الفصل العاشر - الطقوس

221 13 2
                                    

"من فضلك وضح كيف ستكون معى، لان عقلى فسر الامر بطرق عديدة ومنها المخيف مثل استخدامك لسكين لفتح رأسى" قالت سولى نصف ساخرة ونصف مرعوبة
ضحك اروجانز ورجع للخلف بكرسيه "لا يا عزيزتى لن يحدث ذلك، فقط سأجرحكى قليلا فى يدك، سأخذ بعض من دمائك واشربها، بضع نقاط ستفى بالغرض. بعدها سأجرح يدى ونضع الجروح فوق بعضها، حينها ستجدينى معكى وسنذهب للضوء سويا" انهى جملته مبتسما وكأنه قال شئ طبيعيا، ولكن شئ كهذا يبعد كل البعد عن كونه طبيعيا لسولى
"انت تمزح صحيح" سألته سولى
"لا ولما امزح" قال اروجانز، فصاحت به سولى غير مصدقة
"لا لا لا لا لااااا لايمكن لذلك ان يكون صحيحا" وقفت وابتعدت عنه وعن المكتب، فوقف هو الاخر
"اهدئى يا سولى ان الامر لن يؤلم بتاتا" كان يتحدث وهو يقترب منها ولكنها كانت تبتعد اكثر
"ماذا تقول، كيف تتوقع منى ان اركز وانت تقول انك ستشق يدى، انا محقة، ابدا ابدا ان هذا لن ينفع ابدا" كان مجرد التفكير بالالم الذى سيكون بيدها يجعلها تخاف
شعرت بقلبها يؤلمها واصبح التنفس اصعب، فشعرت كأنها تحارب من اجل ان تأخذ نفسا كاملا، امتلأ رأسها بالعديد من الذكرايات والصور، تذكرت صراخها وبكائها فى الماضى وهى تتمنى ان يزول الالم، لم تكدن تدرك سولى ذلك وقتها ولكن كانت ولا تزال نقطة ضعفها هى الالم، وكان اسوء مخاوفها بعد اريز هو الالم
"سولى عزيزتى انه ليس بالامر الكبير" قال اروجانز محاولا بأقصى جهده ان يجعل صوته رقيقا ولكن سولى كان تهز رأسها يمينا ويسارا وتضع يداها حول نفسها وتردد "لن يحدث"
لم يعلم اروجانز ماذا يفعل، فطوال حياته لم يوضع فى مثل ذلك الموقف ابدا 'هل اتركها تهدأ ام احضر لها طبيبا' كان يفكر، وفى النهاية وضع يداه حولها واحتضنها، كانت ضعيفة وصغيرة مقارنتا به، كان جسدها ينتفض ونبضات قلبها كانت سريعة ومؤلمة، شعرت وكأن لولا هذا العناق لخرج قلبها من صدرها.
استمر الوضع هكذا لعدة دقائق الى ان هدأ قلبها، ببطء دفعت اروجانز بعيدا عنها، فتركها واخد خطوة للخلف تاركا لها مساحتها الخاصة "لقد مررتى بنوبة ذعر اليس كذلك" قال اروجانز بصوت منخفض، اومأت برأسها فهى تعلم كيف هى نوبات الذعر فقد رافقتها طوال حياتها البائسة
جلست مكانها، ولعنت نفسها . . كانت تكره ان تظهر ضعفها لأحد كان يجب ان تتماسك ولكن اللعنة على تلك النوبات
جلس اروجانز امامها وقال " لا يجب ان نقوم بتلك الطقوس الان يا سولى، خذى وقتك وتدربى كما شئتى، ما كان يجب ان اخبرك بهذا فى الحال انا آسف"
لم تُشكك سولى فى اعتذار اروجانز، فهى تعلم انه مغرور ومتكبر وان تلك الصفات عندما توجد فى شخص فمن الصعب ان يتغير او قد لا يتغير بتاتا، والاعتذار الذى يخرج من شخص يحمل هذه الصفات لابد ان يكون صادقا بالتأكيد
