الفصل السابع عشر - أحبك

158 11 34
                                    

كانت سولى نائمة على سريرها . . قبل ان يرحل ديافالوس كان قد اخبرها انه سيمنع الكوابيس عنها، كان يعتقد انها لن تصمد لأسبوع اخر بهذا الجسد المهترى والعقل الذى تتراقص بداخله المسوخ، وقد كان محقا، لم يكن هنالك كوابيس بل كانت تشعر وكأنها عالقة بداخل هاويه . . ظلام وفراغ يحيط بجسدها الهزيل

لم تكن نائمة، بل كانت واعية لما يحدث حولها ولكنها لم تستطع ان تخرج من ذلك الثبات الذى يقيدها . . . شعرت بأروجانز يمسك يدها ويبكى، احست بدموعه تبلل يدها.

لم يكن يبكى عليها، فهو يعلم انها عانت ما هو اسوء وانها ستستيقظ، لابد وان تستيقظ
كان اروجانز يبكى على حاله، كان يبكى عائلته التى فقدها ليس مرة واحدة بل مرتين

كان يبكى حبه للكاهن، فقد كان هو عالمه . . . عندما يكون حزينا يلجأ له، وعندما يكون سعيدا يلجأ له، كان يمثل والديه واصدقائه وعالمه كله ولكن ليس بعد الان
كانت يدها مثل ملجأ الامان بالنسبة له، كان يعلم ان لا احد بهذا العالم سيفهم شعوره غيرها

انقضى الليل، فتحت سولى عيناها فى الصباح فوجدت ان اروجانز قد غفى وهو جالس على كرسيه ممسكا بيدها
لم ترد ان تيقظه، لم ترد ان تجعله يستيقظ ليواجه معاناته التى هرب منها بالنوم، ولكن لم يكن هناك مفر من مواجهة العالم

ربتت على رأسه برفق فبدأ يأن الى ان فتح عيناها
ابتسمت سولى بوجهه، كانت تعلم انها تبدو بحالة مزرية لذلك ظنت انه لربما كانت الابتسامة خيار خاطئ فقد ارتمى اروجانز بين ذراعيها وبدأ بالبكاء
"لقد . . لقد . . لقد كان هو، هو م . . من فعلها يا سولى" كان يحاول اخراج الكلام بصعوبة وهو يبكى بين ذراعيها، كطفل صغير وجد امه بعد ان كان ضائعا لوقت طويل
"شششش انا اعلم لا تتحدث، انا اعلم" كانت سولى تردد وهى تربت على ظهره، تذكرت عندما كانت تشعر وكان العالم يضيق عليها، لا احد ليطمأنها . . . لا احد ليخبرها ان ذلك الشعور سيمر، على الاقل هى موجودة لأحدهم الان

فى النهاية هدأ اروجانز واستعاد رباطة جأشه، جلس على كرسية وهو يضع وجهه بين يديه
"انا اسف، لم اقصد ان افزعك" قال اروجانز وهو يخفى خجله
"لا تعتذر يا اروجانز، لا شئ لتعتذر عنه، فقط اخبرنى ماذا ستفعل" قالت سولى وهى تجلس قبالته بأعتدال
"لا اعلم" قال وهو يرجع شعره الى الخلف بكلتا يديه ثم اكمل "هو الان فى الدير، لن يخرج الا بأذنى، انه شئ يسمى بالاقامة الجبرية"

عم الصمت لعدة دقائق، لم يعلم كلاهما ماذا يقول او يفعل، الى ان كسر ايفان الصمت بأحضاره الطعام.
عند رؤيتها للطعام، تذكرت سولى انها جائعة، وانه قد مر الكثير من الوقت منذ ان دخل شئ جوفها
كانت تأكل وهى تفكر فيما قاله ديافالوس، فطوال حياتها كانت تؤمن ان نهايتها ستكون سعيدة او هادئة على اقل تقدير، كانت تعلم ان معاناتها لابد ان يكون لها مغزى

"سولى، كم عمرك" قاطع اروجانز افكارها بسؤاله، فنظرت له بحيرة
"ماذا؟"
"انا فقط لا اعلم كم عمرك حقا" قال اروجانز وهو ينظر لطعامه ويتحاشى النظر بعينيها
"اعتقد اننى اتممت عامى الرابع والعشرون، ماذا عنك؟" سألت سولى، ادركت انها لا تعلم عنه الكثير، فقط ماضيه ولكن لا شئ عن نفسه
"تسع وعشرون عاما" قال اروجانز
كانت علامات الدهشة مرسومة على وجه سولى "ظننت اننى اكبر منك" قالت سولى بوجه تملأه الدهشة، تذكرت اول مرة رأته بها، كان يبدوا شابا صغيرا جدا، اصغر من ان يكون عاملا بهذا القصر وبالتأكيد كان انيقا اكثر من ان يكون عاملا . . .

"تبدين ف الثامنة عشر لأكون صريحا" قال اروجانز
ضحكت سولى، فهى تعلم انها تبدوا قبيحة، شعرها قصير الان وجسدها نحيف وهزيل وعظامها بارزة، اعتقدت انه يجاملها فهى بلا شك تبدوا فوق الخمسين
"سولى، هل تعتقدين ان احدنا سينجوا من ذلك؟" سألها اروجانز، بدا عليه الارهاق والاعياء الان، ذلك البريق الذى كان يحيط به عندما رأته اول مرة ليس موجودا الان، بدا اروجانز وكأنه ضعيف وشاحبا
ولكن سولى لم تكن الشخص الذى يعطى املا زائفاً، لم تكن لتجرؤ على فعلا ذلك
"انا لا اعلم، لا احد يعلم، ولكنى سأحميك" قالت سولى، وقد كانت تعنى ما تقول

كانت تؤمن ان لا احد بهذه الحياة يستحق ان يعانى مثلما عانت، لذلك ارادت لأروجانز ان يحيا حياة سعيدة لذلك ستبذل قصار جهدها لتزيل اللعنة
ضحك اروجانز وقال "ماذا تقصدين؟"
"سأزيل اللعنة ولينتهى اريز، حينها يمكنك ان تعاقب الكاهن وينتهى كل شئ" قالت وهى تكمل طعامها
ولكن لم يكن هذا ما يريده اروجانز
"هل تخطتين بأن تجعلينى اقتلك واقدمك لديافالوس؟" قال مذعورا
"يمكننى ان اقوم بالامر وحدى ان لم ترد"
"هل انتى حمقاء" صرخ اروجانز بها
"اذن اتريد ان اقتلك انا؟ لن يحدث هذا، على جثتى اتسمعنى" صرخت به سولى

"لما يجب ان يموت احدنا" قال اروجانز ببطء الان، "لما لا يعيش كلانا، لما لا نترك اللعنة كما هى، لما لا نضحى بالكاهن فأنا لا امانع حقا، نحن لا نستحق هذا" قال اروجانز وهو ينظر لها، يقاوم رغبته بأمساك يدها

"اتمنى لو كان الامر بتلك السهولة، ولكنى اعلم انه لا مفر من ذلك، لن ولم تتركنا الحياة نفعل ما نريد، انت تعلم ذلك، انا اريد فقط الهدوء، اريد ان يهداء كل شئ وان تنتهى تلك المعاناة" قالت سولى بضعف

"لا يمكننى ان اتركك تموتين" قال اروجانز واخد نفسا عميقا، "لأننى أحبك" قالها وجلس على كرسيه، شعر وكانه ازاح جبال من على قلبه فقط ليفسح مكان لجبال اخرى

شعرت سولى وكأن عقلها وقلبها توقفا، وكأن العالم حولها توقف، لم تعلم كيف تجيبه، كانت فقط تعلم انها لن تكون على قيد الحياة بعد اسبوع، وان نجت، فحتما ستقتلها احلامها. فى كل الاحوال سيغدوا فؤاده محطما لذلك لا يمكنها ان تبادله شعوره، لا يمكنها ذلك . . .
––––––––––––––––––––––––––––

الفصل اتأخر لأننى مريضة، رغم كل الحذر من الفايروس الا انه لقى طريق للواحد، اسفة على التأخير واتمنى تكونوا بخير🤍

Solyحيث تعيش القصص. اكتشف الآن