الفصل الثاني عشر.. سباق..

789 23 3
                                    

الفصل الثاني عشر.. سباق..
أن لم تسر في سباق، وان لم تكن منافس أو منتصر، فاعلم أنك ميت........  
....................................
ناقشات بين العائلة، كادت تنتهي بالرفض، بعد رفض الجميع حسم الأمر، طلما هي قبلت به فتتحمل العواقب، علي مضض وافق الأب، وتم تحديد موعد لزيارته هو وأهله لهم....
ايام مرت وهدؤء سكن في المكان، وضع الفتيات الحلوى والعصائر، وىبت المكان وزين بلمسة هادئة، جلس الأب والعم والأم والعمة ... والله الأكبر كان يتوسط الجلسة، ليقول الابن حاتم بهدؤء : انا جاي انهاردة انا وأهلي عشان نتشرف بحضرتكم وعشان اطلب ايد الآنسة ترنيم...
لحظة صمت بين الحضور، ويدرس مالك الموقف جيداً وليقول : واحنا نتشرف بيك، طبعا يا حاتم، وطبعا طلما العروسة وافقت تشوفك يبقي موافقة عليك....، ونظر لعائلته قائلا : بس احب اسمع رأي الحج...
تغيرت ملامح وجه حاتم واخفض راسه أرضا، ليقول الأب : عايز تسمع اي مني...
ليحسم سمير الأمر قائلا بشيء من الغضب : انت جابيهم بالغصب ولا اي، لا انا بقولك اي الف غيرك بيحلم بقعدتك دي...
ليفضح الآخر سر غضبه مدافعا : و طلما هي كدا موافقين عليه ولا في الموضوع انة بقي...
ليوقف العم أخيه قصرا وهو يهدر بكامل جسده ويده تلوح في الأفق معترضة : قطع لسانك الف مرة، ترنيم، ترنيم....
كامن تراقب من بعيد أثر صراخهم تكاد تبكي، لتذهب إليه سريعا قبل تفاقم الأمور قائلة بانكسار :نعم يابابا...
ليقف قائلا ويقف الجميع : دي العريس اللي أنتي جابيها..
صمتت، اهتزت كيانها كله بانهيار، يحترق داخلها شيء ولكن ليس اخر حريق بل الأول...، ليقطع هو السكون مع الأخضر واليابس ويطيف بعبارات من جحيم : طلبه مرفوض، ولو دا آخر راجل في الدينا مش هيتجوزك...، وجه حديثه له بغضب : وانت اتفضل من غير مطرود يالا...
نظرة مواجهة علي مرايا محطمة منه ومنها، هطلت دموعها لم تستطيع الصمود وهو رحل منكسرا مع وعيد ابيه وقسم بنفس القسم ولكن عليها، عبارات تقال وعبرات تسيل والعزاء دائما لأقوى... هربت لغرفتها تبكي فتبعها الفتيات... ليتدركوا الأمر.....
...................................
برودة الأجواء، ذكرته بمهف روحه التي دفنت فيه، احب واصبح حبه ذكري، لم تكن خائنة ولكن الكذب لون من ألوان الخيانة، احب ان يزهر قلبه بعد جفاف أعوام، لم ينكر عند لقائه بطفل باسم استشعرت وحشة حياته ورغبته في طفل، عندما رحل في آخر مهامهم، وحديثه يحدث وقع الرنين داخله، يتكرر، عندما التقي جذبه دفء عينيها، أشرقت شمس أخري داخله، بات نبات يهرب من شتائه ويحارب لأجله ربيعه، واما هي فكانت أينما تحل تزهر، ولكنه لم يذق من الزهر الا اشواكه، واشواقه......... علي الطاولة أمام المرآة تصفصف خصلات شعرها ذات الليل الهادي، عيونها انتبه لشروده، توقف طفيف تبعه خوف من تصلب جسده على نفس الوضع، حاولت التجاهل، ولكن في ذات الوقت فزعت لاقترابه خلفها يقبل راسه بحنو قائلا : متزعليش مني... نظرت لشيء من الصدمة، يديها مازالت ملامحها على رسغها، لحظات قبل أن يغلق باب الجناح وصوته صداه يشدو : مستنكي على الفطار تحت.........
.........................................................
