الفصل السابع، عيون الهاوية

829 27 6
                                    

الفصل السابع، عيون الهاوية..........
......................

عند عيون الهاوية لقاء، ولا عذر للهلاك .....
..............................
مكتبه الأثري الموروث من عائلة استقراطية من الجد الأول، والحراسة المكثفة في كل ركن والضوء الخافت.... وصوت جوهري يأمر بالجلوس، وجلوس بطئ، وخروج للحراسة، واستدراة منه ودخان تبغه يصنع سحابة تحيط به هالة من القوة مع نظرات متفحصة وعيون تنتقل لهذا الوجه الثابت ليقول : حمدلله على السلامة يا دكتور..
بلغ حلقه قائلا بهدؤء وهو يتفحص رد فعله : اي في وجودك خالية من السلام ...
ابتسم وانزوت شفتيه : صدقت... انتصرت الفضيلة مرة... ودا مش عيب
وأكمل بقوة : ولكنها هتكون الأخيرة...
تمالك انفعاله وقال بهدؤء وهو يرفع نظارته بطرف اصبعه : كان المفروض اشوفها بتموت واقف اتفرج علشان تحدي...
نظرة جانبية وقال : انت كنت موكل بتنفيذ الأوامر.. مشاعرك دا تخزنها لمراتك مش في شغلي...
ليقول بصوت غاضب :بس انا مش ندمان...
ضحك بخفوت وعقد حاجبيه قائلا :.... موضوع الندم دا هنشوفه مع بعض...
جمدت ملامحه وابتسم الآخر قائلا : انا مش هازيك بس هخليك عاجز، انك تختار حل....
واجه وقال : كنت هتسفيد اي بيها...
ضغط جانبية على احد الأزرار وقال وملامحه مازالت علي نفس هيئة الرحيل : شرفت يا دكتور...
وعلي دخول الحراس، والتفتيش السريع، خرج برفقتهم... وعينيها تلفت للخلف إليه، الذي أدار ظهره.. وتدور الذاكرة سنوات مريرة، كانت محتجزة يبدو عليها التعب والإرهاق، عيون يسكن تحتها سواد الليل، وسلاسل قيدت يدها وقدمها واصابتها بالجروح ووجه شاحب ومتورم، شعر أصابه السؤء وجسد أصابه العجز، وسكون وهي تحاول أن تسكين أرضا، والآلام الحمل تفيض بها المزيد من العذاب، ليفتح الباب ويكشف بعض الظلمة عنها، ليكون هو وهي تنظر له بوجه عابس وبدون ملامح معينة... لينخفض لمستواه قائلا : اتربيتي...
عيون ترتفع لاعبي وتراه بسخط، لتتفاجا بيده تمسك بعنقها بعنف قائلا :د مش هتشوفيه يا وسام، مش هتشميه ولا هتتهني بيه، وحق اخويا هاخده من روحه، روحك هتفضل تتعذب باللي هعمله فيه...
و ألقاها أرضا بعنف، تأخذ أنفاسها بصعوبة بالغة وقال : ومتتعشميش في اهلك، مش هترجعي ليهم غير جثة....... صوت انبن توجعها، لم يوقفه..... وعند الهروب بمساعدة صفوان... عند الخروج، لم تمر ايام حتي رافقتها الآلام الولادة وصرخت من فرط الألم، سقطت تبكي وتصرخ وحيدة... عندما استدعي الطبيب كان متأخراً، ونقلت الي المشفي في وقت الضياع، وعند أفضل الأحوال تمت الولادة ورزقت بطفلة صغيرة، ولكن لم تراها فقد الوعي سريعاً، افاقت على وضع إحدي الإبر لها... لم تهتم وحاولت التعافي والاستقامة، طلبت صغيرتها رغم الإنهيار ولكن لحظات حتي ظهر طيفه، لم ترتعب، وفكرت جزئياً في الصغيرة، قاومت وهي تقف بميل وتستند على الحوائط فسقطت، ودبت الحرارة في جسدها بركان وحمم، وحاولت الوقوف ففشلت وأخذ التنفس يتراجع من محيط الرئة لتضيق عليها، لفظت بصعوبة آخر كلماتها وهو يقف على رأسها وهي تنزف دمعا من عيناها : عايزة اشوفها...
وعند تلك اللحظة حضرت الممرضة بالصغيرة، فحملها بالنيابة عنها، ونظرت له مطولاً في رجاء عندما أدركت الهلاك، رفعت يدها في عجز تستغيث ولكن نظرات ظلت جامدة لا تحيد عنها وسقطت يدها وتجمدت نظراتها وتوقفت الهواء عن التدخل وتجمد الجيد والعيون معلقة على حلم لقاء الصغيرة قبل الرحيل، نزف الفم معلنا أن السم كان اصل الدواء، نظر للصغيرة التي فزعت فجأة باكية بصراخ هيستري، وارفقها للممرضة قائلا : بلغوا أهلها.....
........... وتعلقت عينه على بكاء الصغيرة، ووقفت عينه عند يوم لقائها معرفا عن نفسه وأنه من صنع الحكايا واجاد اللعب بالقلم، وتصنيف الحكم، قال ولم يكذب، صنع ولم يخفي، واجه وقال من أكثر قوة فليقاوم...........................................................
..................................................
افاقت بتعب وسخط على اهمالمها، هي لا تنفي انها لا ترغب بالصغير، ولا تخفي رفضها لزوجها، علامات التوتر بينهم أقوى من ضوء الشمس الساطع، وصدم أخيها بقراره، اما فارس سكن وسط انفجار من أخيه علي عدم رده وصمته، وزداته والده ولكنه نظر لهم بشيء من الاستهزاء قائلا :خلصتوا.....
فهدر به أخيه : حرمة تجيب مجامنا الأرض...
ليرفع نظره قائلا : حركة وغلطت نربيها...
فهدرت وفاء قائلة : هو انت عاد لسا رايدة...
رد بهدؤء : مرتي
فاسثتغت بابيه :شوف ولدك ياسيد الرجالة...
لينهي والده الحديث قائلا : اللي في دماغك يا ولدي..
صعود لغرفته قائلا : الصبر يا بوى، الدينا سبع ايام..
.....................................
جلست بفتون بجوارها قائلة بلؤم : ارتاحي لما هتطلجي وبمشاكل يا حور ...
نظرت لها بهدؤء وهي تشاهد التلفاز : كله نصيب..
شكت بها قائلة : ناوية على أي يا حور...
أخذت تتناول بعض ثمرات الفاكهة قائلة : ربك ما يجيب شر.................. والتفت قائلة : هي فين هدير
قالت الأخري : حاسة انها وادهم مش زينين "كويسين" ....
أضافت قائلة : سيبهم على راحتهم يتشاكلوا ويتصالحوا....
سكن رأسها لاسفل بتفكير : بجالهم كتير يا حور، انا خدت بالي انه مش بيجي البيت كتير وبمشي من برا برا، ولا بيشاكلها ولا بيكلمها لما بيكون أهنه وحتي الحاجة الحلوة اللي كان معودها عليها من ايام الخطوبة مبقاش بيجبيها....
روادها بعض القلق :كدا الموضوع مطمنيش، شوفتي عليهم حاجة، حد من البنات سمع حاجة او شاف حاجة...
ردت قائلة : السميع هنا اطرش يا حور واعمي...
رفعت رأسها مدركة الحديث، نظرت للحديقة قائلة بأمل طفيف : لعله خير يا فتون لعله خير......
..............................................................
........
دخلت غرفة ابيها بهدؤء وتوقفت أمام الشرفة الجالس فيها، وقفت بجوار وانتظرت منه طلبه المهم للقائها.... نظر لها وهو يدير كرسيه : كيفك يابتي..
اخفضت رأسها وخصلات شعرها تحجب وجهها : زينة يا بوى
اكمل قائلا : من كدة مجتيش لابوكي...
شعرت بالخجل وقالت باسف : حجك عليا يا بوى..
وأكمل بدهاء قائلا : وحجك على جوزك بردك.... حاولت عدم فهم تلميحه، وقال لها بأمر بسيط : خلينا نكمل حديتنا جوا..... جرت كرسيه لداخل الغرفة وقال لها بلطف : اجعدي يابتي، فجلست على طرف الفراش، وحرك هو الكرسي ليكون بالقرب منه ورفع وجهها قائلة : شكلك مش زين... وبتكدبي..
تهربت قائلة : مافيش يابوى...
امسك بيديها برفق ونظرت له لتري عيناها تضيف باللين والحب قائلا : رايده يا هدير...
اخفضت وهزات رأسها بالإيجاب، فاكمل بهدؤء : عارفة يا هدير، لو امك فضلت سنين ريداني وانا مشوفتش بعيني دا ولا سمعت، عمري ما كنت صدقت، الأمور يابتي عندي غير الحرمة....
استمعت ونظرت أعطت له القبول، فاكمل : غلطتي صاحي، شك في أمر اثبتي عكسه، حسن نيتك بسكوته مالوش عايزه، جربي خطوة بالخير، هتلاجيها بلاد ياضيء العين.....
هزات رأسها بالإيجاب، وقط الشك باليقين :  والباب اللي يجي منه الريح، احرجيه يا هدير "احرقيه"
حاولت ضبط هدؤئها على تلميحه واجابت قائلة : حاضر يابوى، وقبلت رأسها قائلة : ربنا يخليك ليا...
وتوقفت برهة قائلة : هتعمل اي مع حور يابوى....
أدار كرسيه ليتوجه الي الشرفة مرة أخري : ترجع لصحتها ولينا حساب... متخفيش عليها...
وقالت بخفوت : تامر بشيء يابوى...
قال بلين : تسلمي يا غالية.....
...............................................................
..... أعدت له بعض الطعام وهي تنشد بعض النغمات قائلة : ياحبيبي يا اغلي من عينيا...
وأخذت تضع هذه وتضيف ذاك وسط رقصات ونغمات الموسيقي، لتتراجع وهي تنهي آخر الطبخة قائلة بصدمة : مالك... انت جيت امتي...
ابتسم قائلا : من اول العرض.
خجلت ملامحها وقالت : ثواني الاكل قرب يستوى... غير هدومك والاكل هيكون سخن وجاهز.....
فابتسم قائلا : هدخل اخد دش...
ودخل لحمام غرفتهم، وأخذت هي تجهز أطباق الطعام، وتأكدت من نوم الصغير، ودخلت غرفتهم قائلة : مالك، الاكل جاه.   وقطع كلماتها وقوفه ونصف جزعه العلوى عاري، وبه خدوش ذات تاريخ قديم، وهو يهيم في عالم آخر.... أخذت عنوة من الشجاعة فلامست احد الخدوش، فاتتفضت جسدها واستدار ليراها، فقالت باسف : مكنتش اقصد..، انا لقيت
قاطعها بشيء من الجمود والغموض : مش مشكلة، مش انتي السبب...
تراجعت خطوة وقالت : جهزتلك الاكل اللي بتحبيه.. وابتسمت ولكن لم تستطيع التمثيل لثوان ورحلت..... لحق بها بعد ثوان وضعت الطعام في طبقه  وأخذت تقلب في طبقها، فلاحظ ولامس يدها فانتفضت وقال : مالك سرحتي...
حاولت النفي ، فقال : هبقي احكيلك عنها بعدين...
وصمتت لبرهة وتذكرت بعض المعاملات الجافة بيدنه وبين ابيه وتذكرت قول سلمي أن هناك الكثير والأكثر قسوة يخفيه مالك داخله، وان داخل هذا الهواء إعصار وكهف من الظلمة.... لحظات قبل ان يستقيظ الصغير، فترحل له، وتهدهده وتطمعه الحليب الدافئ، فتفيق من الهدؤء على صوت حطام في الخارج، لتجد احد اغلفة الصور محطم، لتجده ليقول 0: سيبه هبقي اصلحه.......
.......................... يتبع....
" بإذن الله هنزل واحد تاني يوم الاتنين، معلش كتبته وسط امتحانات الميد.....

خطايآ المارد، الجزء الثاني من سلسة معزوفة العشق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن