الفصل الثامن
لغز .. وطعنة ألف سكين
:- لا ... وألف لا ...
قال نعمان الطويل بحزم وهو يحدق بأصغر أبنائه الذكور ... يشبهه ... كمعظم أبنائه .. شكلا وطباعا .. إذ لا يمكن له أن يرث هذا العناد الغير عادي إلا منه :- أنت فقدت كل خياراتك عندما تصرفت بتهور ثم وضعت أخاك الأكبر في ذلك الموقف السخيف ... إن كنت رجلا كما أتمنى أن تكون .. فأنت ستقف .. وتتحمل مسؤولية أفعالك ..
هتف كنان بغضب وتمرد :- أنا لن أرضي ذلك المغرور فأمنحه بهجة امتلاكه أي سلطة علي .. أنا لن أعمل لديه ..
أسرعت والدته تتدخل :- كنان ... استمع إلى أبيك .. أنا متأكدة بأن لقمان يرغب حقا بأن تساعده في أعماله .. لابد وأنه قد استخدم تلك المشكلة بينكما كحجة كي يكسب أخاه إلى جانبه ..
عبس كنان وهو يرى والدته ترمقه بنظرات محذرة من وراء أبيه .. حاثة إياه على قبول تلك الفرصة التي تظن بأنها قد أتيحت إليه كي يتقرب من شقيقه الثري .. قال بغيظ :- أستطيع العثور على عمل من تلقاء نفسي
قال والده بجفاف :- نعم ... هذا صحيح .. والدليل أنك متخرج منذ أربع سنوات دون أن تفعل شيئا سوى التسكع وإنفاق أموالي هنا وهناك ... لقمان محق عندما قال بأنك بحاجة إلى يد من حديد .. أنت وشقيقتك .. كي تتوقفا عن إضاعة وقتكما وسنوات شبابكما بتوافه الأمور ... ابتداءً من الغد ... أنت ستذهب إلى مصنع الصلب كما أمرك .. حيث سيجد لك ما تقوم به هناك .. وأنت ستلتزم بعملك الجديد وتقوم به بفعالية وكأن حياتك تتوقف عليه ..:- ولكن ...
:- هذا ... أو خروجك من بيتي ... واضطرارك حقا للبحث عن عمل كي تحصل على مال كافي يغطي حياتك العابثة والطائشة لأنني لن أنفق عليك بعد الآن ...
للحظة ... ساد الصمت في الغرفة .. صمت ثقيل ومتوتر ... حدق خلاله كنان في والده مصعوقا .. بينما نظرت إيناس إلى زوجها متوترة وكأنها لا تصدق ما يقوله .. قبل أن تقول :- لا يمكن أن تكون جادا يا نعمان ... أنت لن تتخلى عن ولدنا ..
قال بحزم :- أنا لا أتخلى عنه ... أنا أدفعه كي يخطو الخطوة الأولى نحو الرجولة ... غدا ... أنا سأعرف من لقمان إن ذهب كنان إليه أم لا .. وعلى ضوء إجابته .. سأعرف كيف سأتعامل معه ..
التفت نحو جمان .. التي انكمشت شاحبة فوق الأريكة .. وقال :- جمان ستنتظر حتى انتهاء امتحاناتها .. قبل أن تذهب إليه لتستلم عملها الجديد ... لا مزيد من الطيش والتهور في العائلة .. أنا لن أسمح لأحد أبنائي بتوريط العائلة في فضائح أخرى .
قالت إيناس بلهجة لاذعة :- تقصد بأنك لن تسمح لابن آخر من أبنائك بتوريط العائلة في فضائح أخرى .. فضائح تتعلق بجرائم قتل أو ما شابه ..
التفت نحوها ونظراته تشع بالغضب وهو يقول :- ريان ليس قاتلا ... وبراءته ستثبت قريبا ... وإن أشرت بالسوء مجددا إلى أي من أبنائي .. فإن ردي لن يعجبك أبدا يا إيناس ..
راقبته بغضب وهو يغادر غرفة الجلوس .. حابسا نفسه في مكتبه .. كما في كل مرة يذهب فيها إلى منزلها .. كما في كل مرة يراها .. يعود مشحونا .. محبطا .. غاضبا .. وكأنه يكبح رغبته في تحطيم المنزل بكل ما فيه .. يبدو وكأنه عاجز عن تحملها .. أو تحمل أولادها .. معبرا بوضوح عن حبه الذي لم يمت لزوجته الأولى .. معبرا عن ندمه .. دائما لا يتوقف عن التعبير عن ندمه .. لأنه اختارها هي ..
المشكلة أن إيناس تعرف بأنه لم يخترها أبدا ... بأن آمال هي من تخلت عنه .. رافضة العودة إليه بعد أن تورط معها ..
حسنا ... إيناس أخذت منها نعمان ... وسرعان ما ستأخذه من أولادها أيضا ... فينسى ابني آمال الذين لم يسببا له حتى الآن سوى المشاكل .. ورغم ذلك مازال يفضلهما ... كما أنها ستأخذ لقمان ... ربما فشلت في الماضي من جذب المراهق الموعود بميراث ضخم لا حدود له .. مما جاء بالفائدة على آمال التي حققت من وراءه العديد من المكاسب ... إلا أن الوقت لم يفت بعد ...
لن تكون إيناس إن لم تأخذ منها في النهاية كل شيء ... ابتداءً بنعمان .. وانتهاءً بكل ما تعتبره آمال عزيزا عليها ..
أنت تقرأ
عن الحكيم إذا هوى(مكتملة)
Romantizmرواية بقلم المبدعة blue me الجزء الأول من سلسلة في الغرام قصاصا حقوق الملكية محفوظة للمبدعة blue me