اجتمع الجميع وغاب هو، ترك لهم الأبيض والأسود، سكن في عالم آخر مع آخر بقاياها، باسم كان موضع الطرف، تلك القشة التي حطمت وتحطمت، هو المارد حتي بعد الغياب، ليهتف الجد : يعني خلاص هترجع لخطبيتك...
أجاب حمزة بهدؤء وهو يقوم بتناول إحدي شطائر المربي :هنشوف...
لحظات وانضم لهم اخيرا فاضل ليضيف بسخرية : صباحية مباركة يا عريس...
ليجيبه بثبات : عقبالك يا حضرة اللواء...
لقترب منه ويهمس قائلا باستهزاء : علله نشوفلك خلف...
تجمدت ملامحه ثوان ليقول بنفس الثبات وتنفسه ثابت : متخفش مش هقتله شبهك...
وعلي ذكر القتل، أتت آخر ذكرياته، وسام نهاية القصة وبداية الحجيم....
عيون مشتعلة التقت بجدها الذي قال : خلاص مسافرة
هزت رأسها وقالت وهي تضع بعض الطعام في طبقها : هاخد فترة هدؤء اولا....
ليضيف قائلا : وخلاص اتطلقتي...
لتقطع باقي الحوار بشيء من التهكم : حصل...
وأضافت بسؤال قائلة بشيء من الألم وانفاس نازفة : لو كنت قبلت الطلب، كنت وفرت كل الحرب يا جدي...
ليسكن ثوان قبل أن يضيف لملامح الراحلة وروحها الحية التي تشبعت بها الباقية حد الامتلاك، حتي خفق القلب ونظرة العين، تملكه من رحلت بدون موعد : بعض الطلبات زى الكفر، حق وظلم يا وسام...
نظرة متصلبة، ثم ثورة تداخلت مع قوة الأنفاس قائلة : ومش كل الحروب مكسب يا حسان بيه ......
.... أشارت بتحية له وهي تضع يدها على مقدمة رأسها وتمدها، وتتراجع للخلف راحلة، وفي الخلف الواقفة تابع خيال الصورة وهو يتحرك ويواجه ويرحل، خطواتها التي تبدو ثابتة ولكنها لم تكن إلا اهتزاز وغرق، لم تعش الثبات يوما ولكنها استطاعت أن تشعره لغيرها........ وان لم يكن النصر، اجعل من هزيمتك دورس.................
..................................
يوم واثنين وثلاثة، قامت الثورة وبأن بداية فارس ومحاولة قهرها المثلي، فثلما وقفت وطلبت الرحيل ثم تعود راكعة في محرابه، هو من عملها الحب ومن أجل الحب خلق الكذب، ولنري من الأقوى، جلس الرجال من العائلتين ووسطهم وسيط تم اختياره فيما بينهم وكان الشيخ السلام كالعادة، ليحكم ويقول : اشربوا الشاي يا رجالة، نورتوا الدار...
ليهتف عثمان بالنيابة عن ابنه في موضع الصامت ولكنه يتحدث بعنيه الف لغة :  جايلنلك بالحكم.. يا شيخ... ليتم توزيع الضيافة عليهم، ثم يوجه سلام حديثه للجد والوالد ويقول : من زمن ولما حصل بينكم وكبار الشيوخ اتحكموا الغلط كان من عندكم يا يوسف يا ولدي، ولأجل الخلاف عائلة السليمانية مرضتش غير بالنسب، احنا رضينا وانتم اخترتم واشترطتم وفي الاخر اختارنا حور ، وكانت وجتها لسا بنت امبارح، ولو تذكر جولنا أن النسب لسالف الدهر، أو موت حد من الاثنين، أو لو حصل زلاج واستحالة العيش أو حبيتوا ترجعوا بنتكم، لو خلفت الولد يعود لابوه ويكون ملكه وأمه تزروه وجت ما تحب وترغب.... ووجتها كلنا امين...
ليهتف احد رجال العائلة الأخري : الظاهر يا شيخ حديت الليل حلو ومدهون بزبدة والصبح يسيح...
ليهتف إيهاب غاضبا : مش رايدين نسمع حديث حريم وسط الرجالة...
ليهتف الجد : إيهاب، ميصحش العيبة تطلع مننا..
ليهتف جد فارس بهدؤء قائلا : العيبة طلعت منكم، زمان يا شيخ وانتهت...
لتكون عين الشيخ خير جواب وهو يرد بكل قوة يشملها الهدؤء : احنا دافنينه سؤا يا ولد العم... وان كنت نسيت افكركم، بس دلوك مش وجته
ليضيف الشيخ سلام قائلا : صلوا على النبي يا جماعة مش كدا، الحل دلوك.. لا بتكم ترجع لجوزها، أو تطلج وولدهم يرجع ليهم بعد الحبل..........
........... لحظة سكون ليهتف فارس من وسط الجموع : انا عاوز ولدي، اما بتكم مش رايدها وطلجها هيكون يوم ما أخذ ولدي، يكمل قائلا موجه حديثه للشيخ : عن ازنك يا شيخ....
ليشمل رحيله وقوف الجميع في صدمة ماعدا الجد المتوقع هذا، يأثر الرجل لكبريائه ولو حطم كل قبيلته وبنيه وثلثي أملاك الأرض، فما بالك لو كانت التضحية بجزء من قلبه، فليسقط القلب ومعبده والعشق والعشاق أجمعين............
....... ليقع الخبر علي مسامع العائلة في حالة صدمة، وتتجمد حور لحظة قائلة وهي تهبط لمستوى ابيها :  ولدي مش هياخذه يا بوى، محدش هيمس شعره واحدة منيهه...
ربتت هدير على كتفها بحنو قائلة : اطلعي ارتاحي ويحلها ربك... لتبعد يدها عنها بعنف قائلة : لع، لا انا تعبت من السكوت، كلكم ساكتين وكل دا لأجل مين، لوسام اللي بسببها وسبب أهلها كلنا اتزينا، منا اللي اتيمت زى عطر واللي اترمل زى رضوانة وانت يابوى اتشيلت وولدك يا عمي انجتل غدر واخوى كمان كان هيكون كبش فداء وكلنا انحرمنا من جزء من حقوقنا وكمان في الأمان سنين، وكمان انحرم لا، لا يابوى، لو انتم مش جادرين تعملوا شيء انا أجدر، احمي ولدي وحالي، لكن مش هجدر ادفع طول عمري ادفع عمايل واحدة فاجرة غوت عمي....
صفعة جمدت روحها وكيانها منه، حديثها زاد عن المسموح، لحظة استوعبت فيها أن تلك اليد التي تمدها دائما بالحنان والعفو، هي من سخطت وقطعت سبل الرحمة عنها، تسعة عشر عاما كانت تخبئ بينهم من كل شيء، حتي من غضب أخيها، عيون تلاقت مع صمته وغضبه، رحلت راكضة ووباكية لحقتها الأم والأخت والصاحبة ليهتف هو لوالديه : راحوا علي مصالحكم............
وحرك كرسيه وانصرف عنهم.................
..................
عودتهم اليوم مبكرا بناء على طلبها، فهو يقحم حاله في العمل وكان مستأجر من العناء، لتقول : بقالنا كتير مقعدناش مع بعض بسبب شغلك...
ليهتف هو بتساؤل : بداتي النظام صح...
لمعت عيونها ويدها تخلخلت خصلات شعرها قائلة : شوية بشوية، انا خلاص هحضر الماستر....
ابتسم قائلا وهو يداعب خديها : حبيبي الشطور، ويكمل بعملية : عن أي بقي
لتجيب بكل هدؤء وهي تشير بطرف الإصبع لراسها : لسا بفكر... بس انت بتشتغل جامد كدا لي مقولتكيش، انت مش بتقولي علي حاجات كتير
زينت الابتسامة صغره وحلمه يضيء في الأفق : اللي عايز يكون الملك مش لازم يكون معاه اتباع
عيناها تبحث معلومات أكثر في ملامحه : تقصد اي
ليقبلها على رأسها بحب قائلا :الحلم عشان يفضل حلم لازم يكون سر... يالا حضري لينا الغداء وانا هغير هدومي ..
ومع آخر كلماته قالت الخدامة : دكتور مشيرة مستنية حضرتكم تحت
ليكمل داخله في عبس : كملت......
.....................