ولكنها كانت مشوشة والصداع ينهش رأسها فكانت بالكاد تستطيع رؤيته فقالت "اريد ان انام، لنتحدث بالغد فرأسى يقتلنى"
اخذها الى غرفتها واعطاها اقراص مهدئة "تلك الاقراص ذات فعالية كبيرة، كانت تساعدنى بالماضى، اتمنى ان تساعدك" انهى حديثه ورحل
اخذت الدواء واغمضت عيناها وسريعا كانت قد سُحبت لعالم الاحلام الملئ بأشياء مرعبة . . . ها هو اريز يلاحقها وهى تجرى وتشعر كأنها لا تتحرك، وها هى السماء تنشق وتمطر صخور ولكن لا يبدوا وكأن الصخور تصيب اريز فعو لا يقهر، وهناك تستطيع ان ترى الموتى الاحياء قادمون تجاهها وهم يصرخون ويبرزون اسنانهم التى يملؤها العفن، والارض تحت قدميها تتشقق مثل الثلوج المتكونة على سطح الماء فتجد نفسها تسقط الى الفراغ الاسود وهى تصرخ
.
.
.
فتحت عيناها فوجدت نفسها فى سريرها، وجهها متعرق وشعرها مبعثر . . . لعنت احلامها وتمنت لو استطاعت ان تتخلص من تلك الاحلام مرة واحدة والى الأبد، ولكن شئ مثل ذلك لم يُخترع بعد 'ربما قد يعطينى الكاهن الاكبر شى ما لتلك الكوابيس' فكرت قبل ان تنهض لتستعد
كان تمشط شعرها عندما سمعت دقات اروجانز على الباب، نعم فلاحظت كم انه دقيق، ثلاث دقات فقط، ثم يفتح الباب مباشرة اذا لم يلقى رداً، فتحت له الباب فوجدته واقفا وبيده صينية بها طعام "اعتقدتُ انكِ لن ترغبى بالخروج من غرفتك اليوم لذلك فكرت ان نتناول الفطور سوياً فى غرفتكى"
نظرت له وفكرت 'الم تعتقد اننى قد لا ارغب برؤيتك اليوم' ولكنها لم تقل ذلك، ولكنها تأكدت ان تعابير وجهها قد اوصلت رسالتها عندما قال "او اذا اردتى ان تتناولى افطارك وحدك لن امانع بالطبع، اى شئ تردين"
'ولما قد تمانع يا احمق' فكرت سولى ولكنها لم تنطق بذلك ايضا فهى لن تصبح وقحة مثله، ولكنها سمحت له بالدخول
كان اروجانز يحاول ان يكون لطيفا على عكس شخصيته المتكبره، كانت تلك لفتة لطيفةولكن سولى لم تكن بخير ابدا، فالصداع جعل عظام رأسها تؤلمها من قوته، وقد جعلت منها كوابيس الليلة الماضية شخصا وقح وقاسي.
فتذكرت سولى كل المرات الى استيقظت بها ناقمة على حياتها وعلى الاشخاص جميعهم وعلى الكوكب نفسه.
"اروجانز" نادته فألتفت لها سريعا وكأنه سمع شيء غريبا . . فلم تكن سولى تناديه بأسمه الا نادرا جدا
ولكن من ناحية اخرى لم يكن هناك احدا غير الكاهن الاكبر يناديه بأسمه، غير ذلك كان يُناَدىْ ب'سيدى' طوال الوقت، ولكنه لم يستطع ان ينكر ان قلبه قد توقف للحظة عندما نادته سولى
'ما تلك النغزة بقلبى، اعتقد اننى سأستشير طبيب' فكر اروجانز، ولكنه كان ساذجا لم يكن يعلم انه على وشك ان يختبر مشاعر لم يعلم بوجودها قط
نظرت سولى له وقالت"اليوم، اليوم نقوم بتلك الطقوس اللعينة وننهى ذلك الامر" قالت سولى، اعتقدت انها بذلك ستضع حدا لخوفها، اعتقد انها بذلك ستنتصر على مخاوفها وستصبح اقوى، ولكنها هى الاخرى كانت ساذجة . . .

Solyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن