙيْن
Misteri / Thriller[مكتملة] لطالما اعتبر "ألين مكاليستر" نفسه رجلًا عاديًّا من أسرة عادية وبحياة عادية، لم يكن فاحش الثراء أو ذا موهبة مميزة أو وظيفة غير اعتيادية، لكن الظروف التي أُلقي وسطها في رحلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية كانت في قمة الغرابة. وجد نفسه أمام ج...