الخاتمة

20.7K 407 62
                                    

الخاتمة

*
*
*
*
*
*

رغم كل محاولاتها لإخفاء هويتها أثناء مرورها عبر الحارة عائدة من الكلية ... لم تنجح في إيقاف شخص أو اثنين من التعرف إليها .. ورمقها بنظرات من نوع ... انظروا ... هذه هي ابنة أخ ذلك المجنون السفاح الذي أثار الرعب في الحي بعد قتله شابا بريئا ..
معاناتها .... لم تكن تعني أي شيء لها مقابل ما كان شقيقاها يعانيان منه في المدرسة ... أو ما كانت والدتها تواجهه كلما قابلت إحدى جاراتها أو النساء في الحارة ... هم كانوا أكثر هشاشة منها ... أكثر ضعفا .. هم ما كانوا قادرين على التعاطي مع قسوة الناس والمجتمع العاجز عن التفرقة بين المجرم الحقيقي وأشخاص لا ناقة لهم ولا جمل في الأمر برمته ...
:- هاي .... أليست هذه هي ابنة أخ ذلك المجرم ؟؟؟
:- لا تتركها تسمعك وأنت تتحدث عنها ... ستقتلك وانت نائم إذ أن هذه الأمور تورث ..
اتسعت خطواتها هي تحاول الوصول إلى بيتها قبل أن تسمع المزيد ... كي تتمكن من أن تقفل عليها باب بيتها فتنأى عن العالم بأسره ... ولكن ... أين لها أن تهرب من نظرات والدتها اللائمة ؟؟؟
( كيف استطعت أن تفعلي هذا بعمك يا وردة ... كيف استطعت أن تفعلي هذا بنا ؟؟؟ )
كان من الصعب على وردة أن تشرح لوالدتها الفرق بين الخطأ والصواب في هذه المرحلة ... أن تدفعها لأن تفهم السبب الذي لأجله كانت وردة السبب في سقوط كامل في قبضة الشرطة ... والدتها اعتبرت كامل أخا لها لمعظم سنوات حياتها .. وخلال السنوات الأخيرة ... هو كان أكثر من أخ لزوجها ... هو كان العائل الوحيد للعائلة بالإضافة إلى ما كانت وردة تجنيه من خلال عملها لدى آمال الطويل .. وهو ما فقدته العائلة أيضا بعد أن تركت عملها مباشرة بعد ما حدث ...
عاجزة عن العثور على عمل آخر .... في الواقع ... هي كانت عاجزة عن البحث عن عمل آخر ... فاقدة الرغبة في امتهان وظيفة أخرى لا تحبها ... إنما تحتملها لأجل الحاجة لا أكثر ...
:- هييه ... هل زرت عمك مؤخرا في السجن ؟؟؟
هؤلاء الشبان كانوا ينتظرونها كل مساء .. يتعمدون الوقوف في طريقها أثناء عودتها إلى .. يرمونها بالتعليقات ... منتهزين الفرصة لفعل المزيد عاجزين بسبب امتلاء الطرقات بالناس في ذلك الوقت من المساء ..
:- هاي .... هل أنت صماء ... أنا أتحدث إليك ...
أطلقت وردة صرخة قصيرة عندما اصطدمت بأحدهم خلال سيرها منخفضة الرأس ... ثم أحست بيديه تمسكان بذراعيها بقوة .. خفق قلبها بعنف وهي تستعد لقتال أي كان قرر أن رميها بالكلمات المسمومة لم يعد كافيا .. حتى أدركت بأنه لم يفعل أكثر من إمساكها على بعد مسافة آمنة عنه وهو يقول بقلق :- هل أنت بخير ؟؟؟
قفز رأسها على الفور عندما سمع الصوت المألوف لآخر شخص توقعت أن تراه الآن ... أو في أي وقت آخر .. أو إلى الأبد .. اتسعت عيناها وهي تحدق في ريان الذي رفع رأسه ينظر نحو الفتيان الذي تراجعوا على الفور عندما بدا واضحا من العنف الذي كان يشع من جسد ريان ونظراته أنه لم يكن متحفظا حول التورط الجسدي مثلهم ... فور أن ابتعدوا عاد ينظر إليها مكررا :- هل أنت بخير ؟؟
انتزعت نفسها من قبضته وهي تقول بخشونة .. راجية الله ألا يتمكن ريان من الإحساس بقوة خفقان قلبها ... أو بالرجفة التي اعترت جسدها صدمة بوجوده :- طبعا أنا بخير ... ما الذي تفعله هنا ؟؟؟ ظننت أنني كنت واضحة عندما أخبرتك بأنني لا أريد أن أراك مجددا ..
قال ببساطة غير مبال بغضبها :- لا .... أنت قلت بالحرف الواحد ... أن أي صداقة تحدث بيننا سيكون واقع من تكونين ... ومن يكون عمك .. عائقا يقف في طريقها .. صحيح ؟؟
هتفت بيأس :- مادمت تذكر كلماتي ... ما الذي تفعله هنا يا ريان ؟؟؟
هز كتفيه قائلا :- لقد كنت أفكر ... خلال الأسابيع السابقة .. بكل ما حدث .. وبكلماتك لي ... ثم أدركت أخيرا بأنك محقة ... فعلا لا يمكن لأي علاقة صداقة أن تقوم بيننا ..
رغم أن هذا ما كانت تريده بالضبط ... إلا أن كلماته كانت أشبه بالضربة على صدرها ... تمتمت بصوت مختنق :- هل جئت لتخبرني بهذا فقط ؟؟؟
:- نعم ... وأيضا كي أخبرك بأن علاقة صداقة هي آخر ما أريده منك ...
توترت ... وتشنج جسدها بشكل كان مرئيا له بينما كان يراقبها بدقة أثناء قولها بخشونة :- وما الذي تريده بالضبط ؟؟
قال بهدوء واثق :- أستطيع أن أخبرك ... إلا أنني أظن الأفضل أن آخذك كي تري بنفسك ..
حائرة ... متوترة ... فضولية .. رغم كل تحفظاتها ... لم تستطع وردة ألا أن تستجيب لدعوته .. فترافقه حيث تتمكن من رؤية ما يريده ريان الطويل أخيرا ...

عن الحكيم إذا هوى(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن