الفصل السابع - المرض

332 21 0
                                    

كانت الايام بعد ذلك عبارة عن جحيم، اصابتها حمى شديدة، وكانت كلما تنام ترى اريز بأحلامها فتجد نفسها تستيقظ وهى تصرخ، قد يصل الامر لعدة مرات فى اليوم الواحد، كانت تشعر وكأنها تغرق وتبتعد عن العالم الحقيقي وتنغرز فى احلامها المريرة المليئة بملاحقات اريز لها.

كل جزء فى جسدها كان يؤلمها، كان تريد ان يتوقف الالم، ولو حتى لعدة دقائق فقط، ولكن كان الالم يزيد ويتضاعف.

كانت سولى الضعيفة الهزلة، تفقد نفسها بين الحمى والكوابيس والالم المصاحب لكل ذلك يوما بعد يوم، لم تستطع ان تستعيد وعيها، لمدة اسبوع كامل، الى ان فقد اروجانز صوابه.

كان كل يوم يستيقظ على صوت صراخها، جاء لها بالعديد من الاطباء فلم يفلح شئ، وكأن ليس جسدها هو سبب ما يحدث لها.

فقد اروجانز الامل فى الاطباء، واضطر فى نهاية المطاف ان ياتى بالكاهن الاكبر . . . وقف اروجانز مع الكاهن عند باب غرفتها، الكاهن كما هو يملؤه السكون وتحيط به هاله من الوقار، واخبره اروجانز كيف هى حالتها ففاجئه الكاهن بضربة على قدمه بعصاه.

"لقد اوصلتها لتلك الحالة والان تطلب منى المساعدة؟ اه يا لك من وقح يا اروجانز." قال الكاهن بسخرية.

"لم افعل شئ، هى السبب تلك المعتوهة." قال اروجانز متألما.

"اصمت واتبعنى، وسأريك فيما اخطأت فيما بعد." دخل الكاهن الغرفة حيث كانت سولى فى سريرها، كانت قد فقدت الكثير من الوزن، المحاليل معلقة بذراعها، شعرها الاسود الطويل فى فوضى حول رأسها، كانت متعرقة ويبدوا عليها المرض الشرير.

وضع الكاهن يده على راسها واستشعر حرارتها، "بالطبع لن يجدى الدواء معها، لأنك أحمق، لا تبحث عن السبب الحقيقى وتعالجه."

لم يفهم اروجانز ما قاله الكاهن تمام "اى سبب؟؟"
هز الكاهن رأسه فى خيبة وامل، واخرج امبوبة صغيرة بها سائل شفاف، وضع اربع نقاط منها على رأس سولى، ثم وضع يده فوق رأسها وبدء بالتحدث بكلام غير مسموع.

وقد بدء التغير يصبح مرئ على سولى، فأستطاع اروجانز ان يرى الدماء تجرى فى وجهها مجددا.

بعد ان انتهى الكاهن سأله اروجانز "ماذا كان بها؟"

"كل هذ الصراخ ومازلت لا تعلم؟ انه اريز يناديها." قال الكاهن، وبعد رؤيته وجه اروجانز الذى اعتلاه البلاهة وعدم الفهم شعر الكاهن بخيبة امل كبيره واعتراه الغضب "اروجانز انا كاهن، والكهنة يستطيعون التحكم بعواطفهم، ولكنى ارغب بضربك فى كل مرة اراك بها، اعلم انك الاخير من عائلتك لا داعى لتذكرنى، ولكن هذا لن يغفر لك، هل نسيت ما هو واجبك كأخر فرد؟! توقف عن لعب دور الابله، ركز، وقم بعملك." صرخ الكاهن به.

اصبحت ملامح اروجانز اكثر جدية فتنهد الكاهن وحاول استعادة هدوئه ثم اكمل "بينها وبين اريز رابط، وهو ما جعل اريز يناديها، حتى اثناء نقله الايام الماضية لم يتوقف هو الاخر عن الزئير . . . لقد بنيت حائط فى عقلها ليفصل بينهما، ولكنه اضعف من ان يستمر فالمدى الذى قد تصل اليه قواها غير معلوم، قد تبدوا ضعيفة لكن هذا ليس بمقياس، يجب ان تدربها سريعا، فكلما اصبحت مضطربة كلما اصبحت مشاعرها فى حالة فوضة وازدات النوبات." انهى الكاهن كلامه وذهب . . . تاركا اروجانز واقفا مكانه.

كان اروجانز مشتتا، لم يرد ان يصدق انه جزء من ما تمر به سولى، ولكنه ادرك انانيته 'ما كان يجب ان اقول ما قلت' اخذ يردد ويلعن نفسه.

سمع صوت سولى تأن، فدخل الى غرفتها سريعا، جلس بجاورها وراقبها بحرص وهى تتحرك.

"هل انتِ بخير؟ هل تحتاجين شئ؟!" قال اروجانز بهدوء.

"هل اِصابتك بخير؟" سألته بمجرت ان ثبتت عيناها عليه.

اتسعت عيناه بدهشة، فبعد كل ما قال اصبح شبه متأكدا انها تمقته، واخر شئ قد تهتم به هو اصابته
"لقد شفيت منذ زمن، حان دورك لتستعيدى عافيتك." اخبرها وهو يساعدها لتجلس . . امسك ذراعيها وساعدها على النهوض، فأحس وكأنه يمسك بعظامها مباشرة، كانت ضعيفة جدا.

"تحتاجين لان تأكلى، ثم نرى بعدها كيف سنتدرب."
وهكذا لمدة قد تصل لأكثر من اسبوع، اهتم اروجانز بتغذيتها حتى استعادت قليل من وزنها.

فى تلك الاثناء كان اروجانز يخبرها عن هذا العالم وتاريخه، يخبرها عن الهيميرا وقرب مكانتها من كونها مثل الالهة، اوضح لها ان الهيميرا تستطيع القضاء على هذا الكون وايضا احيائه، وكل هذا يعتمد على عدة خطوات يجب القيام بها، فقط الهيميرا تعرف تلك الخطوات.

"ولكنى لا اعرف اى شئ." اخبرته سولى متحيره، كانوا فى غرفتها، هو على كرسيه وهى على سريرها جالسة، بين يديها كوب من الشاى الساخن.

"اعلم ذلك، هنا يأتى دورى، انا ومن هم من عائلتى فقط يستطيعون تدريب الهيميرا، سأعلمكى كيف تركزين على ما بداخلك من قوى لنخرجها، ونعرف ماذا يجب ان نفعل."

نظرت له، عيناها مليئة بالاسألة، ولكنها لم تنسى كلامه، لم تنسى كيف يكره من يطرحون الاسألة.

"تستطيعين السؤال، اعلم ان لديكى العديد من الاسالة، هيا سأجيبهم." نظر لها مبتسما، فأنتهزت فرصتها.

"اين عائلتك؟!" سألته، وعلمت انها اخطأت بهذا السؤال بأختفاء الابتسامة الى كانت على وجهة، وكأن هذا السؤال كان مثل وقع السهم على قلبه.

كانت ستغير الموضوع عندما تحدث فجأة
"عائلتى . . . عائلتى قد قتلوا جميعا يا عزيزتى." انهى جملته بابتسامة، لم تكن ابتسامة عادية . . . كم من الالم تخفيه تلك الابتسامة؟ . . تسائلت سولى.

Solyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن