الفصل الثالث عشر - الاختيار

169 13 21
                                    

"تعالى هنا" قال هذا الشئ بصوته الذى يشبه الصرير، وضعت سولى يداها على اذنيها، شعرت وكأنها على وشك ان تفقد سمعها من قوة الصوت
""تقدمى يا سولى"" قال اروجانز
"هل انت بمعتوه، اترى ما اراه" قالت سولى بصوت خافت، فلم ترغب ان يسمعها هذا الكائن الذى لا تعرف ماهيته.
""تذكرى اين انتى، لا شئ يمكنه ايذائك هنا""
لعنت نفسها ولعنت اروجانز ولعنت هذا الكائن وتمنت لو ان يحدث شئ يمنعها من الدنو الى هذا الشئ

التفتت لتنظر الى الكائن الجالس على العرش فوجدت وجه هذا الكائن امامها مباشرة . . انوفهم على وشك التلاصق، نظرة واحدة لوجه هذا الكائن عن قرب ادخلت الرعب بقلب سولى، للحظة لم تجد سولى صوتها ولم تتمكن من اخراج اى كلمة، شعرت وكأن قلبها سيتحطم لقطع صغيرة من الرعب، ولكن فى النهاية استطاعت العثور على صوتها
صرخت سولى بأقصى ما لديها، وحاولت الابتعاد ولكن لم تحملها قدماها، شعرت وكأنهم تجمدا من الخوف
"اصرخى يا عزيزتى، امتعينى بصوتك" قال هذا الكائن مبتسما
اشتد الالم على اذنى سولى لكونه قريبا جدا
"ماذا تكون بحق السماء، اشعر وكأنى سأفقد اذناى" صرخت سولى على الكائن
"هيميرا غبية، لا يمكنكى التحكم بنفسك" قال الكائن الان صوته معتدل، يخلوا من الصرير والالم، وكان وقع الصوت اخف على اذنى سولى، فأنزلت يداها ببطء
"انا ادعى العديد من الاشياء، بعضهم يطلقون على اسم شاوز، اخرين يسموننى هيسيوس، وقديما كانوا يلقبوننى بأسم ابودوس العظيمة"
"بماذا اناديكى اذن" سألتها سولى، بعدما ايقنت سولى ان هذا الكائن امامها يعتبر نفسه انثى، ولكن فى قرارة نفسها سولى لم تعتبرها سوى مسخ قبيح سيتحول ليكون كابوساً جديدا لها، وربما قد تشارك اريز فى بعض الكوابيس من وقت الى اخر
"انارهى، لم ينادينى اى احد بهذا الاسم منذ زمن، اعتاد الرومانيين منادتى به، هل تعلمين ما معناه؟" قالت وهى تتحرك حول سولى والابتسامة لم تفارق وجهها
هزت سولى رأسها يمينا ويسارا
"الفوضى، الفوضى يا صغيرتى" قالت انارهى وهى تضحك بصوتها المزعج
"كيف علمتى اننى هيميرا" سألت سولى
"كيف يمكن لهيميرا ان تكون بهذا الغباء" قالت انارهى بغضب وهى تتجه لعرشها مجددا، ورغم عدم وجود عيناها الا ان الغضب كان مرسوم على وجهها

