الفصل الخامس عشر
وراء المجهول
:- ريان !!
كان كامل يتعامل مع أحد زبائنه .. في حين كانت وردة .. ابنة أخيه تعمل في الداخل .. كالعادة تبدو كالصبي بالقبعة التي أخفت شعرها القصير أصلا كشعر الصبيان .. كان يعرف بأنها غالبا ما تأتي بعد انتهاء دوام عملها للعمل مع كامل .. والآن وقد انتهت امتحاناتها وأقبلت الإجازة الصيفية .. كان على ريان أن يتوقع رؤيتها تعمل هنا على الدوام كما تفعل كل صيف بغية اكتساب مزيد من القروش تساعد بها عائلتها ..
لم يخطو ريان إلى داخل المتجر .. بل انتظر انصراف الزبون .. ثم كامل كي يخرج إليه وهو يسأله :- ما الذي تفعله واقفا هنا ... تفضل بالدخول ..
ألقى ريان نظرة سريعة نحو وردة التي كانت تنطر إليهما من مكانها عابسة وقد توقفت عن العمل .. ثم عاد يركز اهتمامه نحو كامل قائلا :- أحتاج لأن أتحدث إليك ... على انفراد ..
تركت وردة ما بيدها مصدرة ضجيجا عنيفا .. ووقفت قائلة بفظاظة :- بالإذن يا عماه ... سأمر على البيت لأطمئن على والدي وأخوتي ..
انتظر كامل مغادرة وردة ... التي مرت بينهما دون أن تنسى دفع ريان بكتفها بشكل لم يلاحظه سواه .. ثم قال لريان المظلم الوجه :- تعال ... سأعد بعض الشاي ... وسنتحدث ..في الدقائق الأولى التي تبعت صعود بحر إلى سيارته ... ساد صمت ثقيل .. مشبع بذكريات المرة الأولى التي أوصلها فيها بسيارته ..
كانت ما تزال تحت تأثير ما حدث ... إنما على وعي بحكمة قبولها بعرضه بتوصيلها .. مدركة بأنها لن تتمكن بعد ما حدث من السير وحدها في الطريق المظلم الفاصل بين الفندق ومحطة الباص .. لن تتمكن من فعلها دون أن تفقد عقلها هستيرية وهي تنظر حولها بين كل لحظة وأخرى خوفا من مطارد ما ..
كانت ما تزال مشوشة الذهن ... إنما ليس بما يكفي كي تدرك بعد مرور دقائق بأنه قد انعطف في منتصف الطريق ليدخل بالسيارة طريقا جانبيا بعيدا عن مقصدها ...
توترت في جلستها وهي تهتف بصوت أجش :- لقد أخطأت الطريق ..
قال بهدوء :- لا .... أنا لم أفعل ..
هي لم تخطئ التخمين ... هذا الطريق .. لا يؤدي بأي طريقة إلى وسط المدينة ... هست من بين أنفاسها :- أعدني إلى المدينة الآن وحالا ... أو أنزلني هنا وسأتابع طريقي وحدي ..
قال بحزم :- جئت بك إلى هنا كي نتحدث .. ولا .. لن أعيدك إلى المدينة .. ليس الآن ...
عندما مدت يدها بغريزية نحو الباب تحاول فتحه وقد اجتاحتها الهستيريا .. أوقف السيارة فجأة إلى جانب الطريق .. وأمسك بذراعها يمنعها من القيام بما كانت تخطط للقيام به وهو يهتف بها بصرامة :- لا تتصرفي بجنون ... أنا لن أؤذيك ... سآخذك إلى مقهى يقع في هذا الطريق حيث سنتمكن من التحدث بهدوء .. وأنا أعدك بأنني لن ألمسك خلال تواجدك معي ..
أنظارها كانت عالقة فوق أصابعه الممسكة بذراعها ... أنفاسها عنيفة ... مضطربة .. وهي تتذكر فجأة من يكون لقمان الطويل ... وبأنه هو من عليها أن تخاف منه حقا .. لا السيد مسعود ..
أخذ نفسا عميقا وهو يقول :- أحتاج لأن أتحدث إليك .. وفكرت بأن وجودنا في مكان عام سيسهل الأمر عليك .. وفي ذلك المكان .. على الأرجح لن يرانا شخص يعرف أي منا فيتناقل الأحاديث حولنا ..
قالت بتشنج :- تستطيع قول ما تريد قوله لي هنا ... في السيارة ...
كانت أصابعه ما تزال ممسكة بذراعها ... انخفضت أنظاره نحو وجهها الشاحب .. ويدها الأخرى التي ما تزال ممسكة بمقبض الباب .. ثم قال بصوت مكتوم :- لا .... هذا لن ينفع ..
أحست فجأة بأن مساحة السيارة قد تقلصت .. وبأنها إن قضت دقيقة واحدة إضافية معه .. ستفقد عقلها هستيرية ... وكأنه قد قرأ أفكارها ... حرر ذراعها وهو يعود إلى مكانه مستندا إلى ظهر مقعده وهو يقول واجما :- يجب أن نتحدث في مكان مفتوح .. حيث لا تشعرين بأنك محاصرة .. أو بأي ضغط لقبول ما أرغب بقوله لك .. سنجلس هناك لنصف ساعة فقط .. وبعدها سأعيدك إلى منزلك ..
عندما لم تبدي أي علامة على الثقة به .. قال بجفاف :- إن كنت قد نسيت ... لم تكن ردة فعلي جيدة عندما ظننت بأنك جزء من مؤامرة تهدف إلى سمعتي ... فلماذا تظنين بأنني قد أورط نفسي وأغامر بسمعتي الآن بإيذائك ؟؟؟
قالت بصوت مكتوم :- أنا لا أعرف عنك أي شيء ... وبالتالي ... ليس هناك ما أظنه حولك .. ما أريده هو أن أعود إلى البيت .. فلا أراك مجددا ما حييت ..
أطبق فمه بقوة ونفورها هذا يستفزه أكثر مما يجب .. قال ببرود :- أرى أنك تحملينني أنا ذنب ما حصل في الفندق ... ناسية بأن مسعود هو من تعرض لك لا أنا .. وأنك أنت من خرج برفقته بعيدا عن أعين الآخرين دون أن يرغمك أي أحد على هذا ...
قالت بصوت تصدع تماسكه :- لم ... لم أكن أفكر ... لم ...
أخذت نفسا مرتجفا ... ثم غامرت برفع نظرها إليه وهي تقول بضياع :- أنا لم أشجعه ...
:- أصدقك ...
قالها بهدوء .. وهو يقابل نظراتها بهدوء .. هو يصدق بأنها لم تتعمد إغواء مسعود ... إذ أنها جاذبة بالفطرة للجنس الآخر ... بعينيها الزرقاوين بلون البحر ... اللتين كانتا تنظران إليه الآن وكأنها تستفز فيه كل ما لديه من حماية .. كل ما لديه من ..... تعقل أيضا ..
لقد كانت جميلة ... جميلة بشكل لا يصدق ... شفتاها الرقيقتان كانتا ترتجفان بعجز ... شعرها كان قد تحرر من عقدته .. وانسدل داكنا ... كثيفا .. حريريا فوق كتفيها ...
قال بهدوء :- سنتحدث لنصف ساعة ... لا أكثر ... ثم أعيدك إلى بيتك ... أعدك ..
عندما لم تبد اعتراضا .. غامر بتحرير ذراعها ... فلم تحاول مغادرة السيارة هذه المرة ... مما دفعه أخيرا لإدارة المحرك من جديد ... ومتابعة الطريق ..
أنت تقرأ
عن الحكيم إذا هوى(مكتملة)
Lãng mạnرواية بقلم المبدعة blue me الجزء الأول من سلسلة في الغرام قصاصا حقوق الملكية محفوظة للمبدعة blue me