لحسن حظي لم تنفجر زوجتي من السعادة قبل العشاء، بل دخلت معي إلى صالة الطعام في كامل أناقتها، ولحسن حظي لا تأخذ النساء قبعاتهنّ معهن إلى العشاء؛ لذلك لا خوف من التأخير بسبب جلسات التسريح الطويلة.بدت صالة الطعام كقاعة حفل في أحد القصور، بجدرانها البيضاء المزخرفة، وطاولاتها ذات المفارش البيضاء التي أحاطت بها الكراسي الخشبية ذات المساند الخضراء، لكن ما يجعل هذا المنظر يذكرني بالحفلات هو الفساتين الملونة والمجوهرات اللامعة التي تزينت بها النساء والبدل الراقية التي ارتداها الرجال.
بعد بحث قصير وجدنا طاولة فارغة حولها زوج من الكراسي، جلسنا عليها بمساعدة النادل الذي ساعد "بياتريس" على الجلوس ثم أعطانا قوائم الطعام.
- أرأيت كيف رمقونا؟
همست "بياتريس" وهي تتفقد القائمة، بدا واضحًا أنها تتظاهر بعدم الاهتمام لكن أصابع يدها اليسرى كانت تطرق على سطح الطاولة. لم ألحظ أي شيء عند دخولي لانشغالي بالبحث عن طاولة فارغة، لذلك نظرت حولي بسرعة لأرى ما تقصد، وقد كانت محقة نوعًا ما وإن كانت تبالغ.
أفراد الطبقة العليا لا يحبون الاختلاط بالعامة، يعتبرون أنفسهم كالملوك ويستاؤون من مشاركة نفس المرافق مع شخص أقل ثروة أو صاحب ثروة جديدة، لذلك ألقى القليل منهم نظرات فضولية أو متفحصة نحونا.
عندما اقتنيت تذكرة للدرجة الأولى كنت أعرف ما قد نواجهه من بعض النبلاء الملتزمين، لكن لم يعد الناس يتحدثون أو يشيرون بوضوح لاختلاف الطبقات بينهم، لذلك كنت واثقًا أنه ثمن ضئيل جدًا سندفعه لقاء الاستمتاع بالرحلة الفارهة، أو الأصح: ستدفعه "بياتريس" لأنها تبالغ في تركيزها مع هذه الأمور.
عدت أنظر للقائمة وأجبت:
- من الجيد أن نظراتهم لن تغير طعم العشاء.
أغمضت "بياتريس" عينيها مبتسمة وزفرت نفسًا طويلًا ينمّ عن فقدان أملها في زوجها الأكول، قالت موافقة بعد لحظات أخمدت فيها إحباطها:
- معك حق، سيظل العشاء لذيذًا والرفقة لطيفة.
ابتسمت سعيدًا بالإطراء وعدت لتفقد القائمة، بعد وقت قصير عاد النادل وأخذ طلباتنا ثم بدأت رحلتنا الخاطفة للأنفاس خلال العشاء الراقي المكون من عشر أطباق.
بدأنا بالمقبلات، اختارت "بياتريس" الكانابيه المحضّر من الخبز المحمص والجبن والسالمون المدخن، بينما طلبت أنا المحار مع الصلصة الحارة، تناولنا مقبلاتنا في صمت منبهر ثم استعددنا لحساء الشعير الدسم، ثم طبق السمك، ثم المزيد من الأطباق لذيذة الطعم مذهلة المنظر مصحوبة بالنبيذ، إلى أن وصلنا للتحلية، حيث وقع اختيار كلينا على الإكلير الهشّ المحشوّ بالكريمة والمغطى بالشوكولا.
أنت تقرأ
بين محيطٙيْن
Misterio / Suspenso[مكتملة] لطالما اعتبر "ألين مكاليستر" نفسه رجلًا عاديًّا من أسرة عادية وبحياة عادية، لم يكن فاحش الثراء أو ذا موهبة مميزة أو وظيفة غير اعتيادية، لكن الظروف التي أُلقي وسطها في رحلته إلى الولايات المتحدة الأمريكية كانت في قمة الغرابة. وجد نفسه أمام ج...