الفصل الخامس - النور

464 23 6
                                    

كانت سولى تجلس فى مكتب الكاهن الاكبر، رُسمت على وجهها علامات تنم عن بلاهة صريحة.

لا تفهم شى مما يقول الكاهن، ولا تفهم شئ من ما يقول اروجانز. شعرت وكأنهم يتحدثون لغة مختلفة عنها.

"ماذا تعنى انها هى هيميرا؟!!!" صرخ اروجانز ف الكاهن معترضا.

اغلب الكهنة، كانوا ليتعاملوا بهدوء وصبر، ولكن ليس هذا الكاهن، امسك الكاهن العصا التى يتكئ عليها، وانزلها على رأس اروجانز، "لا ترفع صوتك" امره الكاهن بنبرة محذرة، فتراجع اروجانز قليلا ممسكا رأسه.

كان الكاهن طويل اللحية تصل حد قدمية، كانت بيضاء ومضفرة وموضوعة على كتفه، وشعره ابيض مربوط خلف ظهره، وملابسه بيضاء هادئة مثل هدوء ملامحه
"اتشكك فى كلامى وبصيرتى؟" سأل الكاهن اروجانز.

قرب اروجانز كرسية لمكتب الكاهن وقال "اى فحص هذا الذي يستغرق عشر دقائق؟!، وتتوقع منى ان اصدق النتائج؟!، انت فقط وضعت اصبعا على رأسها واعلنت انها هيميرا! بحق السماء!!"

"ما هو الهيميرا؟!" سألت سولى ببلاهة غير مصطنعة، نظر الرجلان لهما، فأبتسم الكاهن اما اروجانز ف ادار وجهة غاضبا.

"انظرى يا صغيرتى" بدء الكاهن كلامه بابتسامة "الهيميرا هي النور، الهيميرا هي المخلص، اعلم ان اروجانز لم يشرح لكى شيئا لذا اسمعينى بوضوح، هذا الكون لم يكن يجب ان يوجد، ولا احد يعلم كيف وجد، نعلم فقط ان اثناء احد الحروب القديمة، حدث خلل بسيط ادى لنشأتنا، ونتيجة ذلك تم انزال لعنة علينا، تلك اللعنة تتمثل فى اريز، ان اريز له تؤام مخبأ فى احد اركان الكون، اذا تقابلا سيتزاوجا، وسينتج من ذلك دمارنا، اذا قُتل نموت جميعا، ولكن فقط النور هو الذى يستطيع ان يجلى تلك اللعنة عنا، وفقط النور يستطيع ان يفنينا جميعا دون تدخل اريز." عندما انهى الكاهن كان اروجانز ينظر لسولى بكراهية وبغض.

"هل تدرك ما سيحدث لها؟! سيرغب الجميع بموتها، سيرغب الجميع بما يوجد بداخلها، قد يشقونها حية لأخراج ما بداخلها واستكشافه غير عابئين بفداحة ما يفعلونه، هذا وان كانت هى حقا الهيمرا" قال اروجانز غاضبا.

"لا ارغب فى ان اكون هذا الهيميرا" قالت سولى، فليس تلك النهاية التى ارادتها عندما هربت. ضحك اروجانز وقال "اتعتقدين انه شئ يمكنك اختياره ايتها الغبية اللعينة؟!"

فاجأته سولى بصفعة على وجهه، ثم لكمته بأقصى قوة لديها فى انفه.

"تستحق ما اصابك." قال الكاهن فى هدوء، "والان يا صغيرتى، انا اسفا لذلك ولكنك ستمكثين عند اروجانز ليتم تدريبك، وبعد تلاثة اشهر، سنذهب جميعنا للمكان المختار لنرى كيف ستجرى الامور."

"اى مكان واى امر؟" سألت سولى بصيغة امر، كانت تشعر بحنق شديد وكانت تنظر بغضب لاروجانز المستلقى على الارض ماسكا انفه، ارادت ضربه اكثر.

"اخشى انكى من سيجيب عن هذا الامر، بعد التدريب ستعلمين وسنعلم جميعا."

غادرت سولى المكان برفقة اروجانز وخدمه، ولم ينطق بكلمة الى ان وصلا القصر، اوقفها قبل ان تذهب الى غرفتها "انتظرى هنا، تدينين لى بأعتذار!"

"لا ادين لك بشئ" قالت سولى والغضب يملئ وجهها.

"كدتى ان تكسرى انفى، ام قد انزلقت يدكى؟!" صرخ بها.

"تستحق ذلك، لنعتبر اننا تعادلنا" لم تكد تتحرك حتى وقف فى طريقها مرة اخرى، "لا تقومى بشئ يجعلكى تندمين يا عزيزتى، انا رجل لا احب الاطفال امثالك."

قلبت عيناها وقالت "الاطفال فقط هم من يرمون نوبات غضبهن على الاخرين يا عزيزى، يمكنك ان تسأل الكاهن من هم الاطفال الذى يجب توبيخهم، الان سأذهب لغرفتى، كان يوما صعبا لشخص مثلى من عالم اخر، اخر شئ اريده هو ان اتعامل مع شخص غير متفهم ومتعجرف الان، غدا، نتحدث عن ايا كان هذا التدريب وعن رغبتى بالقيام به" تركته وذهبت الى غرفتها، كان ترغب بشدة ان تكون وحدها، كانت تريد ان تفكر، ان تستوعب ما حدث، كانت مشاعرها مضطربة، جلست على الارض فى غرفتها، وضعت رأسها بين كفيها وبكت.

لكم من الوقت كانت تلك الدموع حبيسة؟! لم تكن تعلم، فمنذ طفولتها لم تكن تبكى كثيرا، كانت تكره هذا الشعور الذى يصحب الدموع، هذا الضعف واليأس والشعور بالاستسلام. والذكرايات التى تأتى مع البكاء، كل مراحل الضغف واليأس التى مرت بها، كان عقلها يسترجع كل المرات التى كان يجب ان تنهار بقا وتبكى، فأزدادت دموعها وشعرت بالاختناق اكثر.

كانت تلك الاحاسيس السيئة تتزايد، وها هى مجددا تريد الرحيل، ولكن لا قيود الان، لا شئ يمنعها من الرحيل . . .

Solyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن