الفصل الثالث والعشرون(أول خطوة نحو الهاوية)

10.8K 288 13
                                    

الفصل الثالث والعشرون

أول خطوة نحو الهاوية


:- شمس ...
لم يتردد أكرم قبل أن يخطو نحو الجسد الملقى على الأرض على بعد خطوتين من السرير ... يبدو وكأنه خالي من كل أشكال الحياة بالطريقة التي تكوم فيها على الأرض وكأن سقوطه قد حدث فجأة بدون أي إنذار مسبق .. شعرها الحريري العسلي اللون كان متناثرا حول رأسها بفوضوية ... جثى إلى جانبها وقلبه يهدر بين أضلعه جزعا .... مد يده إليها ليسحبها على الفور عندما أحرقته حرارة بشرتها .. لقد كانت تحترق بالحمى ..
:- شمس ...
لا جواب ... لم يفكر قبل أن يقلبها على ظهرها ... ويرفعها بين ذراعيه معيدا إياها فوق سريرها .. عندما سمع والدته تقول وراءه بتوتر :- ما خطبها ؟؟؟
قال بخشونة وهو يبعد خصلات الشعر الكثيفة عن وجهها الذي تعارض شحوبه الشديد مع احمرار وجنتيها بإثر الحمى :- ماذا تظنين خطبها ... إنها مريضة ... كنت لتعرفي هذا لو أنك أتعبت نفسك بإلقاء نظرة عليها قبل أن ترسلي الخادمة في رحلتها التجسسية إلى غرفتها .. إلا أنها عدوتك ... هي أقل من إنسانة في نظرك .. وبالتالي هي لا تستحق إطلاقا أي معاملة إنسانية في هذا المنزل ... صحيح ؟؟..
لو كان ينظر في تلك اللحظة إلى والدته ... لرأى إجفالها العنيف من قسوة كلماته ... وجهها شحب وهي تقف مكانها مترددة .. دون أن تعرف ما عليها فعله .. قالت بتوتر :- هل ... هل أتصل بالطبيب ؟؟؟
:- أتراك نسيت بأنني طبيب ... أنا من سيهتم لأمرها ... اذهبي إلى موعك يا والدتي .. أنا متأكد بأن شمس لن ترغب بوجود شخص يكرهها حولها بينما هي في حالتها الهشة هذه ... عاجزة تماما عن الدفاع عن نفسها ...
أيضا ... أغفل أكرم عن الخزي الذي أطل من عيني والدته وهي تتمتم :- حسنا ... كما تريد يا أكرم ... سأرسل لك الخادمة إن احتجت لأي مساعدة منها ...
لم يسمعها ... لم يشعر بها تغادر وهو يحل أزرار القطعة العلوية من منامة شمس الحريرية .. لقد كانت حرارتها مرتفعة للغاية ... نهض تاركا إياها متجها نحو الحمام الواقع إلى جانب الغرفة .. وتناول منشفة صغيرة قام بتبليلها وعاد من جديد إليها ليمررها فوق بشرتها الساخنة وهو يهمس :- شمس ... تحدثي إلي حبيبتي ... كيف تشعرين الآن ؟؟؟
أنين خافت صدر عنها وهي ترتعد لملمس المنشفة الصغيرة التي كانت تفقد كل حرارتها فور مرورها فوق أي جزء منها ...
:- سيد أكرم ... لقد أرسلتني السيدة آمال ... كيف أساعدك ؟؟
لم ينظر إلى الخادمة وهو يقول بينما عيناه مركزتان نحو الجسد الخامد والمرتجف :- أحضري الحقيبة الطبية الخاصة بي والتي أحتفظ بها في المنزل للطوارئ .. إنها داخل إحدى خزائن غرفة نومي ..
غادرت الخادمة الغرفة تاركة إياه وهو ينظر إلى شمس بعجز ... تبا .. السنوات الطويلة التي قضاها يدرس الطب .. لم تؤهله للحظة يجد نفسه فيها في موضع العناية بشخص يهتم بأمره إلى هذا الحد ..
يهتم لأمره ... رباه ... هو يهتم لأمرها ... هو يهتم لأمرها كثيرا .. وأن يراها في هذه الحالة من الضعف .. تذكره بتلك الأيام التي كانت تلاحقه فيها وهي ترتجف خوفا ولوعة ... تترجاه ببؤس ويأس أن يتذكرها
( أركان ... انظر إلي ... لماذا لا تنظر إلي ) ...
همس وأصابعه تلامس بشرتها المحترقة :- :- لن أتخلى عنك أبدا يا شمس .. أبدا لن أتركك ورائي وأجبن مجددا .. أعدك ...
أنت مجددا .. و جسدها ينتفض وكأن ألما حارقا يلم به ... كانت وكأن حرارتها تستمر في الزيادة شيئا فشيئا ... مما لم يترك أمامه سوى حملها من جديد من فوق السرير .. ونقلها إلى الحمام في إجراء لم يجد عنه بديلا في حالة العجز التي كان يحس بها .. غير قادر حتى على انتظار وصول الأدوية من غرفته ...
:- سيد أكرم ..
صوت الخادمة المجفل أتاه بينما هو يوقف شمس مسندا جسدها الضعيف إليه داخل حوض الاستحمام ... نظر إليها من فوق كتفه ليشهد اتساع عينيها بمزيج من الصدمة والاستنكار ... تبا ... هو يحاول خفض حرارة شمس لا اغتصابها ... كما أنها زوجته بحق الله ... زوجته ..
تردد الفكرة داخل رأسه ... جعله يدرك فجأة الطريقة التي كان يمسك فيها بجسدها الساخن ملتصقا به حتى كان يشعر بكل جزء من تفاصيله .. أحس بالحمى ترتفع داخل جسده هو الآخر وهو يقول بخشونة للخادمة :- جهزي ملابس جافة ونظيفة لها ريثما أحاول خفض حرارة زوجتي ..
عندما ضغط على حروف كلمة زوجتي ... اختفت الخادمة على الفور مغلقة الباب ورائها تاركة إياهما وحدهما ... حاول أكرم تركيزا هتمامه في ضبط درجة المياه بدلا من رقة وأنوثة الجسد المائل فوقه بعجز ... يرتجف ببرد تعارض تماما مع سخونته العالية .. انتفضت كالعصفور الصغير عندما ضربتها أو دفقة من المياه التي كانت شبه فاترة .. فضمها إليه تاركا الماء يبلله هو الآخر .. وهو يهمس لها بالكلمات المهدئة .. وكأنها طفل صغير بين يديه ... وكأنها ... وكأنها طيف طفله الذي تسبب بمقتله قبل أربع سنوات .. ثم لم ينقطع عن الحلم به أبدا منذ ذلك الحين ... ربما هو تزوج بعد ذلك من نيفين وأنجب منها راية .. ربما هو يحب رايته الصغيرة كما لم يحسب نفسه يوما أنه قادر على أن يحب .. إلا أن فجوة عميقة ظلت محفورة داخل صدره منذ فقدانه طفلا لا يذكر أصلا دوره في تكونه ... فجوة ما من سبيل أبدا إلى ردمها ...
عندما بدأ ارتجافها يزيد ... عندما أحس بحرارة جسدها تنخفض تحت وطأة المياه .. أوقف تدفقها ... ثم وبإرادة رجل يرفض أن يترك المغريات تجرفه .. رجل يصر على هيمنة الطبيب داخله ... بدأت يداه تزيحان معظم الملابس المبتلة عنها .... قبل أن يسحب المنشفة الكبيرة المعلقة وراء الباب .. ويلفها بها حاملا إياها إلى غرفتها
:- سيد أكرم .... أنت مبتل تماما ... لم لا تسمح لي بالاهتمام بالسيدة شمس ريثما تبدل ملابسك ...
لم يجد أكرم بديلا عن الإذعان لاقتراح الخادمة .. خاصة وقد كان في حاجة ماسة للابتعاد تماما عن الجسد الشبه عاري والملتف بالمنشفة بين ذراعيه ...










عن الحكيم إذا هوى(مكتملة)حيث تعيش القصص. اكتشف الآن