أصابه مضاعفات، والتهب جرحه، باتت حالته سيئة، علي الفور حضر الطبيب وبدأ في تقييم حالته والفحص، وفورا مزق كل الاغلفة الطبيبة والاقطان المحيطة بالجرح وبعث احد الرجال الحاضرين ببعض الأدوية والمحاليل الطبية والابر، جسده يلتهب ويسأل الطبيب بين عمله : حالته ساءت كدا امتي
لتجيب لوجين بشيء من الخوف : معرفش، هو بس قال إن حابب يرتاح، بعد كام ساعة لقيت حالته كدا
ليفطن الطبيب لحالة مريضه الكتوم في مرضه، اسؤء حالات المرض التي تقابل طبيب، يريد قتلها لولا القسم وشرف المهن والصبر وكل الشعارات... ليكمل :الممرض ملاحظش حاجة غربية علي الجرح
هزت رأسها بلا وقالت بوضوح يشبوه توتر : مبلغنيش بحاجة
وفي الجوار ام تراقب بغضب وغيرة وحيرة وخوف، تحملها كل ما يحدث ولكنها غير قادرة بالنطق في وجود الجد، تعلم ما يسكن في قلب صغيرها لأجلها ولكنها لا ترغب فيها، أمس رحل ابيه بفرط الحب، تال الغضب والعقاب بسببه، ذهب ولم يعد واليوم نفس السبب يقف على أطراف الأبواب امام طلفها حتي في ظله، وان أصابه سوف تهلكة من جحيم الخوف، ومن أجل السلامة لابد من بعض التضحيات أولها هي.... إذا لزم الأمر...
فإذا كنت قادرا تخيل دائما أن هناك وكر يحيط بك سيكون القاضي.... والمعذب.......
طلب الطبيب مساعدة، فكانت بجواره، وهو ينظف الدماء الفاسدة محل الجرح، وهو يصغظ ويؤلمه والآخر يتوجع صامتا، وعيناه تنطق بالف توجع لا يخرج عنه برفض، ضغطة أخري، خرج منه تاوة أوجع قلب والدته ولكنها ثبتت، ورعشة خفيفة دبت في جسده اوصاله، أمسكت يده تطمئنه قائلة بهدؤء ولطف : اهدي خلاص قرب يخلص، مافيش حاجة...
ضغطة أخيرة وتنظيف بواسطة مطهرات ذات مفعول قوى، واخيرا آتي المسكن لحظات وغامت عيناها في الأجواء وسكن بين الوعي والشرود التام والغياب، خرج الجميع مع الطبيب بعدما دثرت الآخر بدفء الغطاء، ليكون هناك حالة التعب حلت بالطيبيب وهو ينهئ عمله، فيرفع نظارته قائلا : هنخليه هنا لحد الصبح ولو الحالة ساءت هنقله مستشفي فوراء...
طعن الإبر في جسده في إتقان، ثم المحلول...
وأوضح بعض التعليمات للصباح ورحل، مبلغاً أن أي حدث يجب إخباره فورا، ورحل وهبط الجد وهبط الجميع معه أمرا، وتركوا هذا المريض لها، بعدما عرض عليها الجد الإتيان بممرض ولكنها رفضت، فهي أعادت على حالة مرض ابيها مسابقا وهو لم يكن اسؤء من مريض قلب مزمن اشتاقت له ولكن مازال غاضب منها........ ........ فهل تملك الشجاعة لإصلاح الخطأ مرة، اما هي اعتادت أن تكون الحياة لعبة، وتكون يوما هي أحد الألعاب....
................
محاولة تعويض لها عما حدث سلفا، عشاءها المفضل ووعد بالمحاولة مرة أخرى مع العائلتين من قبله، فتح غرفتها هو زوجته، لتنادي زمزم قائلة : ترنيم، فينك ، ترنيم....
غرفة خاوية على عروشها ثيابها في محلها... وضعت الطعام وبحثت عنها مجددا في الشرفة، ونظرت له بخوف وقال مالك : هي نزلت امتي انهارده
أجابت بسرعة : لا منزلتش خالص....
وتدقيق صغير ليجد ورقة أتت بها الرياح التي هبطت من خلال الشرفة، مكتوب فيها بكل جبروت وطغيان : انا مشيت...
لتتراجع زمزم بفزع وهو يقول بصدمة ووالدته خلفه : ترنيم هربت...
يتبتع

خطايآ المارد، الجزء الثاني من سلسة معزوفة العشق حيث تعيش القصص. اكتشف الآن