الفصل العشرون(تخصينني)

12.8K 284 13
                                    

الفصل العشرون

*
*
*
*
*
*

تخصينني...

:- ابتهج يا كنان .... ما الذي أًصابك ... أولا تمضي أٍسابيع طويلة قبل أن تقبل بالخروج معنا كالأيام الخوالي ... وثانيا تمضي الوقت برفقتنا عابسا وكأنك تحمل هموم الدنيا كلها فوق كتفيك ..
كان كنان مرهقا للغاية ... إنما عاجزا عن شرح سبب إرهاقه لأصدقائه المجتمعين حوله في مطعم كانوا يجربونه للمرة الأولى ... إذ كيف له أن يخبرهم بأنه يعمل منذ أسابيع في مصنع شقيقه إلى جانب عمال وضيعين .. وبأنه كان يعود كل يوم من عمله لينهار إرهاقا فوق سريره دون أن يجد الفرصة للقيام بأي من نشاطاته العبثية القديمة ...
تبا .... لقمان كان يحقق هدفه رغم كل شيء ... إذ أن كنان قد استحال خلال الفترة الماضية إلى الابن والأخ المثالي ... من العمل إلى البيت ومن البيت إلى العمل ...
لا وألف لا ... لن يسمح له أبدا بالانتصار ... ربما هو تمكن منه الآن ... إلا أن هذا لن يستمر طويلا .. إذ سرعان ما سيجد طريقة يوقفه فيها عند حده ..
رفع رأسه وهو يقول شاخرا :- أنا رجل مشغول ... ولدي الكثير لأفعله بعيدا عنكم أيها المتشردون ..
قال أحد رفاقه ساخرا :- أهي فتاة جميلة ... اعترف يا كنان ... أنت لا تستطيع أبدا أن تعيش بدون أن يكون هناك فتاة جميلة تحوم حولك .. وقد مرت فترة طويلة منذ رأينا فاتنة تتأبط ذراعك ..
سخر آخر :- ربما قرر كنان الطويل أن يترهب ...
:- أو أن يصبح فتى مهذب لا يصاحب إلا فتاة مهذبة مثله تحمل خاتمه ..
انفجر رفاقه بالضحك مثيرين غضبا أهوجا داخله ... دفعه لأن يقول بخشونة :- أكون مهذبا بهذه الطريقة يوم أموت ... كل ما في الأمر أنني أحب الاحتفاظ بها لنفسي ... على الأقل في البداية ...
ثم منحهم الابتسامة العابثة التي يتوقعونها وقال :- حتى أمل منها على الأقل ... ثم أعرضها عليكم أيها الوقحون .. وإن كنت في مزاج جيد حينها .. قد أسهل لكم الطريق إليها ...
لم يمتلك أحدهم أي سبب للشك في كلماته وقد اعتادوا على مغامراته التي لا تعد ولا تحصى مع النساء .. مما جعل أحدهم يقول بلهفة :- صفها لنا ...
أعاد ظهره إلى الوراء وهو يرسم ابتسامة متشدقة على وجهه قائلا :- مممم ... لنرى .... هي فاتنة ... وكأنها جمعت فيها فتنة نساء الأرض بحالها ... شعرها كستنائي بلون الجوز ... ينسدل طويلا .. متماوجا خلف ظهرها ...
رغما عنه ... كان خياله يتجه نحو الفتاة التي لم يسبق لأخرى أن سرقت أفكاره ومشاعره كما فعلت هي ... نحو بحر ... بشعرها الداكن الكثيف الذي تخيله مرارا وتكرارا وهو ينسدل بحرية فوق ظهرها العاري ..
:- عيناها بركتان واسعتان من اللون الأزرق المائل للخضرة .. وفمها الصغير الممتلئ ... يشبه برعم زهرة ندية حمراء .. تتوق لأن تقطف أخيرا ..
رباه ... لكم حلم بأن يتذوقه ... أتراها تسامحه إن سعى إليها ... إن ذهب إليها يستجدي العفو منها ..
أتراها تمنحه فرصة أخرى ... وتسمح له بأن يكون الرجل الذي يكتشف أسرار برائتها اللذيذة ؟؟؟
:- ممممم ... تبدو شهية ... ألا تحمل صورة لها يا كنان ... ستجعلنا ننتظر بشوق يوم تمل منها فيكون بمقدورنا أن نتذوق جمال غير عادي كهذا الذي تصفه ...
عاد كنان إلى واقعه وهو يحدق بصديقه عابسا ... إن أتيحت له الفرصة كي ينال بحر .. فإنه لن يمل منها أبدا .. كما أنه قطعا لن يسمح لأي من رفاقه التافهين الاقتراب منها ..
:- كنان ... أهذا شقيقك لقمان الجالس هناك ؟؟؟
الرهبة والقلق في صوت صديقه نبها كنان ودفعاه بتوتر كي يستدير إلى المكان الذي كان يشير إليه ... اتسعت عيناه ومزيج من الغضب والقلق يجتاحانه ... تبا .... إنه لقمان بالفعل ... ما الذي يفعله هنا ؟؟
من الغباء حقا أن يرهبه ويخاف من رؤيته وقد أنهى بالفعل ساعات عمله .. لكم يحنقه أن يزرع فيه أخوه الأكبر هذا الإحساس بالنقص والضعف أمامه ...
في الجانب الآخر من المطعم ...في زاوية بعيدة عن أعين الفضوليين .. كان أخوه نصف الشقيق يجلس مقابلا له ... على مائدة لشخصين .. تواجهه امرأة ما ... ولماذا يستغرب كنان هذا ؟؟؟
ربما يعتبره الجميع الحكيم الذي لا يخطيء .. إلا أن كنان يعرف الحقيقة .. يعرف أن النساء تدخلن وتخرجن من حياة لقمان الطويل بسرية وكتمان لا يدركه أحد ... بل هو يعرف ما يزيد عن هذا .. يعرف عن المرأة التي اتهمته العام الماضي باغتصابها ... فتم اخماد الفضيحة وقتلها في مهدها قبل أن يعرف عنها احد ..
إلا أن كنان لم يكن قط أي أحد .. ومعرفته بالأمر كانت عن طريق الصدفة البحتة .. وبقدر ما كان من المبهج أن يعرف بأن شقيقه الأكبر المقدس لم يكن كاملا كما يظنه الآخرون ... فقد كان من المحبط أن يعجز عن التحدث في الأمر وفضحه ... لأنه لا يمتلك أي دليل واحد على ادعائه هذا ...
رغما عنه ... وجد نفسه يحدق بفضول في المرأة المرافقة للقمان ... يتساءل عن نوع النساء اللاتي يرافقهن شقيقه الأسطوري عادة ... لابد وأنها جميلة ... لابد وأنها غير عادية ... لابد وأنها خبيرة ... فلماذا يضيع لقمان وقته مع امرأة لا تعرف كيف ترضي رجلا مثله ؟؟؟
من بعيد ... كان قادرا على رؤية شعرها الطويل... شعر كستنائي ناعم ومتماوج .. على ملاحظة رقة ورشاقة كتفيها .. على أناقة الطريقة التي استقام فيها ظهرها .. لقد كان هناك شيء مألوف فيها ... شيء كان يقلق كنان دون أن يعرف ما هو ... حتى استدارت جزئيا كي تخرج شيئا من داخل حقيبة يدها الصغيرة التي كانت معلقة إلى جانب مقعدها من حزامها الطويل ...
لقد كانت المرأة التي كان يحلم بها لتوه أثناء وصفه الدقيق لها أمام أصدقائه ...
لقد كانت بحر ...








عن الحكيم إذا هوى(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن