الشطرِ السادِس و العشرون : تلاشِي .

1K 128 35
                                    


صباحٌ متأخر ، ذلك ما حظيتُ بهِ بعد أمسيةٌ طويلة .

أكوابُ شايٍ مبعثرَة ، مشروبٌ منها إلى النصف ، و بطانيةٌ بعيدَة ، و ألمُ ظهرٍ لا يُطاق .

تعدلتُ جالسًا ، و حدقتُ بمَا يحيطنِي فلَم أجدُك ، و لم أجدَ شيئٌ يجذبنِي إليه .

فمددتُ يدِي مُريحًا مفاصلِي من الآلام التي داهمتهَا إثرَ النوم على الأريكَة .

ندهتُ بإسمِكَ مرارًا ، علّكَ تُجيبُ عليّ لأنني لا أعلمُ جيدًا ما الذي أفعلهُ هنا .

لَم تُجِب فرحتُ أراجعُ ذكريات الأمسِ و تذكرتُ ما فعلناهُ بالأمس ، مِن شربِ الشايِ و مشاهدة الأفلام .

مددتُ يدي إلى الهاتفِ لكي أرى الوقت ، كنتُ متأخرًا لكنهُ الأحد ، لذا ليس عليّ أن أقلَق .

رحتُ أجمع فضلات الطعامِ المُنتشرة ، و أضعها في القمامة ، لكِنني رأيتُ كأسَا الشايُّ البارِد ، مشروبةٌ إلى النصف تمامًا ، كلاهُمَا .

جعدتُ حاجبايّ بغير فهم ، كيفَ شرب كلانَا الشايّ نصفهُ ، و بنفس المقدار أيضًا ، رفعتُ كتفايّ متجاهلاً و وضعتُ ما بداخلهما في القمامةِ ثم توجهتُ إلى المطبخِ لأضع الكأسيِن في المِغسلة .

بحثتُ بعينَاي عنك ، لم يكُن بحثًا دقيقًا لأنني كنت اعلم أنك في مكانٍ ما من بالقُرب ، و لذا إستحممتُ حالما تعود ..
و لَم تَعُد .

خِلتُ أنك مشغولٌ في مكانٍ ما ، لذا أخذتُ حقيبتِي و جمعتُ أغراضِي بها ، و توجهتُ إلى خارج المنزِل ، و لم أغلق الباب .

تأففتُ و أنا أركبُ الحافلة العامة ، لأنهُ عليّ بدءُ صباحِي بوجهِ ناتسويَا و المقهى ذو اللون الأخضر ، لكننِي سأتحمُل هذا لأجلك .

قررتُ بأن أُرِيّ ناتسويا اليوم كُلمَا جمعتهُ ، و أخبرهُ بالحقيقة ، لربما سيتخذُ خطوةٌ نحوَ تبرئةِ إسمهِ
فتُحقِقُ عدالتُك ، أكنِي لكَ مئةُ إعتذار ، لأنني لستُ بصاحِب نفود لكِي أحقق لك تلك العدالة .

لطالمَا كرهتُ المشاويِر البعيدة ، و على الوسائل النقل العامة ، ذلك يُشعرِكَ بالهدوء و يجعلكَ تُفكِر في أشياء عديدة ، و أنا لا أحِبُ خوض الأحاديثِ مع نفسي .

فكرتُ في ليلةِ أمس ، كلمتكَ التي سمعتهَا و أنا شبهُ نائم ، الكلمةُ كانت تنغزُ رأسي منذ الصباح و أنا أتجاهلها مرارًا و تكرَارًا .

ما الذي يعنِيه " أنا انت و أنت أنا ؟ " .

هل كان ذلك إعترافُ حُب مثلاً ؟ إن كان كذلك فأنا مُضطرٌ لكي أرفضك ، لا أهوى المواعدة ، لا سيما إن كان ذلك مواعدة الفتيان !

لكن كلمتك كانت أقرب إلى شئٍ مبهم ، إعترافاتُ
الحبِ لا تكون غامضةٌ هكذا .

فكرتُ و فكرت إلى أن توقفتْ الحافلة ، ترجلتُ منها و إتجهتُ إلى تلك المقهى الحانقَة ، كان ناتسويا كعادتهِ يجلسُ في طاولةٌ قرب النافذة .

توجهتُ إليهِ و بيدِي مشروبُ الليمُون ، لكي لا تزعجنَا النادلة ، إبتسمتُ في وجههِ و جلستُ أمامه .

لم أمهلهُ وقتًا لقولِ صباحُ الخير ، داهمتهُ بمجموعةٍ من الحقائق ، كانت الصدمة تعتري ملامحهُ و هو يُجيبُ بين الأوراق .

" هَل ستأخذ الأمر بجديه ؟ " سألت .

" هل تمزحُ معِي ، سأوكِلُ أفضلَ محامٍ في اليابان لكي يتخلصَ من إبن العاهرةِ " قال بغضبٍ و هو يُجمع الأوراق .

" ناتسويَا " همستُ بإسمه .

" نعم " رد عليّ بملامحٍ غير التي كانت قبلاً .

" هل يمكننِي قول شئ ؟ " هزَ برأسهِ موافقًا بعدمَا سمع سؤالي .

" شُكرًا لك ! "

تبدلَت ملامحهُ إلى ملامحٍ لينة ، و منصدمةٌ قليلاً
" و لما ؟ "

" أنت تفعلُ شئٌ أردتُ فعلهُ دومًا ، تحقيقُ عدالة
جونغ كوك ، لذا شكرًا " لم أكُن متأثرًا ، كنت على علمٍ بأنه سيفعَل لأنني أرى نظراتُ إعجابهُ بي ، لكنّ التمثيل جيدٌ في بعض الأحيان .

" عزيزي تاي هيونغ ، لا بأس بهذا " نبسَ بذلك ، كلمةُ عزيزي قد تبدُو طريفةٌ للبعض لكنها تُجلِب لي التقيؤ . 

" عليّ الذهاب " قلتهَا و حزمتُ ما لِي ، و هممتُ بالرحيل إلا إن مناداةُ ناتسويا لي أوقفنِي .

وقفَ هو محلهُ " هل يمكننَا - "

" أنا آسفٌ جدًا ناتسويَا ، لكنني لستُ مُتاحًا "
كانت كذبةٌ جيدة للتخلصِ من شرهِ و شر مشاعرهِ .

" لا بأس ، سأنتظِر "

خرجتُ من المقهى و مشيتُ تحت الشمس ، هذا اليوم يُذكرنِي بأولٍ يومٍ رأيتُك فيها ، حينما ركضتُ من الجامعة إلى المنزِل .

رفعتُ نظري الى الشمس الساطعة ، حجبتُ ضوئها بيدي قليلاً ، و إبتسمت .

كيف مرَت الأيام ، كيف وصلتُ إلى الخِتَام ، كيفَ تحقق حلمِي في إرجاعِ حقك لك ، كيف حصل كل شئ .

حقيقةً ، أحِبُ هاروكِي موراكِي قليلاً ، فأنت حتمًا نجمةٌ بعيدة ، لربمَا لست موجودًا الآن ، لكِنَ الضوء الذي وجدتهُ منك يبدو حقيقيًا جدًا .

مشيت إلى المنزِل ، و لَم تَعُد إلى المنزل على الرغم إن الوقتَ كان منتصفُ النهار .

...

أكواب الشاي ها ، أكواب الشاي ؛) .

- شعرتُم أحيانًا بتلكَ المشاعر التي تداهمنَا نهاية الأمور؟ كنهايةُ عامٌ دراسي مثلاً ، أو إختبار ؟ .


هارُوكَا | تايكوك .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن