الشطرِ الثَالث عشَر : ضيَاع .

1.7K 174 34
                                    

مشاعرِي تلك اللحظَةِ لمْ تكُن لتوصَف ، كنتُ حائرًا بنفسِ مقدارِ خوفِي ، ضائعًا بينَ ما يحصلُ بشكلٍ كُلِي

لم أدرِك ما الذي عليّ أن أفعلهُ ، و ما عليّ صنعهُ .

كنتُ ضائعًا بحِق ، لذا سهرتُ ليلتهَا مع ملاذِي .

قضيتُ الليل الطويل الغير المنجَلِي أمامَ لوحَاتِي ، أصبُ الألوان فيهِ و أسألهُ من أنت ؟ ، أكنتَ وهمًا إخترعتهُ وقتَ وحدتِي ، أم أنكَ شبحٌ مَا ، أو ملاكٌ مرسلٌ من السمَاء ؟ .

الفضولُ كان ينهشنِي ، و الخوف يعترينِي بشدة ، فطفقتُ أسأل الألوان عنكْ ، لكنها أجابتنِي بالصمت .

عبثًا كنتُ أحاول تجسديكَ في تلك اللوحَات البيضَاء ، فأنا لم أملكُ لونًا يومَا ، فكيفَ يا ترَى أرسمُك ؟

صمدتُ أمام لوحتِي لما تبقَى من الليلِ
و حكيتهُ عنكَ ، و عن ضياعِي الذي أخذَ النومَ منِي
الألوانُ لم تواسينِي لكنهَا خففتْ عنِي .

أشرقتِ الشمسُ بعدَ فترةٍ طويلَة ، و خُيّل لِي أن عامًا كاملاً قد مرَ و الليلُ عليّ سائد .

كعادَتِي وضعتُ ألوانِي في مكانهِم ، ثمَّ أغطستُ جسدِي في المَاء ، لطالمَا كان الإستحمامُ فرصةً لتطهيرِ عقلي قبلَ جسدِي ، لكن في ذلكَ اليوم ، لم يكن كذلك .

كانَت غطسةٌ واحدة ، و بعدهَا خرجتُ من الماءِ
بسرعة ، لأنَّ الماء كان يسألنِي أسئلتهُ المعتادَة ، لذا
هربتُ من الماء كما إعتدتُ أن أهرب من كل شئ .

إرتديتُ ملابسِي البيضَاء ، بشكلٍ مَا كان البياضُ
مناسبًا جدًا للمشاعر التي كانت تخالجنيِ يومهَا
لأننِي كنتُ في حالةِ تشوُش ، فخفتُ إن إرتديتُ لونًا
أن تسألنِي الألوانُ عن كيف حالِي .

كنتُ في طريق الجامعةِ مبكرًا ، بل مبكرًا جدًا
فلَم أجِد حافلةً تقلنِي وقتئذٍ ، فلجئتُ إلى أقربِ مكانٍ يبيعُ الأطعمَة .

لَم أشأ دخول المطعمِ الشعبِي على الرغمِ من أن
كان لديّ كل الأسبابِ لدخولهَا ، فكنتُ جائعًا ، مشتاقًا لوجبةِ كاملة فلَم أتناول وجبة من بعدِ موتِ قطتِي ، و كان لدَيّ المال الكافي لدفعِ تكاليف الطعامِ لأنني لم أبذلَ فلسًا من مصروفِي الشهري في شئ سوَى مشروباتِك ، لذا ولجتُ إلى أقربِ محل أطعمة معلبَة وجدتهَا .

كان الخبزُ طازجًا في الصبيحَة ، لذا أخذتُ منها
قطعتان ، لم أكنْ شرهًا ، و كانت القطعة الثانيةُ لك ، و كما إعتدتْ ، أخذتُ مشروبًا باردًا من كل نوعٍ موجود .

شئ مَا بداخِلي كان يخبرنِي أننِي سأراكَ على سطحِ الكليّة بآلتِكَ الملازمةَ لك ، و إبتسامتكَ الهادئة .

و تبعتُ شعوري و وجدتنِي في سطحِ الكلية ، تلعبُ الرياحُ بخصلاتِ شعري ، و تعبثُ الأشباحَ في ذلك المكان الخاوِي .

لربمَا أنت اليوم متأخرًا ، أقنعتُ ذاتي بتلكَ الجملة و وضعتُ ما شريتهُ لكَ أرضًا ، ثم لحقتُ درسي الذي تأخرتُ عليهِ بضعُ دقائق .

كان الدرسُ عن الفنِ التجريدِي ، و فيهِ يطلقُ الرسامُ العنانَ ليديهِ و يدعهُ يتخبطُ في الورقة البيضاء كما يشاء ، فتخرِجُ يدِ الفنانِ فنًا بما يشعر .

بصراحةٍ خفتُ أن أطلق العنان ليدِي يومهَا ، فترسمُك .

لكننِي كنتُ فنانًا ، و الفنانُ دومًا ما يكون صادقًا ، مع نفسهِ أولاً ، و مع الفنِ ثانيةً .

لذَا أطلقتُ العنانَ ليدِي ، فوجدتهَا ترسمُ وجهًا يصرخ .

و حينها فهمتُ دواخلِي ، و إستأذنتُ عن الحصة الدراسية ، و ركضتُ نحوَ مبنى الموسيقَى .

تخطبتُ بعديدٍ من الأشخاص في طريقي و بدوت كالمجنونِ في أعينهِم ، و وصلتُ إلى قسمِ الآلات الحديثة .

صرختُ بإسمِ حسنُ الوجه الذي قابلتهُ أمسًا ، فتركَ ما بيدهِ و ركض نحوِي محرجًا من الناس الذينَ نظروُا إليّ
 
إلتقطتُ أنفاسي و تحدثتُ بسرعَة
" خذنِي إلى صديقِك ، جيون جونغكوك " .

.....

تعرفون الفنِ التجريدِي ؟

تأتينِي مُسائلاتْ في الخاص ان كان جونغكوك وعي مستيقظ ، أو انه شبح ! ، الأمر ليس هكذا يا رفاق اطمئنُوا ، هاروكا رواية واقعية فقط تمهلوا قليلاً و ستعرفون الصورة بأكملها .

هارُوكَا | تايكوك .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن