إن العمل الذهني وحده لا يفضي إلى التعب، فإذا أخذت عينة من دماء عامل يشتغل بيديه بينما هو يزاول عمله تراها حافلة بخمائر التعب وإفرازاته، أما إذا أخذت عينة من الدماء المارة بمخ عالم مثل أينشتين فلن تجد بها أثراً لخمائر التعب، حتى في نهاية يوم حافل بالنشاط الذهني.
المخ يسعه أن يزاول النشاط عشر ساعات أو اثنتي عشرة بقوة لا تهن ويدركها الإجهاد.
المخ الإنساني لا يعتريه التعب قط.
إن معظم التعب الذي نحسه ناشئ عن طبيعة اتجاهاتنا الذهنية والعاطفية.
إن الجانب الأكبر من التعب الذي نحسه ناشئ عن أصل ذهني، بل الحقيقة أن التعب الناشئ عن أصل جسماني لهو غاية في الندرة.
إن ١٠٠٪ من التعب الذي نحسه أثناء الجلوس المتواصل يرجع إلى عوامل نفسية، أي عاطفية.
من العوامل العاطفية التي تشعر الجالسين بالتعب هي التبرم، والضيق، والإحساس بعدم التقدير، والقلق، تلك هي العوامل العاطفية التي تشعر الموظفين بالتعب، الذي بدوره يضعف مقاومتهم الجسمانية لأبسط الأمراض، ويقلل من إنتاجهم، ويرسلهم آخر النهار إلى بيوتهم وهم يمسكون أدمغتهم من الصداع العصبي، أي الذي ليس له أصل عضوي، نحن نحس بالتعب لأن عواطفنا تشيع توتراً عصبياً في أجسامنا.
إن المجهود الشاق في حد ذاته قلما يسبب التعب، ونقصد ذلك النوع من التعب الذي لا يزول بعد نوم عميق، أو فترة معقولة من الراحة، وإنما القلق، والتوتر، والثورات العاطفية، هي العوامل الثلاثة الأساسية في ابتعاث التعب، ولو بدا أن المجهود العقلي أو الجسماني هو الأصل والسبب، فاعلم أن العضلة المتوترة هي عضلة عاملة فأرخها، وادخر نشاطك لأعمال أهم وأجدى.
هل أنت منحن بجذعك على الكتاب؟ أم تحس ألماً فيما بين عينيك؟ هل أنت جالس في استرخاء على المقعد؟ هل ثمة عضلة من عضلات وجهك مشدودة؟ فإذا لم يكن جسدك بأكمله مسترخياً كالدمية، فإنك الآن وفي هذه اللحظة، تتسبب في خلق تعب عصبي.
إن الاعتقاد السائد بين الناس بأن العمل الشاق يحتاج إلى إحساس بالمجهود مصاحب له، وإلا خاب العمل، وفشل المجهود، يدفعنا إلى الانحناء بجذوعنا، أو شد عضلاتنا، أو نرجع بأكتافنا إلى الوراء مستنجدين بعضلاتنا لكي تشعرنا بالمجهود الذي نبذله وهو شعور لا أهمية له إطلاقاً.
إن علاج التعب العصبي هو الاسترخاء.
تعود الاسترخاء حين تزاول عملك كائناً ما كان، ولا تحسب أن هذا الأمر هين، فقد يحتاج إلى أن تغير العادات التي اكتسبتها طول حياتك.
إن من يعاني من التوتر، وحدة المزاج منشؤه العادة لا أكثر ولا أقل.
التوتر عادة، والاسترخاء أيضاً عادة، والعادات السيئة يمكن التخلي عنها، والعادات النافعة يمكن اكتسابها.
عندما تسترخي لا تبدأ بذهنك، ولا بأعصابك، وإنما ابدأ على الدوام بعضلاتك.
أستند بظهرك إلى ظهر مقعدك، وأغمض عينيك، وقل لعضلات عينيك في صمت: "استرخي...استرخي...كفّي عن التوتر...استرخي" وكرر في خاطرك هذه الأوامر لمدة دقيقة واحدة، ويسعك بعد هذا أن تكرر الأمر نفسه مع عضلات فكيك، وعنقك، وكفيك، وجسدك جميعاً، على أن العينين هما أهم أعضاء الجسم.
إن إرخاء عضلات العينين كفيل وحده بأن يزيل توتر الجسد كله.
إن العينين وحدهما تستنفذان ربع النشاط العصبي الذي يستنفذه الجسد كله، وهو السبب في أن الكثيرين من أصحاء النظر يعانون من ألم في أعينهم، دون أن يعلموا أن السبب في ذلك هو توتر عضلاتها.
إن في وسعك أن تسترخي أينما كنت، وكل ما عليك هو ألا تتكلف جهداً في سبيل هذا الاسترخاء، فالاسترخاء ليس مجهوداً يبذل، وإنما امتناع تام عن كل مجهود، وابدأ الاسترخاء دائماً بإرخاء عضلات عينيك ووجهك.
استرخِ أينما كنت.
اشتغل ما شئت من الوقت، على أن تراعي الاسترخاء في جلستك.
لا تجعل عملك يبدو أصعب مما هو عليه حقيقة، لا تستخدم في عملك عضلات من جسدك لا شأن لها بهذا العمل إطلاقاً.
منشأ التعب ليس كمية المجهود الذي بذلته، وإنما الطريقة التي بذلت بها المجهود.
عندما تحس بالتعب أو بتوتر في الأعصاب، في نهاية يوم من الأيام، أعلم يقيناً أن مجهود ذلك اليوم عقيماً من ناحية الكم وناحية الكيف على السواء ولو أن كل شخص وعى هذا الدرس، لقلت نسبة الوفيات الناشئة عن أمراض التوتر العصبي، ولتوقفنا عن تزويد المصحات والمستشفيات كل يوم بمرضى التعب والقلق.
تعلم كيف تسترخي وأنت تزاول عملك.
![](https://img.wattpad.com/cover/239453241-288-k564679.jpg)
أنت تقرأ
ملخص كتاب دع القلق وابدأ الحياة
Spiritualعلاج للاكتئاب، الطريق إلى السعادة، حلول لجميع مشاكلك، واحد من أكثر الكتب مبيعاً، لا تبكِ على ما فات ولا تعبر جسراً حتى تصل إليه، وإن مع العسر يسراً، الملخص تفصيلي وطويل نوعاً ما لكنه مع ذلك أقصر بكثير من الكتاب كاملاً. وصل رقم واحد في كل من: #تفاؤل...