٦٠: القطعة المفقودة

238 69 31
                                    


ألقينا القبض على "مايسي".

احتجت "كارولاين" بشدة، استمرت في تكرار أن أختها ليست قاتلة، لكن "مايسي" لم تدافع عن نفسها أبدًا، بل جعلنا باقي الاستجواب نشك في حجة غيابها وقت الجريمة الأولى.

«أنتٙ مستعد للغوص في أعماق المحيط لأجل "بياتريس"، ألست كذلك؟ أنا سأفعل نفس الشيء لأجل أختى والمناصرات.»

كان ذلك آخر ما قالته لي قبل أن تُقتاد لغرفة تُحبس فيها.

بالطبع استمرّ "ستيفن" في إنكار معرفته لأي امرأة، لكن الدوافع أشارت لـ"مايسي" والأدلة أشارت له. وعندما أخبرتُ "بياتريس" بنتيجة التحقيق كادت تختنق من الصدمة؛ فهي لم تتوقع شيئًا كهذا من "مايسي".

ساد جوّ من الحزن والهدوء في طاولة العشاء التي جلسنا عليها، "بياتريس" و"كارولاين" كانتا مغمومتين ومتألمتين، انتهت القضيتان نهاية أليمة بالنسبة لهما بالذات، أما "بيكر" فبدا شاردًا معظم الوقت، وأنا لم أتذوق طعمًا للعشاء.

دائمًا ما تنتهي قصص التحقيق بالسعادة العارمة للجميع، لكن الواقع مختلف، هذه القضية كشفت أسرارًا جاهد كل فرد لإخفائها، وخروجها للعلن تسبب في الكثير من الغضب والخجل وكل أشكال المشاعر السلبية.

بقيت "بياتريس" مستيقظة ما يقارب الساعة بعد خلودنا للفراش، لم تقل شيئًا، فقط حدقت إلى الحائط بصمت إلى أن سرقها النوم، وعندما ألقيت عليها نظرة بعد بعض من الوقت وجدت وسادتها مبتلة بالدموع.

لكن لم يكن النوم رحيمًا معي.

كانت الساعة تناهز الحادية عشرة والنصف، رفض النوم زيارة عينيّ رفضًا باتًّا، شيء ما استمر بطرق باب عقلي باستمرار، لكنني كلما فتحت له الباب لم أجده هناك، في نهاية الأمر ارتديت ملابسي مرة أخرى وأضفت لها معطفًا ثقيلًا ثم خرجت للسطح، ربما تفلح البرودة التي حلت فجأة في إقناع ذلك الهاجس بالدخول لعقلي حتى نستطيع التفاهم.

تمشيت قليلًا في السطح نحو مقدمة السفينة، وقفت بجانب السور ونظرت إلى المياه تحتي بعشرات الأمتار، كم كان الجو باردًا! واتتني فكرة مجنونة بالقفز في المياه الداكنة الباردة، كان ذلك ليبقيني مستيقظًا أسابيع، وكان هذا الأرق الصغير ليبدو بسيطًا بالمقارنة.

هبت رياح قوية باردة جعلتني أغمض عيني وأشيح بعيدًا عنها، غريب تقلب الجو في المحيط، يجعلك البرد تتخيل أنك في منتصف الشتاء، لا الربيع، فتحت عينيّ ولمحت رجلًا وحيدًا يقف بعيدًا، اتكأ على السور الفاصل بين سطح الدرجة الأولى والجزء المخصص لأفراد الطاقم، أشعل سيجارة -ليتدفأ بها بلا شك-، لكن إن أراد الدفء ما كان عليه الخروج من غرفته أصلًا.

ابتسمت عندما حزرت هوية ذلك المخبول، هناك رجل واحد فقط يفعل شيئًا كهذا. اقتربت منه وقلت:

بين محيطٙيْنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن