~المستقبل~

689 80 132
                                    

كان جالسا بين الأعشاب المخضرة تحت شجرة ضخمة ينظر بعيونه الزرقاء نحو قمة أحد الجبال الشاهقة بشرود وحده لم يجد ما يفعل غير لم ساقيه لصدره ليحمل عقله بعض الأفكار المتشتت

لمحه شخص آخر من بعيد ليرسم ابتسامة طفولية على شفتيه فأسرع من خلفه ليضم عنقه بسعادة : "اخي"

لم يبدي أي ردة فعل فلطالما نسج عقله بعض الأوهام له، قد أدرك الطرف الآخر هذا ليضحك مقبلا خده :"أنا هنا"

رغم اندهاشه أغمض عينيه بقوة فكيف له أن يصدق أنه قربه حقا فما كان من الآخر سوى الابتعاد ليقابله ويضع يديه على خديه ليقول بعبوس :"انظر لي لمَ تتجاهلني؟"

لم يقوى على المواصلة ليحاول امساك يديه هناك اقشعر بدنه فقد تمكن من لمسه حقا أي أنه ليس مجرد وهم فشد على يديه ورغم الغرابة التي انتابته فتح جفنيه قليلا لتتسع عيناه تلقائيا

عيونه السوداء اكتسبة بريقا جميلا  يعكس الشخص الذي يقابله كعدسات صغيرة، له شعر أسود ناعم منسد على بشرته القمحية الصافية، احمرة وجنتيه ببراءة ليضحك بخفة من الدهشة التي اصابة اخاه

فنطق بهاء بعد أن دقق بتلك التفاصيل الطفولية :"كم عمرك؟ لمَ أنت بهذه القامة؟"

كتف ذراعيه عابسا :"اليس من المفترض أن تقول افتقدتك كأول شيء؟"

بهاء لا يفهم مشاعره حاليا :"لا أقصد .. لكن!!"

لكن من يقابله طفل ذو أربع سنوات كأقصى حد كان بطول بهاء جالسا فاقترب بين قدميه ليضم عنقه مجددا قائلا بمرح :"ألم أخبرك من وقت طويل أن تضمني بدل أن تضم نفسك أو أنك مازلت عنيدا"

هو قطعا لم يفهم شيئا ومع ذلك ضمه ويديه ترتجف :"ضياء .. ضياء انتظرتك كثيرا ..حدثتك كثيرا ..لكن .. لكن"

ضياء :"لكن ماذا أنا هنا قربك"

بهاء بدهشة :"لكن أنت منذ أيام .. أنت!!"

ضياء بمرح  وهو يشد عنق الآخر بشدة :"منذ أيام وأنا وحدي .. بحثت عنك كثيرا وأخيرا وجدتك افتقدتك كثيرا لا تبتعد هكذا مجددا"

ابتعد مبتسما ليغير ملامح اخيه بضحكة خفيفة :"اتعرف مازلت وسيما جدا رغم مرور سنوات طويلة لكن لست أكبر بستة أشهر ولا بثمان سنوات بل بعشرين سنة يعني"

استدار مكانه ليجلس أرضا بين قدميه ويلف ذراعي بهاء حوله، رفع رأسي لأعلى ليلتقي يعيونه مبتسما :"لن يزعجنا أحد إن ضمني اخي الآن .. تمنيت كثيرا أن نجلس هكذا يوما ما"

ضحك بهاء متناسيا ما يحث فالمهم حقا انه معه فضمه له :"معك حقا أصلا لا أحد هنا ليعلق بسخافة"

ضياء رد بطفولة ليرى تلك القمة التي تقابلهما :"نعم نعم هذا عالمنا وحدنا .. رغم أننا أخذناهم معنا يومها لكن حققت الوعد الذي قطعته لك هنا"

لست وحيدا 2 _ماذا اكون ؟حيث تعيش القصص. اكتشف الآن