"ان الكاهن الاكبر ينتظر بالاسفل فى مكتبك يا سيدى" اعلنت احدى الخادمات، فبسرعة البرق كانت سولى على قدميها تاركة طعامها التى بالكاد لمسته وركضت الى حيث ينتظر الكاهن، تاركة اروجانز خلفها يناديها ولكنها لم تتوقف او تلتفت له حتى
اغلقت باب المكتب خلفها، ظنت ان الكاهن قد يعتقد انها مريبة او ليست بعقلها ولكن لا يهم، لا شئ يهم
"اريد ان اطلب منك شئ ما" قال سولى
ابتسم الكاهن ابتسامته الهادئة فشعرت سولى بالطمأنينة، على الاقل هو لن يوبخها وسيسمعها . . .
"اريد ان تقوم بسحرك مرة اخرى مثلما فعلت عندما كان اريز ينادينى، لقد شعرت بما فعلت، قم بذلك مجددا، اجعل كوابيسى تختفى ارجوك" قال سولى وهو تنظر له وعيناها المرهقة تتوسله
"انه ليس بسحر يا سولى" قال الكاهن ولم يكد ينتهى حتى قالت "ايا يكن ايا يكن . . من فضلك افعل شئ بتلك الكوابيس" جلست مقابله وضمت يداها امامها
"منذ متى وانتى تحلمين بتلك الكوابيس" سألها الكاهن
"منذ ان اتيت لهذا العالم، منذ ان التقيت بالمسخ اريز، اللعنة عليه ذلك الحقير" ادركت بمجرد ان خرج الكلام من فمها ان اللعنات والسباب ليس بالشئ اللائق اما احدى الكهنة
ولكن الكاهن لم يعلق " لا، لا يا سولى، الكوابيس الاخرى القديمة، متى بدئت وما محتواها" سألها الكاهن
اتسعت عيناها "كيف تعلم هذا" سألته سولى وهى تقف ببطء
"انتى لستِ بأول هيميرا يا سولى" ابتسم الكاهن بحزن واكمل
"اندروميدا، باتيلدا، وهانا، هم من سبقوكى ونعلم عنهم، اندروميدا اخرهم، ولكن لم يكونوا اقوياء بما يكفي ليصمدوا" شعرت سولى انها على وشك ان تسمع قصة حزينة، وقد كانت محقة
تنهد الكاهن واكمل " كتب كبار الكهنة السابقين عن الهيميرا الذين قابلوهم . . . الأشياء المشترك بينهم هى الكوابيس التى تبدء عند بلوغ سن السادسة عشر، وانهم دائما من الكون الاخر مثلك، واعتقد انى محظوظ بما يكفى لأكتب عن اثنين من الهيميرا"
صمت الكاهن لبرهة ثم اكمل " اندروميدا كانت فتاة لطيفة، وقعت من السماء بكمل ما تحمله الكلمة من معنى، كانت اصابتها شديدة . . . اخبرتنا انها وقعت من فوق احدى الجبال اثناء تسلقها وفورا ادركنا انها ليست من شعبنا، فلم يوجد جبال حيث وجدناها . . . . لم تتحمل اندروميدا الكوابيس . . لم تتحمل الصراع بداخل عقلها ولم يستطع احد ان يساعدها، كان صراخها يعذبنا جميعا . . . . كانت ضعيفة ولم تتحمل فأخذت حياتها بيدها . . . وضعت السكين مقابل قلبها واندفعت الى الحائط، كانت اضعف من ان تتحمل"
لم تستطع سولى ان تتوقف عن تخيل نفسها مكان اندروميدا، شعرت بألم فى قلبها عندما تخيلت الألم الذى ستشعر به اذا فعلت مثلها، فقى النهاية لم تكن سولى تريد ان تعيش ولكنها لم ترد ان تموت ايضا
هى فقط لم ترد ان تعيش فى ألم، لم ترد ان تعيش لتتعذب وتُعامل كأنها اقل من البشر، ولكن الموت كان شئ اكبر منها بكثير
ولكن الكاهن كان محقا فمنذ ان بلغت السادسة عشر بدئت تراودها كوابيس كثيرة لم تتذكر اغلبها، فقط تتذكر الرعب والخوف الذى تشعر به فى احلامها، تتذكر صراخها فى بعض الليالى وعدم رغبتها فى العودة الى النوم اذا استيقظت بمنتصف الليل
"انا لن انتحر" قالت سولى للكاهن فأبتسم
"سأكون ممتناَ اذا لم تقدمى على فعل ذلك" اخبرها الكاهن
"ولكن الكوابيس . . . الى متى ستستمر" سألته
"اعتقد الى ان تنتهى اللعنة وينتهى اريز"
.
.
.
كان ينتظرهما امام المكتب اروجانز وعلى وجهه علامات الضيق "ان هذا مكتبى كما تعلمون" اخبرهم بمجرد ان فتحوا الباب . . . فلم تأبه سولى به
"لنقم بتلك الطقوس ولننهى الامر" قالت سولى سريعا لأروجانز
كانت قد ايقنت ان لا مفر من ذلك، ارادت ان ينتهى الامر سريعا لتستطيع ان تغمض عيناها بهدوء، فقط ارادت الهدوء، ارادت ان تُخرس كل تلك الضوضاء التى تعبث بعقلها، ارادت ابعاد كل تلك الكوابيس، لتنعم بقليل من الهدوء
اجتمعت هى واروجانز فى البهو الكبير بعد ان غادر الكاهن، تركهما ليحاولا عالما انهما قد لا ينجحان اليوم اطلاقا، تلك الطقوس تتطلب الكثير من الجهد والمحاولات.
احضر اروجانز علبه قديمة مصنوعة من البرونز ومزخرفة بلغة غريبة وعليها رسمة لشمس وقمر، بداخلها كان يوجد لفافة حمراء من الحرير بداخلها سكين صغير بمقبض برونزى وعلى نصله حفرت نجمتان لامعتان، كان شكله قديما وعتيقا . . ولكن كل ما هو قديم كان جميلة
اعطى اروجانز السكين لسولى فهزت رأسها يمينا ويسارا "لن اقوم بذلك، لن اجرح نفسى . . . انت قم بذلك" قال سولى ومدت يدها له
شعر اروجانز بالتردد الشديد، لم يرد ان يجرحها، لم يردها ان تتألم . . . اخذ يدها ووضع السكين عليها فنظرت سولى له، لم تنزل عيناها من عليه، فشعر بتوتر اكثر
"انظرى للجهة للاخرى من فضلك" طلب منها
"فقط اسحب السكين ولينتهى الامر" قالت سولى بغير صبر
"انتى توتريننى" صرخ اروجانز ولم يكد ينهى جملته حتى فوجئ بها تسحب يدها سريعا من يده، فكان هو من صرخ وليس هى
"بحق السماء لما فعلتى ذلك، ان الجرح كبير بحق السماء يا سولى" قال اروجانز وهو يحاول وضع المناديل على يدها . . . ولكنه لم يكن مخطئ فقد كان الجرح كبير جدا وكانت الدماء تسيل على الاض وعلى ملابسها، ابعدت يدها عنه
"هكذا لن نضطر الى القلق بشأن الجرح مرة اخرى" قالت له بوجه خال من التعابير وهى تضع يدها فوق الكوب الصغير الذى كان قد احضره اروجانز
"ها هى الدماء" قدمت سولى الكوب له، واخذت السكين ووضعته امامه "الان حان دورك" قالت وهى تشعر انها اقوى، كانت تستطيع ان تشعر بالالم، شعرت وكأنها حية، جعلها الالم تشعر بنبضات قلبها . . . والدماء الدافئة تنسال على يدها كانت تؤكد لها هذا، انها حية
شعرت بالقوة، وتمنت لو ان يدوم هذا الشعور
![](https://img.wattpad.com/cover/246264429-288-k819083.jpg)
أنت تقرأ
Soly
Mystery / Thrillerهربت، تاركة كل شئ خلفها هربت غير مبالية بنتائج افعالها فماذا يمكن ان يحدث بأى حال اي جحيم ينتظرها سيكون افضل مما تركت ولكنها لم تدرك ان الجحيم اصبح بداخلها واصبحت بداخله