الشطر التَاسع عشَر : أمَل .

1.3K 143 36
                                    

كان الأمرُ صعبًا نوعًا ، أن أستيقظَ يوميًا و أراك تحدقُ بي من بعيد ، و كأني أملك الوحيد في هذه الحياة .

و حينمَا كنتُ أدركُ أنني أملكَ الوحيد كنتُ أرى نفسي في دوامةٍ عويصَة ، لا سبيل للخروجِ منها .

كونكَ تنامُ على أريكتِي ، تختلسُ النظر إلى رسوماتِي و تشاركنِي أطباقي جعل مني أشتاقُ للحياة التِي إعتدتها ، فارغَة و هادئة و مُمِلة .

قالَ أحدهم - و لربما أنَا قُلت -  أنّ هناكَ ثمةُ أشياءٍ تفتقَد بعدما نحصل على حياتنا المثاليّة التي نصنعهَا في عقولنا القاصِرَة .

غاردتُ شقتِي الضيقة يومهَا بعدما ألقيتُ عليكَ أو
على وعيِك كما تقول نظرَة ، كنت أو وعيكَ منغمسٌ في القرآءة ، لم أكنْ أفهم أيٌّ من الكتب التي تقرأهَا و على الرغم من أن هاروكي موراكِي كاتبٌ يابانِي ، و أنا أيضًا يابانِي .

سألتكَ يومًا عن سببِ إستمتاعِكَ بكُتبِ ذلك الكاتب الذي يدبجُ الكلمات بشكلٍ غير مفهوم ، فإبتسمتَ في وجهي قائلاً أن كتب ذلك الكاتبُ مفضلٌ لكل من يفهمهُ و عدوٌ لمَن لا يفهمه ، لربمَا أن سعيدٌ لأننِي من الأعداء الذين لا يريدونَ حقًا معرفة الحقيقة التي تختبئُ خلفَ رجلٍ يلتقِي بإمرأة يومًا ما ثمَّ يستمنِي بذكرهَا ثمّ يحرقُ منزله ! .

مشيتُ نحوَ المقهى التي أخبرتني عنها هاتشِي ، لكي أقابلَ ناتسويَا ذلك الفتى الذي تتوجهُ له جميع أصابع الإتهَام بينما حدسي يظلُ يخبرنِي بأنهُ برئ .

كان المقهى و على الرغم من غلاَءِ اسعارهِ بسيطٌ جدًا يطلُ على مكانٍ ملئٌ بالأشجار الخضراء ، لَم أحِب الطريقة التي صُمِمَ به المقهى أبدًا ، لكننِي كنت في المقهى زائرًا و ليس ناقدًا .

" أين يجلسُ السيد جُو ناتسويَا ؟ "
وجهتُ السؤال للنادلة التي صادفتهَا قريبةً مني .

" إنهُ ينتظرُ منذ فترة ، جالسٌ في الطاولة الخامسة ، أرجوكَ اسرِع إليه " قالتها النادلة بإبتسامة فرحلتُ حيث أخبرتنِي .

كان هنالكَ فتًا مليحًا يقعدُ على الكرسي بينمَا تعبثُ عيناهُ على الورقة التي يحملهًا بين يديِه .

كان مليحًا ، من يرى وجههُ يجزمُ بأنهُ حسنًا ، و أنا كرسامٍ حللتُ وجههُ ، و أدركتُ أنهَا ليست قابلةٌ بالرسم إلا من قِبَل الإله .

توجهتُ نحوهُ بخطواتٍ سريعَة ، و جلستُ قبالهُ فوضع الورقة بعيدًا ، و نظر إليّ مبتسمًا .
" تبدُو حسنًا ، من الجيد أنني لم أقابلكَ قبلاً "

أجعدتُ حاجبايَ بغيرِ فهمٍ لحديثِه " حسنًا ، أنا تاي هيونغ ، سعدتُ بمقابلتُك "

" جُو ناتسويَا ، سعيدٌ بمقابلتُك أيضًا هل نطلب المشروبات ؟ " قالها مشيرًا للنادِل .

