9 ارض بما ليس منه بد

589 23 2
                                    

لا تدع الرعب يتملكك.
إن السرعة التي نتقبل بها الأمر الواقع -إذا لم يكن منه بد- مدهشة حقاً، فإننا لا نلبث حتى نوطد أنفسنا على الرضى بهذا الأمر الواقع، ثم ننساه اطلاقاً.
لسوف تعترضنا على مر الأعوام مواقف لا تسر، ولكنها محتومة ليس منها بد، ولنا في هذه الحالة الخيار، فإما أن نسلم بما ليس منه بد، وإما أن نحطم حياتنا بالثورة والنقمة، وننتهي في الأغلب إلى انهيار عصبي.
كن مستعداً لتقبل ما ليس منه بد، فإن تقبل الأمر الواقع خطوة أولى نحو التغلب على ما يكتنف هذا الأمر الواقع من صعاب.
لا تدع الحزن يهددك، ويضعضع كيانك.
زاول عملاً تحبه، وركز فيه نشاطك.
كن كريم الخلق، جميل الطبع، طيب العنصر.
إذا لم يكن ما تريد، فأرد ما يكون.
ارض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس.
لا تدع سعادتك تنهار.
اقبل القضاء المحتوم، وواصل الحياة، تعود الابتسام في مواجهة كل أمر جلل، وارض بما ليس من وقوعه بد.
اخفي أحزانك تحت قناع من الابتسام، وواصل الحياة، فلابد مما ليس منه بد.
كف عن اجترار الحزن، والمرارة، والثورة.
عندما ينقضي الأمر فليس إلى تغييره من سبيل.
لا تندب الماضي، ولا تتحسر على ما فات، بل عش اليوم لليوم وحده، بغض النظر عن الماضي أو المستقبل.
سلّم بما ليس منه بد.
إن التسليم بالأمر الواقع ذخيرة لا غناء عنها في رحلتنا عبر الحياة.
إن الظروف ليست هي التي تمنحنا السعادة، أو تسلبنا إياها، وإنما كيفية استجابتنا لهذه الظروف هي التي تقرر مصيرنا.
إن في استطاعتنا جميعاً أن نتحمل المصاعب والمآسي، بل أن نتغلب عليها، فإننا نملك من القوى الذاتية ما ينصرنا على هذه المصائب، لو أننا أحسنّا استخدام تلك القوى.
احتمل كل ما تبتليك به الحياة من المصائب.
اتخذ من مصيبتك مسلاة، ومادة للدعابة.
إن في وسع الإنسان أن يتقبل أي مصيبة، ولو أنه فقد حواسه الخمس جميعاً، لواصل الحياة داخل عقله، فنحن إنما نرى بالعقل ونحيا به، سواء أدركنا هذه الحقيقة، أم لم ندركها.
لا تثر، ولا تنقم.
لا تدع أعصابك تتهاوى.
ليس ثمة شيء يصعب على الإنسان احتماله والصبر عليه.
ليس من البؤس أن تكون فاقد البصر، ولكن من البؤس أن لا تستطيع احتمال فقد البصر.
ارض بكل صروف الدهر.
امتثل لما ليس منه بد.
مهما عارضنا واعترضنا، وثرنا ونقمنا، فلن يغير هذا شيئاً مما ليس منه بد.
لا تعترض، ولا تثر، ولا تنقم، ولا تحول لياليك إلى جحيم من الأرق، ولا تعذب نفسك.
امتثل للأمور المحتمة التي تعلم أنه لا سبيل إلى تغييرها.
ما أجمل أن أواجه الظلام، والأنواء، والجوع، والمصائب، والنوائب، واللوم، والتقريع، كما يواجهها الحيوان، أو كما تواجهها من الأشجار الجذوع.
إن الحيوان يواجه الظلام، والعواصف، والجوع، هادئاً ساكناً، ولهذا فهو قلما يصاب بانهيار عصبي، أو قرحة في المعدة، كما لم يصب بالجنون قط.
متى كانت هناك فرصة سانحة لننقذ أنفسنا مما حل بها، فلننتهزها، ولنكافح ونجاهد، فإذا كان ما يواجهنا أمراً محتوماً لا مناص منه، وليس منه بد، ففي هذه الحالة فإننا باسم صحتنا، وسلامة عقولنا ونفوسنا، يجب أن نكف عن الكفاح على غير طائل يرجى.
لكل داء في ظل السماء، هناك دواء أوليس هناك، فإن كان هناك دواء فلنجده، وإذا لم يكن فأنى نجده؟!.
امتثل لما ليس منه بد.
فالتحيا حياة خالية من القلق، فلو أنك لم تفعل لانسحقت بقوة الضغط والتوتر.
لا تقلق ولو خسرت كل ما تملك، فأنت تعلم ما الذي يعود به القلق عليك، قم بتأدية عملك على أحسن وجه تستطيع أن تقوم به، واترك الباقي لله سبحانه.
عندما يواجهك موقف عصيب تأمله، فإن كان هناك ما يمكن أن تفعله للتغلب عليه فافعله، وإذا لم يكن هناك ما تفعله، انسى الأمر إطلاقاً، لا تقلق قط للمستقبل، فأنت تعلم أنه ليس في وسع أحد أن يستكشف خبايا المستقبل، فلماذا تقلق من أجل شيء لم يحدث، ولا تدري على أي وجه سيحدث؟
هناك طريق واحد يفضي إلى السعادة، ذلك هو الكف عن التوجس من أشياء لا سيطرة لإرادتنا عليها.
لا تدع ثائرتك تثور، ولا تدع غضبك يعصف.
بث الشجاعة في نفسك.
عندما نكف عن النقمة على ما ليس منه بد، يتبقى لنا بعد ذلك من القوة ما يمكننا من خلق حياة أفضل حافلة بالسعادة.
إن أحداً منا ليس من القوة بحيث يسعه أن يقاوم ماليس منه بد، ثم يتبقى له بعد ذلك من القوة ما يمكنه من خلق حياة ممتلئة بالسعادة.
عليك أن تختار أحد الشيئين: فإما أن تنحني حتى تمر العاصفة بسلام، وإما أن تتصدى لها معرضاً بذلك نفسك للهلاك.
انحنوا دائما أمام خصومكم كغصن طري، ولا تنتصبوا كجذوع شجر البلوط، فيسهل تحطيمكم.
إن في استطاعتك أن تعمر طويلاً، وأن تستمتع برحلة طيبة هنيئة عبر طريق الحياة، إذا أنت صانعت الزمن، وأبديت اللين حيال الصعاب والعثرات.
ما الذي يحدث لنا إذا قاومنا صدمات الحياة بدلاً من أن نلين حيالها؟ ما الذي يحدث إذا رفضنا أن ننحني كغصن طري وأصررنا على المقاومة، كشجر البلوط؟ الجواب سهل، سوف نقلق، وتتوتر أعصابنا، وتمرض نفوسنا، فإذا وصلنا بعد هذه المقاومة ورفضنا مواجهة الحقائق فإننا نرد على أعقابنا ونلجأ إلى أوهام من صنع خيالنا، وهذا هو الجنون.
إما أن ترضى بالأمر الواقع الذي ليس منه بد وإما أن يحطمك التوتر والقلق.
لا تدع الدم يتجمد في عروقك.
لا تبث الرعب في نفسك.
لا تعاني من الرعب الجارف.
كف عن القلق السخيف، وأد العمل الذي عهد به إليك.
اشعر بالراحة والهدوء.
لا تمل إلى القلق لأمر لا يمكن تبديله، هز كتفك وانسه، فلابد مما ليس منه بد.
لا تدع القلق يجتاحك، ولا تدع التوتر يعصف بك.
هبني اللهم الصبر والقدرة، لأرضى بما ليس منه بد، وهبني اللهم الشجاعة والقوة، لأغير ما تقوى على تغييره يدي، وهبني اللهم السداد والحكمة، لأميز بين هذا وذاك.
ارض بما ليس منه بد، وإذا أدركت أن الفرصة لتغيير شيء أو تبديله قد تجاوزتك إلى غير رجعة فقل لنفسك: "هكذا أريد للأمر أن يكون ولا يمكن إلا أن يكون الأمر هكذا".

ملخص كتاب دع القلق وابدأ الحياةحيث تعيش القصص. اكتشف الآن