الفصل السادس عشر - ديافالوس

128 11 10
                                    

هل تهرب، ام تصرخ، ام تعود ادراجها وترحل
كان الاختيار صعب ولكن لم تفعل سولى ايا مما سبق، فقد جمدها الخوف، وكأن احدهم قد اغرقها بمياه مثلجة، لم تشعر بقدماها ولم تقوى على اخراج اى كلمة

"هل اضعتى طريقك يا صغيرة" قال هذا الكائن مبتسما، وقد جعلته الابتسامة يبدوا اقبح، حاولت سولى السيطرة على رعبها، حاولت تذكير نفسها بأنها اقوى
""لا تخافى"" جاء صوت اروجانز فكبحت سولى رغبتها فى لعنه، وتمنيت لو تبادلا الادوار فتشاهد هى ذلك الكائن من الكواليس مثله، بينما يواجه هو ذلك المسخ
"ماذا تكون" اخرجت سولى الكلام بصعوبة، حاولت اخفاء رعبها وصوتها المهتز
"عندما يرانى البشر يصرخون، يبكون، يهربون او يطلبون منى ان اعفوا عنهم، فلماذا لا تفعلين مثلهم يا صغيرة" قال الكائن واضعا قدم فوق الاخرى
نظرت سولى لقدميه، فكانت سوداء وتشبه ارجل الصقور، اظافره مذببه وقذرة . . . ومخيفة
"كيف ازيل اللعنة" سألت سولى موجة نظرها لأسفل، فعيناه كانت تبث الرعب بقلبها
"اسألتكى مباشرة للغاية، ولكنى لن اجيبكى وحدك"
رفعت سولى رأسها فلم تفهم معنى ما قاله، وجدته امامها مباشرة، بينه وبينها بضع سنتيمترات
شهقت سولى وحاولت التراجع ولكن لم تستطع، بقوة ادخل هذا المسخ يده بقلبها، صرخت سولى من الالم واغمضت عيناها
شعرت بأصابعة تلتف حول قلبها، شعرت به يعتصر قلبها وايقنت ان لا مفر من الموت الان، على الاقل لن تعيش طوال حياتها تعانى من الكوابيس . . هكذا ظنت
فتحت عيناها ببط، وجدت نفسها فى المعبد تنظر لصفوف من الكهنة بعضهم يحمل كتب ويتلوا صلوات وبعضهم يحمل سيوف ويلتفون حول النجمة، كلهم فى وضع الاستعداد لهجوم
فى احدى الاركان كان اروجانز ملقى على الارض وهو ينزف، وبجانبه كبير الكهنة يحاول ايقاظه
حاولت ان تتحدث، ان تصرخ، ولكن لم يخرج صوتها، نظرت لأسفل فوجدت الارض بعيدة عنها، والدماء تغرق الارض حولها، وانعكاسها كان مخيف
كانت تطفوا، ونور اصفر يخرج من عينيها وفمها، لم تكن تتحكم بجسدها، وكأنها حبيسة بداخل جسدها

"انتم جميعا اغبياء" كان الصوت يخرج من فم سولى ولكن لم يكن صوتها، بل صوت ذلك المسخ ذو القرون
"اتظنون انه يمكنكم ان تخيفونى بما تفعلون، كم انتم حمقى ساذجين"

"ماذا تريد لترفع عنا اللعنة" قال الكاهن الاكبر وهو يقف على قدمية "فقط اخبرنا يا ديافالوس"
شعرت سولى بفمها يبتسم "كدت ان لا اعرفك ايها الكهل"
"اخبرنا كيف نرفع اللعنة" قال الكاهن وهو يتصبب عرقا
"انت تعلم ان تلك اللعنة انا من صنعتها، على ان اعترف كانت افضل اعمالى" ضحك ديافالوس بصوت مرتفع
"نحن نعلم ذلك" قال الكاهن والضيق يملئ وجهه

"كيف وصلت تلك الهيميرا الضعيفة الى هنا، انها هشة من الداخل لم اتوقع ذلك، ولكنها ستفى بالغرض، سأعطيكم اسبوع لتحضيرها هى ومرشدها الابله وتأتون بهم هنا مجددا"

"لأى شئ نحضرها؟" قال اروجانز محاولا الجلوس، اسرع الكاهن الاكبر لمساعدته بالنهوض
"لتكون لى يا ابله، اتظن ان هذا القط المريض الذى ذبحتموه سيفى بالغرض، لأزالة اللعنة يجب ان يتم التضحية بك او بها يا عزيزى، يجب ان يضحى المرشد بروحه، على الهيميرا ان تذبحه. او ان تضحى الهيميرا بنفسها الخ الخ انت تعلم، انا حقا لا أهتم ولكن هكذا تنتهى اللعنة وينتهى اريز"
"ماذا سيحدث لمن يمت" سأل اروجانز محاولا ان يتصنع الثبات والجرائة
"سيكون معى، سأحرص على استمتاعه فى الجحيم حيث امكث" ضحك ديافالوس مستمتعا برؤية الخوف على وجوههم
"سأنتظر للاسبوع المقبل، سأكون هنا بداخل المعبد، الان لياتى المسعفين، فتلك الهيميرا حتما ستعانى من استحواذى على جسدها الصغير"
قال ديافالوس هذا ثم سقطت سولى الى الارض، واصبح جسدها طبيعيا لا يشع بالانوار
حاول اروجانز ان يدخل الى النجمة ليساعد سولى ولكن الكاهن منعه "عليك ان تنتظر، قد يكون موجود، انتظر الى ان تخرج هي" امره الكاهن
رفعت سولى رأسها ببطء، الدموع تنهال من عينيها، بدت وكأنها تحارب لتتنفس . . وضعت يدها على قلبها وبدئب بالصراخ

دفع اروجانز الراهب بعيدا واسرع الى جانب سولى، ازاح يداها عن قلبها فوجده عبارة عن كتلة زرقاء، ملئ بما يشبه الكدمات . . . وكأن احدهم قد اخترق قلبها بالفعل
كانت تبكى وتصرخ وتستنجد بأروجانز، ولكن اروجانز كان يبكى هو الاخر ويصرخ على الكهنة ليحضروا مسعفين
"لا تقلقى ستكونى بخير، سيختفى الالم الان لا تخافي" ظل اروجانز يردد وهو يأبى افلاتها من بين يديه، ولكن كان الالم شديدا عليها
احست سولى وكأن جسدها يتم شده على عجلة تعذيب، وكأن اطرافها تتقطع وقلبها ينتزع منها. كان الموت قريبا جدا ولكنه بعيدا عنها، كأن العالم يعلم ان الموت راحة لها، ولكن الراحة ليست من حقها

فى النهاية فقدت وعيها من شدة الالم

"فلنضحى بها" قال الكاهن لأروجانز، كان كلاهما يجلسان بالمكتب بعد ان اطمئن اروجانز ان سولى حالتها مستقرة بغرفتها والممرضات معها
"كيف يمكنك ان تقول هذا بعد كل ما قدمته سولى لنا، كيف يمكنك ان تكون انانى لتلك الدرجة" قال اروجانز بغضب
"لا يمكنك ان تتخلى عن رعيتك يا اروجانز، لا يمكننا ان نضحى بك، هى غريبة عنا، لا مكان لها هنا" كان الكاهن على وشك ان يكمل ولكن قاطعة اروجانز
"هل انت تهزى ام هل اصبت رأسك؟؟، كيف تقول هذا الهراء بوجهى"صاح به اروجانز منفعلا
فلم يعتقد اروجانز ان سولى غريبة ابدا
"انا اخبرك الصواب، لنضحى بها على للاقل لن تكمل حياتها محاطة بكوابيس تؤرقها"
"اذن لكى انقذها من كوابيسها، اجعلها تعيش بالجحيم لكى تتعذب الى الابد أليس كذلك؟ هل انت بوعيك؟ هل تدرك ما تقول؟؟" صرخ اروجانز فصمت الكاهن
كان اروجانز يتنفس بصعوبة، ولكنه استعاد رباطة جأشه سريعا، اخد نفسا عميقا وسأل الكاهن " من اين تعرف ديافالوس؟"
"ماذا تقصد من اين اعرف، من الكتب بالطبع" قال الكاهن وهو ينظر للجهة الاخرى، حينها تيقن اروجانز من انه يكذب
"اللعنة، اللعنة عليك ايها الكاهن المنافق، كيف تكذب وقد تعهدت ان تقول الحقيقة قبل ترسيمك ككاهن" صاح به اروجانز بغضب واكمل "اخبرنى الحقيقة الان والا اصدرت امر بأعدامك، وصدقنى لن يكون الامر صعب"
نظر الكاهن له الان مبتسما، رجع للخلف بكرسيه وقال "انت قادر على ان تصدر امر اعدام لى، الكاهن الذى ساعدك لتصبح انسان ورباك منذ ان كنت طفل، ولكنك غير قادر على اصدار نفس الحكم على فتاة ظهرت فى عالمك منذ عدة شهور . . الست انت المنافق هنا يا بنى؟" تنهد الكاهن ثم اكمل "ولكنى ساخبرك، لأنى لا اهابك انا فقط كنت اريد ان احميك من الحقيقة. عندما كنت انا صغيرا كنت متعطش للمعرفة، ولكن لم يكن هناك الكثير لمعرفته، فقط الكثير من الاسألة ولا احد لتطرحها عليه، حاول الكهنة الصلاة ليزودهم الرب بالمعرفة ولكن على ما يبدوا لم يكونوا صادقين بصلواتهم، لقد كانوا خائفين من المعرفة يا بنى، مع المعرفة تأتى مسؤلية ثقيلة. لذلك استدعيت ديافالوس ليساعدنى، كان استدعائه صعب لأنه اكبر امراء الجحيم، ولكنى تمكنت من ذلك، استطعت ان احصل على ما اريد" صمت ،الكاهن للحظات، بدا وكأنه يسترجع ما مضى ثم اكمل "اخبرت كبير الكهنة حينها عن ما قاله لى ديافالوس واخبرته اننى قد رأيت كل شئ بأحلامى، وقد صدقونى"
"ماذا اعطيته بالمقابل؟" سأله اروجانز متوترا "ماذا اعطيت ديافالوس اخبرنى"
اشاح الكاهن بنظره بعيدا ولم يجيب، فصاح به اروجانز "اخبرنى بحق السماء ماذا فعلت"
"كانت المعلومات كثيرة يا اروجانز، لم يكن بيدى خيار" قال الكاهن كأنه يترجى اروجانز ان يصفح عنه
"اخبرنى، فقط اخبرنى"
"اعطيته عائلتك" قال الكاهن ونظر بعيدا، نظر له اروجانز غير مصدق، لقد قتل البشر عائلته
"هل . . هل . . هل تمازحنى؟" قال اروجانز متجاهلا الدمع على وجهه
طوال حياته كان الكاهن يمثل عائلته الوحيده، كان هو من يرعاه ومن يهتم به، لم يتخيل اروجانز يوما ان شئ كهذا سيكون ممكن

Solyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن