الفصل الرابع والعشرون - ايزرا

94 6 20
                                    

"اذن دعنى ارتب ما تقوله، بسبب حمايتك لعقلى ومنعك للكوابيس عنى، وبسبب ان اروجانز لديه القدرة على الوصول الى عقلى، تسربت الكوابيس الى عقله" قالت سولى بصوت مهتز "ان هذا غير منطقى" صرخت به

صمت ديافالوس لعدة ثوانى ثم قال "عزيزتى، انتِ بعالم اخر، قابلتى صغيرى اريز، بالتأكيد قابلتى انارهى، ورأيتى هيئتى الحقيقة، اخبرينى الان اهناك اى شئ منطقى بكل هذا؟"

شعرت سولى بالثقل بقلبها، شعرت وكأنها على وشك الاختناق، لما لا يسير اى شئ كما ترغب هى، لماذا تعاقبها الحياة بهذا الشكل القاسى

"اذن، اريد ان تعود الكوابيس لى" قالت سولى

"هل انتى واثقة من ذلك؟ يمكنكى ان تتركى الكوابيس لأروجانز، فى النهاية سيتأكل عقله، حينها يمكنك ان تضحى به، ان الامر سهل وبسيط" قال ديافالوس بخبث

للحظة، تخيلت سولى حياة هادئة بلا كوابيس مؤلمة، بداية جديدة بعالم جديد، يمكنها ان تكون ما تريد، ان تحقق ما تشاء . . . ولكن اروجانز لن يكون معها

"اريد ان استرجع الكوابيس" قالت سولى

"انتى حقا غبية، بحق الجحيم انتى تضيعين فرصة رائعة" كان الخبث يملئ صوته "سأعطيكى فرصة لأنى احب جرائتك يا عزيزتى، امامك اليوم كله، اذا عدلتى ذهنك عن هذا الهراء تعالى هنا واخبرينى وسأساعدك"
.
.
.
كان اروجانز يجلش على احدى الكراسى الخاصة بالمعبد، المعبد الذى قضى به اغلب طفولته . . . ارجع رأسه للخلف وهو يتذكر كيف كان ساذجا، كيف وثق بالكاهن، كيف لم يكن بيده اى شئ ليفعله

"سيدى" قال احدى الحراس وهو يقترب لأروجانز "لقد كبلناه وهو الان بغرفة الكاهن، ننتظر سيارة اسعاف لتقله الان"

تنهد اروجانز وقال "هل تأذى احد؟" فهز الحارس رأسه "لا شئ يستحق الذكر"
لم تتأخر سيارة الاسعاف، بل حضرت سريعا، شاهد اروجانز الحراس يحملون اخيه . . . يداه وقدماه مكبلتان بالاصفاد، ورغم ذلك كان يحاول عض الحراس، لم يكن هادئا ابدا، كان يحاول التملص منهم ولكن لم يكن هناك مجال للفرار

الى ان وقعت عينا الفتى على اروجانز . . . التقت اعينهما للحظة، فانفجر الفتى بالصراخ "وحش انه وحش اقتلوه هذا اللعين انه وحش، سيدمرنا كلنا، هو من سيجلب الدمار علينا"

استطاع اروجانز ان يسمع صوته حتى بعد ان تحركت الحافلة، حتى بعدما خرج من المعبد، كانت الكلمات تتكرر مرارا وتكرار بعقله

وعندما عاد الى منزله، لم ينتشله من افكاره سوى صوت سولى وهى تسأله عن احداث يومه، فقص لها اروجانز ما حدث، بكل التفاصيل

"اتعنى انه احتجز أخاك الاكبر كل هذا الوقت؟ منذ ان كان لديه فقط عامين؟ هذا غير ادمى" قالت سولى وهى تشعر بأمعائها تتنازع

كانت تعلم ان العالم قاسى وغير عادل، وان البشر هم اسوء من وضع قدمه على الارض، ولكن ما فعله الكاهن فاق توقعاتها، كيف له ان يربى اروجانز بداخل المعبد، وبنفس الوقت يحتجز اخيه بداخله

"ما هو اسمه، اخاك؟" سألته سولى
"أيزرا، هذا ما كتب على شاهد قبره" قال اروجانز بيأس
شعرت سولى بالشفقة تجاه ايزرا المسكين، كيف كبر بدون اهله، بدون وجود بشر حوله، كيف استطاع ان يبقى بعيدا عن ضوء الشمس كل تلك السنين

وضعت سولى يداها حوله "لا تقلق، انا اعلم ماذا يجب ان نفعل، لنبدء بأيزرا، خصص له طيبب نفسى ليعالجه ويساعده، والى ان يتحسن، يجب ان تحاكم الراهب . . انا اتوق لرؤيته ينال ما يستحق"

ابتسم اروجانز وربت على رأسها " فقط كيف لى ان اعيش بدونك يا سولى"
.
.
.
ذلك اليوم، استلقى كلامها جمبنا الى جنب، كان كلام ديافالوس يتردد بداخل عقلها، كانت تعلم انها بمجرد ان تغلق عيناها، سيعود الجحيم مجددا

نظرت الى اروجانز، كان قد استغرق بالنوم . . .خصلات من شعره كانت على وجهه، ازاحتها سولى برفق وهى تتأمله . .
ولأول مرة منذ بحياتها تمنت لو تبقى على قيد الحياة . . طوال حياتها لم ترغب ابدا بالعيش، لم تتخيل ابدا انها ستبكى طالبة حياتها . . . لم تتخيل ان ترغب بالبقاء عندما تكون على وشك االرحيل

"كم ارغب ان ابقى بجانبك الى الابد" همست سولى باكية وهى تلف يداها حول جسده، كأن وجودها بجانبه قد يحميها من الكوابيس التى ستراها
اغمضت عيناها واستسلمت للنوم، عالمة بما ستواجهه . . .

Solyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن