الفصل التاسع والعشرين
لكل بداية .............. نهاية
:- هل فقدت عقلك ؟؟
هتف أكرم وهو يدفع علياء إلى إحدى الغرف الجانبية في منزل والدته بعد مغادرة الضيوف على إثر تلك المواجهة التي استحدثتها علياء .. والقنبلة التي ألقتها في وجه قمر الراوي على مرأى من جميع الموجودين ..
لقد كان غاضبا إلى حد كان يعميه تماما عن الرؤية أمامه بعد رحيل شمس وقمر المباشر .. عاجزا عن نسيان تلك النظرة التي كانت لتقتله لو أن النظرات تقتل .. وكأنها تتهمه هو بالتواطؤ مع ابنة عمه لإيذاء شقيقتها التوأم بتلك الطريقة العديمة الرحمة ..
انتزعت علياء ذراعها من بين أصابعه وهي تقول بحدة :- لا ... أنا لم أفقد عقلي .. بل أنت من فقد رجولتك وأنت تنوح على غضب زوجتك منك .. كل ما فعلته هو أنني أخبرت تلك المرأة بالحقيقة بدلا من أن تعرفها لاحقا بأسوأ طريقة ..
قال من بين أسنانه :- لا تستخفي بذكائي يا علياء .. ما فعلته لا يمت للنوايا الحسنة بصلة .. أنت فعلت ما فعلته مدفوعة بأحقاد شخصية بينك وبين كل من شمس و شقيقتها ..
هزت كتفيها قائلة بدون اهتمام :- أنا لم أدعي قط أنني أحب أي منهما .. إلا أنك تعطيهما الكثير من الأهمية بافتراضك تكبدي أي عناء لأجل إحراجهما ..
:- أكرم ... اتركنا وحدنا ...
للحظات ... ورغم أمر والدته بلهجتها الهادئة إنما الصارمة .. ظل أكرم يتبادل النظرات مع ابنة عمه التي لم تخفض من وتيرة التحدي في خلايا جسدها المتوترة قيد أملها تحت وطأة نظراته القاسية ... قبل أن يغادر الغرفة تاركا الامرأتين معا ..
فور أن انفردتا في الغرفة ... هتفت علياء بآمال بنزق :- ما الأمر ؟؟؟ هل ستوبخينني أنت أيضا على تعكيري لمزاج كنتك وشقيقتها هذا المساء ...
لم تجب آمال على سؤال علياء ... بل سألتها بجمود :- أصدقيني القول يا علياء ... عندما اقترحت علي إقامة هذه الحفلة حتى لا يشك لقمان ولو للحظة بأننا خططنا لما يحدث الآن مع بحر .. ثم أصريت على حضور قمر الراوي كشاهد آخر على الحدث .. هل كنت تعرفين بأن خالد أديب قد تزوج بناهد ...
أطبقت علياء فمها بقوة للحظات ... ثم قالت بعصبية :- لقد كنت أعرف بأنهما يفكران بالزواج ... ناهد اتصلت بي مساء الأمس لتخبرني بأنهما سيعقدان قرانهما صباحا .. واليوم عرفت من خلال والدتها بأنهما قد تزوجا بالفعل ..
:- هذا يجيب عن سؤالي بالإيجاب ... صحيح ؟؟
هتفت علياء بغضب :- تتصرفين وكأن ما حدث يزعجك .. ومنذ متى نهتم بما يصيب أو يزعج أي من بنات الراوي يا عمتي ...
قالت آمال بصرامة :- لا ثأر مباشر لنا مع قمر الراوي يا علياء .. مما يجعل تصرفك طفوليا وأحمقا أيضا .. أنت لم تهينيها هي فقط .. أنت أهنت نفسك على مرأى من الجميع .. ربما هم سيسخرون من قمر الراوي ويشمتون بها .. لكن لا تشكي ولو للحظة بأنهم جميعا وبدون استثناء .. سيحتقرون فعلتك هذه .. ويتذكرونها لك إلى الأبد ..
قالت علياء من بين أسنانها :- لا يهم ... كل هذا لا يهم .. يجب أن تسعدي بما أن ما فعلته اليوم دمر أي مخاوف لديك بعودة أكرم لشمس الراوي نهائيا .. إذ تبدو غاضبة منه حقا ..
عندما لم تتحرك أي عضلة في وجه آمل الطويل ... هتفت علياء مستنكرة :- ما الأمر ؟؟؟ لا تقولي بأنك ما كنت تمانعين لو أن أكرم جاء إليك الآن وأخبرك بأنه ينوي الاستمرار في زواجه من شمس .. بأنك لا تفقدي عقلك إن أخبرك بأنه لن يطلقها أبدا ..
قالت آمال الطويل باقتضاب :- لنقل بأن الفترة التي قضتها شمس الراوي تحت سقف بيتي دفعتني للنظر إليها من منظور مختلف ..
قالت علياء بقلق :- ماذا تقصدين ؟؟؟
:- أقصد بأنني رغم رفضي القديم لزواجه قبل أربع سنوات .. وسعادتي حين تكاتف معنا القدر فانتهت علاقتهما .. لا أستطيع أن أنكر بأنه كان سعيدا معها ... وأنه لم يبد لي حيا من جديد .. متحمسا لأجل شيء ... راغبا بشيء .. حتى تزوج بشمس الراوي من جديد ..
حدقت فيها علياء وكأنها قد تلقت صفحة مفاجئة على وجهها وهي تقول :- أنا لا أصدق ... أنا لا أصدق ما تقولينه .. ما ينقص الآن أن تعلني موافقتك على وجود بحر الوالي في حياة لقمان أيضا ..
عبست آمال وهي تقول :- هذه هي مشكلتك يا علياء .. أنك تخلطين خوفك من تأثر لقمان ببحر بكل شيء آخر .. أنك تحملين الجميع جريرة وقوع بحر في طريق لقمان .. حتى وأنا أؤكد لك بأنني لن أسمح لها بأن تنال منه ما تريد .. وأن لقمان في النهاية سيكون لك ..
صمتت علياء ... دون أن تقول شيئا ... إلا أن صمتها كان أكبر دليل على مقدار الخوف والقلق والإحباط الذي كانت تشعر به .. قالت آمال متابعة بصوت قاسي :- وإجابة عن تساؤلك الصامت يا علياء ... لا ... أنا لم ولن أغير رأيي أبدا .. رغم بشاعة ما فعلته ببحر .. بما فعلناه أنا وأنت ببحر .. ثقي بأنني لن أتورع عن فعل أي شيء آخر مقابل أن أبعدها عن طريقه .. شاء أم أبى .. ومهما كان لقمان واثقا من حكمته ورجاحة عقله .. أنا لن أسمح له أبدا بأن يقع في الفخ نفسه الذي وقع فيه أبوه .. لقمان أبدا لن يقع بين براثن امرأة غير جديرة به ...
رغم كل مخاوفها ... تمكنت علياء من أن تسترجع شيئا من ثقتها بنفسها .. إذ أنها تعرف آمال جيدا .. وتعرف بأنها إن أرادت شيئا .. فإنها لن تتوقف أو تترك وسيلة إلا واستخدمتها لأجل الوصول إليه .. والمكان الذي تقبع فيه بحر الوالي في هذه اللحظة .. هو أكبر دليل على هذا ...
أنت تقرأ
عن الحكيم إذا هوى(مكتملة)
Romansرواية بقلم المبدعة blue me الجزء الأول من سلسلة في الغرام قصاصا حقوق الملكية محفوظة للمبدعة blue me