"هذا المكان، لا يمكن ان يأتى هنا اى احد سوى الهيميرا" اضافت انارهى بغضب وهى تجلس على كرسيها الفخم
عم الصمت لدقائق، الافكار تتصارع بداخل عقل سولى، وانارهى تتفحصها بوجهها الخالى من الاعين
فى النهاية اقتربت سولى قليلا من العرش وقالت "ماذا يجب ان افعل، كيف ازيل اللعنة"
"حسنا، هذا ليس بسؤال غبى" قالت انارهى وهى تضع احدى اقدامها فوق الاخرى "ولكن هل ترغبين حقا بأزالة اللعنة يا صغيرتى، هل انتى واثقة من قرارك"
تنفست سولى بصعوبة . . .لم تعلم ما تعنيه انارهى
"ماذا تقصدين" قالت سولى
"الهيميرا هو النور، الهيميرا هو المخلص، الهيميرا خلاصنا وفنائنا، الم تسمعى ذلك القول من قبل"
تذكرت سولى كلام الكاهن الاكبر، كان ما اخبرها به يشبه ما تقول انارهى الى حدا ما
"ربما اكون قد سمعته من قبل" قالت سولى مترددة
"انتى تعلمين عن ما اتكلم، فقط تختارين عدم التفكير به كثيرا اليس كذلك يا عزيزتى" قالت انارهى وابتسمت ابتسامة واسعة
شعرت سولى وكأن عقلها يتم التلاعب به، ولكنها لم تدرى ماذا تفعل او تقول . . لم ترد ان تبدوا بمظهر ضعيف، لم ترد ان تبدوا وكأنها ضائعة بعقلها
"حسنا، سأقول ذلك لأننى يهمنى مصلحتك بالطبع، يمكنكى ازالة اللعنة، ويمكنكى اعادة كل شئ لطبيعته"
"عن اى طبيعة تتحدثين؟" سألت سولى
"عن الطبيعة الوحيدة يا سولى بالطبع، ارجاعك الى عالمكى وانهاء ذلك العالم"
اتسعت عينا سولى وقالت "لا، لا، لايمكن لهذا العالم ان ينتهى، اين سيذهب البشر هنا ان حدث ذلك"
"لا احد يعلم اين نذهب عندما نموت يا عزيزتى، قد تتكون الاف الاكوان، قد تنشق الارض وتقع السماوات، قد يحدث اى شئ يخطر على عقلك، ولكن لن يكون هناك شخصا يعلم هذا"
"اذن سيموت جميعهم" سألت سولى غير مصدقة
"بالطبع، سيدمر هذا العالم وستعودين الى عالمكى"
تخيلت سولى اروجانز والكاهن الاكبر يتحولان الى رماد، رأت الكون بأكمله يتحطم ويتلاشى مثل قطع الزجاج

"لا، لا اريد ذلك، هناك العديد من الابرياء والاشخاص الذين لا يستحقوا الموت هنا، هذا غير عادل لهم"
ضحكت انارهى بصوت مرتفع ومزعج
"اوه، حقا لم اضحك منذ زمن، لم ارى شخصا طفوليا وساذج هكذا من قبل، ابرياء تقولين . . هل تعلمين ان مع كل نبضة قلب يقتل شخصا ما ف انحاء هذا الكون، هل تعلمين كم عدد الابرياء مقارنتا بالسيئين، هل تعلمين ان بكل الاحوال انتى تعطين فرصة اخرى للاوغاد كثيري الخطايا، واى عدل تتحدثين عنه، لا شئ عادل بهذا العالم، انضجى والا جعلكى هذا العالم تنضجين بأسوء الطرق الممكنة"
انهت انارهى حديثها، ونجحت فى جعل سولى تشك بقراراتها وبما تريد، 'اين صوت اروجانز عندما احتاجه' فكرت سولى وهى تلعنه ف عقلها العديد من المرات

"فقط اخبرينى ماذا يجب ان افعل، وليأتى الاختيار فيما بعد" قالت سولى محاولة ابعاد مسألة الاختيار تلك عن رأسها، فهى لن تتحمل كلمة اخرى من انارهى عن الشر والخير وايا يكن ما تريد
"حسنا، اسمعينى بحرص، ستذهبين الى المعبد المدنس، عند الهيكل سترسمين نجمة كبيرة بدمائك، وعند كل طرف للنجمة ستضعين القليل من شعرك . . . يجب ان يكون هناك تضحية، انسان كان او حيوان لا يهم، يجب ان تسفك دمائه على المذبح، حينها تأتين الى هنا مجددا، ستجدين شخصا اخر، هو سيخبركى ماذا تفعلين" انهت انارهى حديثها متثائبة، واضعة قدما فوق الاخرى بملل
"هل . . . هل تعلمين . . عن تلك الكوابيس التى يراها الهيميرا؟" سألت سولى مترددة
"بالطبع، ان عقل الانسان اصغر من ان يستوعب ما يوجد ف الكون لذلك . . "
"هل ستتوقف؟" سألت سولى مقاطعة انارهى قبل ان تستطع انهاء حديثتها
"لا، لن تتوقف، فقط اذا كان اختيارك هو تدمير هذا الكون ومحيه من الوجود، حينها يمحى من ذاكرتك وتعيشين فى عالمكى بلا كوابيس، لا يوجد مجال اخر يا عزيزتى"
وجدت سول نفسها اما خيارين، اما ان تزيل تلك اللعنة وتعيش هى بكوابيس تؤرق نومها واحلامها وحياتها
او تختار ان تزيل هذا الكون وتتخلص من كوابيسها مرة والى الابد . . .

Solyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن