٤٦: اتهام وكذب

256 71 46
                                    


لا أذكر كيف وصلت غرفة "بياتريس"، لكنني كنت أمامها في وقت وجيز، اعتاد الحارس قدومي فصار لا يعترض عندما أطلب منه فتح الباب، لكن هذه المرة لم أكلفه بذلك، بل طرقت الباب دون انتظار رد فعل منه.

- نعم.

أجابت "بياتريس" بهدوء، قلت:

- إنه أنا، هل أدخل؟

صمتت لحظات قبل أن تقول بنبرة مجبرة:

- تفضل.

وجدتُ "بياتريس" جالسة على الأريكة، رفعت بصرها إليّ عند دخولي لكنها لم تقل شيئًا، أغلقتُ الباب خلفي ثم اقتربتُ منها، هذه المرة لم أتردّد في طرح سؤالي؛ فقد كان الغضب دافعًا أقوى من الخوف من الجواب. وقفت أمامها وسألت:

- "بياتريس"، كم سرًّا آخر تخفين عني؟

أطبقت على شفتيها وأشاحت بنظرها متجاهلة سؤالي، سحبتُ نفسًا أحاول به عبثًا تهدئة غيظي ثم كررت:

- "بياتريس"، أنا أحدثك، أخبريني ماذا تخفين عني.

استمرتْ بالتزام الصمت، وهذا كان كفيلًا بقصم ظهر صبري، أمسكت بكتفيها ورفعتها لتواجهني رغمًا عنها، لم أعبأ بنظراتها المصدومة أو الدموع التي بدأت تتجمع في عينيها، لقد سئمت وطفح كيلي.

- أنا أحاول مساعدتك! لم لا تفهمين ذلك؟! لماذا تستمرين بإخفاء الحقائق عني؟! لماذا أسمع عن أفعالك من أشخاص آخرين؟!

لم تجد ردًّا ولم أسمح لها بالبحث عن واحد.

- دعينا ننهِ هذا الارتباك الآن، ما المشكلة؟ أفقدتِ ثقتكِ بي؟ ألا ترين أنني عملت جاهدًا لتبرئة اسمك من قتل "سندرلاند"؟ كيف تتسللين أثناء نومي لمسرح جريمةٍ وتتركين ساعتك هناك؟!

هتفت بإصرار:

- أنا لم أقتل "سوزي"!

- حقًا؟ هل هذه هي الحقيقة؟ كيف أصدقك الآن وقد اكتشفتُ توًّا أنك كنتِ في المكان نفسه مع الضحية في وقت الجريمة؟!

- "ألين"...!

حدقت فيّ مصدومة وقد انحدرت أولى الدموع التي حاولت جاهدة إبقاءها حيث تنتمي، وأدركت عندئذ كم تماديت في اتهاماتي.

ألم أقل أنني تخطيت ما حدث مع "مايلز"؟ كنت غبيًا عندئذٍ لكنني الآن راشد وأعرف كيف أميز المخطئ من الصالح.

- هل انعدمت ثقتكٙ بي لهذه الدرجة؟

سألتني "بياتريس" بصعوبة وقد بدأت أنفاسها تتحول لشهقات قصيرة.

- "تريسي"، أنا-...

- اتركني!

صاحت "بياتريس" ونفضت يديّ عنها، تراجعت مبتعدة عني بخطوات واسعة، بدأت تدخل في حالة هستيرية وتمكنت من رؤية ذلك في عينيها المتسعتين وأنفاسها المتلاحقة.

بين محيطٙيْنحيث تعيش القصص. اكتشف الآن