"كيف حدث ذلك؟" سألت سولى، كانت تدرك انه ما تفعله لا يصح، وكانت تدرك انه ان اخبرها ان لا شأن لها بذلك فله كل الحق، فمن سيحكى ماضيه لشخص غريب تماما؟، ولكن رغم ذلك تنهد واخذ نفسا عميقا وتحدث.
"من فترة بعيدة، بعد ولادتى بفترة قليلة . . . قيل ان اريز قد تحرر، كانت ذلك غير صحيح، ولكن الخوف جعل الشعب يجن، وكان هناك اشاعة، لا نعلم من اين اتت ولكنها انتشرت بين الشعب، تقول ان فقط عائلتى هم من يستطيعون ارجاع اريز. فقرر الشعب انه ان قدموا افراد عائلتى كقرابين لأريز فلن يدمرهم وسيتركهم، وقد كان . . " نظر اروجانز للكتاب الذى كان بيده، لم يشعر بشئ . . لم يعد يشعر بشئ، لقد درب نفسه جيدا
تنهد واكمل "اخرجوهم من المنزل القديم وهددوهم، قيل ان ابى قد حاول اقناعهم بالكلام ولكن لم يسمعوه، لم يكن بمقدورهم السماع . . كان الخوف قد اعمى بصيرتهم وعقلهم. اخذوهم الى احد المعابد التى يتم عبادة اريز بها وذبحوهم، وكنت الاصغر فأبقونى للنهاية، ولحسن الحظ جاء الكهنة قبل ان يأتى دورى وانقذونى."
تذكر اروجانز اولى ذكرياته، كانت كلها وسط الكهنة، عاش وسطهم، فلم يأمنوا عليه وحده فى العالم.
كم من المرات حاول الناس قتله، كم من المرات اصيب بأسهم من حيث لا يعلم، حتى دراسته لم يكملها كان الجميع يكرهه معتقدين انه لعنة . . . ان بموته سيكون خلاصهم، ويال سخرية القدر . . قد اصبحت اللعنة هى الحاكم الان."هل تم معاقبتهم؟" سألت سولى وهى تشعر بدمائها تغلى.
هز اروجانز رأسه نافيها، فسألته مجددا "انت رئيس البلاد الان، هل عاقبتهم؟"
فأبتسم وقال "لا يمكننى فعل ذلك، يسمى اسائة استخدام السلطة، وحقا، لولاهم لما كنت ما عليه الان." وكان محقا، رغم ان لهيب الانتقام يأكله حيا يوما بعد يوم، ولكنه لا يستطيع.
كان اروجانز يبتسم، وعيناه الرماديتان لا تظهران مشاعر اطلاقا، ولكن نبرة صوته وطريقة كلامه كانت مؤلمة، ابتسامته كانت كاذبة، فالمرء لا يستطيع اخفاء الالم، مهما حاول الانسان كان لابد من ان يجد الالم مخرجًا
"هل عائلتك تمتلك نفس الاعين؟!" سألته سولى، فأومأ برأسه "تلك هى علامة ال ميتوس، الاعين الضبابية، فقط لونها مختلف لا شئ اكثر."
"ان لونها لطيف." قالت سولى، فرغم ان اعينه ادخلت الخوف الى قلبها فى مرحلة ما، الا انها حقا جميلة عندما تنظر لها جيدا، كانت تلائم ملامحه الهادئة، لم تستطع سولى تخيله بأعين الوانها مختلفة او تخيل اى احد بمثل هذه الاعين، كأنه خلق لهذه الاعين فقط.
رفع اروجانز حاجبيه وقال "يخبرنى الناس انى مخيف، او انى بشع، او انى مثل الاشباح، او اننى قبيح والعديد والعديد من الاشياء، ولكن جميل هى احد الصفات التى لم اسمعها بحياتى يا سولى" انهى كلامة وضحك، فأبتسمت سولى، فرؤيته يضحك جعلته جميلا اكثر، مما جعلها تدرك انه نادرا ما يضحك عفويا بهذا الشكل، فكلما رأته كان غاضبا، او كان يضحك بسخرية ليغضبها.
"الان، ماذا عنكى؟ كيف هى عائلتك؟" سألها اروجانز، ورغم انها كانت خائفة من ان يسألها هذا السؤال، الا انها لم تستطع ان لا تجيب فقد اخبرها عن عائلته بالفعل
"سأخبرك ولكن لا تحكم على، ان القصة طويلة جدا، لذلك اخبرنى ان شعرت بالملل او بالضيق، سأتوقف.""اعدكى" قال اروجانز واسند رأسه على يده.
تنهدت سولى " انا حقا لا اعلم كيف اشرح لك بدون ان ابدو شخصا حقيرا، لذا فلن احاول، لقد تركت المنزل . . هربت منهم، كانت عائلتى حقيرة على الاقل بالنسبة لى، كرهتهم جميعا منذ طفولتى. لم اتحمل هذا العذاب . . كان ابى احمقا، وكان يكرهنى، كنت الطفلة الثانية وفى اعتقاده اننى سبب ضائقتهم المالية وانه كان يجب ان يكتفى بأخى الاكبر، وكذلك والدتى . . كانت تفكر مثله تماما او ربما كانت تمقتنى اكثر لا اعلم، حتى بعد ان كبرت وبدئت بأعالة نفسى لم تقل كراهيتهم لى بل طالبونى بالاموال التى انفقوها بسببى . . . لم تكن الحياة هادئة، ولم اشعر ابدا بالامان بهذا المنزل.
هل تعلم عندما تكون صغيرا وتكسر كوبا دون قصد، انت لا تدرك ان ما فعلته هو شئ خاطى، فيفاجئك والداك باللعنات والضرب وكأنك قتلت شخصأ ما؟، هذا ما حدث لى، كان يتم ضربى على اتفه الاسباب، حتى فى عمرى هذا، فى منتصف العشرينات . . . سئمت الاختباء والهروب والعمل لساعات اضافية لكى يتبقى لى قليل من المال بعد ان يأخذوا ما معى، لذلك فى ذلك اليوم عندما بدئت امى بالصراخ رددت عليها . . . اسمعتها جميع اللعنات التى القتها على طوال عمرى، كان يجب ان ترى وجهها ونظرة الرعب التى ارتسمت عليه، وابى الذى ذهب ليدافع عن زوجته العزيزة التى لم يحبها يوما، مثله من البشر لا يحب سوى نفسه، تفاجأ بى وانا ادفعه والعنه، ليسقط ارضا . . ربما قد كسر ذراعه او شيء ما ولكننى لم اهتم تركتهم وهربت. وقد انتهى بى المطاف هنا." انهت قصتها وشعرت بتلك النغزة خلف اعينها ولكن لا، هى لن تبكى مجددا، ليس بسببهم، لقد تعاملت مع تلك المشاعر وتخلصت منها، هى الان اقوى.ولكن الالم الذى شعرت به طوال حياتها كان يثقل قلبها، فهى لم تستحق هذا وهى تعلم ذلك جيدا، فلم تؤلمها قسوتهم الغير مبرره اكثر من مقابلة حبها لهم بالقسوة.
كم من مرة ارادت ان ترتمى بين احضان امها وتشعر بدفئها، ولكن لم يكن هذا المكان متاحاً لها. . . كم من مرة ارادت ان يكون ابيها لها سنداً فى تلك الحياة ولكنه لم يكن، تذكرت بكائها عندما رأت طفلا يمسك يد ابيه، تذكرت عدد المرات التى ارادت ان تشعر بها بالمحبة والدفء ولكن كان كل شيء باردا . . المنزل كان او عائلتها.
"كلانا محطم بطرق مختلفة، اليس كذلك؟" قال اروجانز مقاطعا افكارها.كانت ممتنه له، فمن الصعب ايقاف الافكار من التدفق.
اومأت سولى برأسها، فقد كان محق، كلاهما افتقد دفء عائلته بطريقة او بأخرى.
"ولكن هل يمكن اصلاح هذا الحطام؟!" قالت بصوت منخفض للغاية، فلم ترغب بأن يعطيها اجابة، لأنها تعلم، تعلم ان شئ كهذا غير ممكن، وانها مهما فعلت فلن تتخلص من هذا الشبح الى يلاحقها فى عقلها، سيظل موجودا فى كل التفاصيل الصغير، لن تعود كما كانت، او كما ارادت ان تكن.
أنت تقرأ
Soly
Bí ẩn / Giật gânهربت، تاركة كل شئ خلفها هربت غير مبالية بنتائج افعالها فماذا يمكن ان يحدث بأى حال اي جحيم ينتظرها سيكون افضل مما تركت ولكنها لم تدرك ان الجحيم اصبح بداخلها واصبحت بداخله