رحل النادِلُ بعد أن أخذ طلباتنَا فرأيتُ أنني بحاجةٍ ملحِه لسؤالهِ لشئٍ لم أفهمُه .
" إذًا - "

" إذًا - "
أردفنا تلك الكلمة مع بعض ، و ذلك خلقَ جوًا داجًا قليلاً
ضحكَ ثم أشار لي بأن أبادِر فطرحتُ سؤالي عليه .
" لما أنت سعيدٌ لعدم مقابلتِي سابقًا "

وضع ملامحًا غير مفهومة قبل أن يردف
" حسن ، أنا إعتدتُ أن أكون شخصًا .. حسنًا دعني أقولها لك بشفافية ، شخصًا مثليٌ الجنس ، لو أنت لست على علمٍ بالأمر فهو أنني كنتُ أواعد الرجال قبلاً "
إعترف بحقيقتهِ ، لم أعرِ إهتمامًا بحقيقتهِ مطلقًا ، لم يكن ضروريًا أن يخبرني بذلك أصلاً . 

في الأثناء وصلت مشروباتنَا فبادرَ كلٌ منا بشربِ ما يخصهُ مع الإحتفاظ بالهدوء .

كسرتُ الصمت بحديثِي " ما الذي كنت تودُ سؤالي عنه ؟ "

إرتشفَ من مشروبهِ قليلاً ليتحدث
" لما لم تقل إسمكَ الأول ؟ ، كان ذلك محرجًا بالنسبةِ لِي و كوني شخصًا يابانيًا هو السبب "

إبتسمتُ إبتسامةً صفراء قبل أن أجِيبهُ
" ألم تدرك حقًا السبب "

" حسَن أنا أشكُ قليلاً في - "

" نعَم ، أنا ذو جنسية مختلطَة ، و أبي كان كوريًا "

صمتَ قليلاً و أردف بعدها " تذكرنِي بأحدهم "

حالما قال جملتهُ هجرتُ المشروب الذي كنتُ منشغلاً به
" أنا هنا لأجلهِ لو كنت لا تعلم "

" لقد سئمتُ المدافعةَ حقًا ، أنا لن أدافع عن نفسي
و أخبرك أنني لم أرميهِ من على سطح الجامعة ، لن أفعل " قال بصوتٍ ملئهَا اليَأس . 

" أنا هنا لأجل الحقيقة ، لا أعرفك و لا أعلم دوافعك أبدًا لذا أخبرنِي ما تعرفهُ ، سأكتفي بالصمت "
قلت لهُ مطمئنًا إياهُ فأخذ يقصُ عليّ ما يعرفه .

" أعترفُ بأنني كنت غيورًا من جونغ كوك لكن ليس للحد الذي يجعلني أرغب بقتلهِ من أجله ، نعم أردت أن لا يشاركَ جونغ كوك في المسابقة كي أفوز لكن منذ أن أحببتُ هاتشِي لم أفكر في المسابقة قط ، بل لأكون صادقًا ، لم ارد المشاركة أصلاً ، كان يكفيني وجودهَا لذا لم يكن لدي دافعٌ لفعل ذلك الشئ مع جونغ كوك  "
قال ما لديه دفعةٌ واحده ثم أخذ مشروبهُ ليفرغها في جوفهِ مرطبًا حلقهُ .

" أنت تقول انك لم تدعهُ إلى السطح ، و لا دفعتهُ ؟ "
سألتهُ للتأكيد .

" نعم لم أفعل ، لكن لا أحد صدقني و ظلوا رجال الشرطة يَجرونِي إلى المخفر يوميًا إلى أن استسلمُو "

أومئتُ برأسي متفهمًا ثم وقفتُ جامعًا أغراضي للرحيل لكنني جلستُ مرةً أخرى على الكرسي .
" سيد جُو ، ما الآلة التي تعزفٌ عليهَا ؟ "

لم يفهم سؤال فتغيرت ملامحهُ لكنهُ رضخَ لسؤالي
" البيانُو ، و اللوحات المفتاحيّة الحديثة ، و القليل
من الغيتَار "

" ما الذي تبرعُ بهِ ، أعني ما تخصصك ؟ "

" اللوحات المفتاحيّة بشكل عام ، و منها البيانو "

هززتُ رأسي بتفهُم و شكرتهُ لأنوي الرحيل ، لكن صوتهُ إستوقفنِي " هل أنتَ مُتاح ؟ "

" لمَا هل تريدُ رقمي ؟ "

......

من محبِي كتب هاروكِي موراكِي و لا من
الأذكياء اللي ما يفهمون الفلسفة مثلي ؟ .

هارُوكَا | تايكوك .حيث تعيش القصص. اكتشف الآن