الفصل العشرون - عناق

110 10 12
                                    

كانت الغرفة مليئة بالدماء، على الارض والحائط وبكل مكان حتى ان بعضها قد لطخ ملابسه، ولكن رؤيته لدماء سولى تسيل على الارض جعلت دمائه تغلى بعروقه

كان هناك لوح زجاجى على المكتب عليه اسمه، كان ثقيل وكبير ولكن بين يدى اروجانز لم يكن هكذا.
حمله اروجانز وتوجه الى الراهب وسدد له ضربة على رأسه، وقع الراهب على الارض ورأسه تنزف، ولكنه لم يغب عن الوعى

امسك اروجانز الكاهن من ملابسه "سأقتلك الان وهنا ايها الملعون" صرخ اروجانز بوجهه، كان الغضب يعميه
ابتسم الكاهن وقال "افعلها اذن، وكأنك تستطيع"
سدد اروجانز له اكثر من لكمة وتركه ف الارض للحراس ليأخذوه، فقتله سيكون رحمة له، وكانت خطط اروحانز له لا تتضمن الرحمة ابدا، ولكن قبل ان يخرجوا به اوقفهم
"سكين، هل من يملك سكين" صرخ اروجانز بالجنود فسلمه احدهم احدى السيوف المعلقة كزينة على الحائط، كان السيف حاد جدا
اقترب اروجانز من الكاهن وامسك بشعر لحيته وجذبها بعنف وقطعها بالسيف، قام بنفس الشئ لشعره

يعتبر الكهنة لحيتهم وشعرهم شئ مقدس لذلك يجب على الكاهن ان لا يقص لحيته ابدا، ولا يخرج الكاهن من الدير الا اذا تجاوزت لحيته صدره
كان اروجانز يعلم ان لا شئ سيدمر الكاهن، لا شئ سيقوم به سيجعل الكاهن تعيسا ولكن عدم فعل شئ كان اسوء
"ضعوه بزنزانة وحده، لا احد ليتحدث معه ولا اريده ان يرى احد، غدا سأقرر كيف نتعامل معه" امر اروجانز احدى الجنود.

كانت سولى تشاهد ما يحدث بالكاهن وهى تمسك بقدمها المصابة، كانت تعلم ان اصابتها ليست بليغة ولكن الالم لم يكن يُحتمل
رأت سولى اروجانز يمسك بالسيف واعتقدت للحظة انه سيقتل الكاهن، جزء منها اراده ان يفعل، ولكنها لم ترد لأروجانز ان يلطخ يداه بدماء شخص دنئ

التفت اروجانز لسولى بمجرد ان التفت الحراس "هل انتى بخير؟ هل تؤلم؟" سألها
ابتلعت سولى رغبتها بالصراخ من الالم وحركت رأسها بالنفى "انا بخير، فقط لنجد احد ليخرج السهم" قالت وهى تحاول ان تجعل صوتها ثابت

حملها اروجانز بين ذراعيه وطلب من الخدم احضار طبيب لها، وطلب منهم الاعتناء بجسد ايفان وتحضيره لجنازة لائقة
.
.
جلس كلاهما بغرفة اروجانز، سولى على السرير، قدمها على وسادة والضمادات تملؤها، واروجانز على كرسى مكتبه الصغير شارد الذهن
"اروجانز" نادته سولى فلم ينتبه، نادته مجددا ولم ينتبه ايضا، فضرخت عليه
"ماذا، ماذا هناك ماذا" انتفض اروجانز من موضعه
فأبتسمت له سولى وقالت "اسفة ولكنك لم تسمعنى عندما ناديتك اول مرة"
"انا اسف" قال اروجانز وهو يجلس مجددا "كان اليوم طويلا، الكثير من الاشياء حدثت، اشعر بأن عام كامل قد مر منذ ان استيقظت هذا الصباح" قال وهو يضع وجهه بين يديه

لم تعلم سولى ماذا يجب ان تقول، كيف تواسيه وتساعده بدون ان تبدوا سخيفة او غير مكترثة
"تعال هنا يا اروجانز من فضلك"
"هل تحتاجين الى شئ؟ هل اجلب لكى الماء؟" قال اروجانز وهو يتحرك نحوها، ولكن بمجرد ان اقترب، جذبته سولى واحتضنته بين ذراعيها

تفاجئ اروجانز لوهلة، فهو غير معتاد على ذلك، كان دائما ما يشعر ان شئ ما ينقصه، لم يدرك انه كان يفتقد هذا العناق وهذا الدفئ، وفكرة ان الكاهن كان على وشك ان يسلبه هذا جعلت الدماء تغلى بعروقه

"هل انت حزين؟" سألته سولى بينما كانت تربت على ظهره، فأجاب بالنفى "غاضب اكثر من كونى حزين يا سولى" قال وهو يغمض عيناه ويدفن رأسه بتلك المساحة بين رقبتها وكتفها ثم اكمل "بكل مرة اغمض عينانى ارى دماء تلك الاشخاص تسيل على الارض، ارى اطفالهم ينتظرونهم واشعر بقلقهم، اشعر بحزن عائلاتهم، اتذكر كل المواقف التى جمعتنى بأيفان وكيف كان يساعدنى دائما . . . لقد كنت شخصا بشعا والان هو قد مات، كل ذلك بسببى، انا من امر بذلك، كان يجب ان اقتل هذا الكاهن عندما اتيحت لى الفرصة"
كانت سولى تشعر بدموعه تسيل على كتفها
ظلت تربت على ظهره بينما تردد "انا اعلم، ولكن لم يكن هناك خيارا اخر"
"لن اسمح لهم بأذيتك يا سولى، على قيد الحياة كنت او تحت التراب، سأحرص على ان تعيشى" قال اروجانز وهو يحاول ان يجعل صوته متماسكا
"ولكن لا اريد ان اعيش بدونك يا اروجانز، لا تفكر الان فقط اهداء"
فى تلك الليلة، غفى كلاهما جنبا الى جنب، يمسك كلا منهما يد الاخر، هذا اليوم تمنى كلاهما ان لا يأتى الصباح . . .

Solyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن