💫💫💫

316 47 99
                                    

حصلت على الراحة أخيرا بفعل الماء الساخن ، أمي لا تزال تتنظرني في الصالة لتعرف ما حدث حتى عدت كالعائد من حرب مع البيزنطيين خاسرا ، و كأنني أنا ذاتي أعرف ما حدث.
خرجت بهدوء مع البخار المحتجز في الحمام ، و سرت ببطء نحو مجلسها.
تقمصت بجدية دور المحقق ، أهنئها على هذا ، تضع ساقا فوق أخرى ، و حاجبا أعلى من آخر ، و تنتظر

_"صباح الخير أمي"

_"صباح الخير؟ أقلت صباح الخير؟ تأتين مساء بجرح في الجبين ، حادث بسيط أمي! ، و في الصباح بجروح و رضوض متنوعة ، كيف ستعودين ظهرا؟ ستقلك سيارة إسعاف؟"

تنهدت ضجرة ، ثم جلست قريبا منها.
لديها الحق في كل هذا الاستغراب ، لو كنت في مكانها _و أتمنى ألا أفعل_ لغضبت فعلا ، في الواقع لما كنت بعيدة عن أبنائي كما هي أمي

_"أمي ، القصة لا يمكن أن تختصر"

_"عصابة أليس كذلك؟ أخبارهم باتت كثيرة جدا الآن.."

أمي تعمل صحفية ، عملها لا يشغلها عنا فحسب ، بل يسرقها ليكونها بدواخلها و خوارجها على نسق جديد مناسب فقط له، و هذا ما سمح لها بتقمص دور المحققة ، فعملها في قسم الحوادث أقرب إليه كونه تحقيقا جنائيا من أن يكون مجرد كتابة مقالات لا أحد يقرؤها

_"أمي ، اهدئي بعد إذنك ، ليست عصابة ، بل مصادفات غبية أوقعتني ضحية للسيارات"

_"حادث سيارة؟"

حادث سيارة؟ أمي ذكية حقا ، قد جاءت لي بالحل المناسب ، الكذبة التي لا تعد كذبة إذا ما قلبت الأمر في دماغي قليلا ، فما حدث أمس كان فعلا حادث سيارة

_"نعم أمي ، حادث سيارة"

_"يجب أن نضع حدا لمشاكل المرور! ألم تحصلي على رقم السيارة؟ لونها شكلها..وصف صاحبها؟"

_"لم أستطع ملاحظة شيء ، انشغلت عن كل شيء بالألم"

بالضبط ، أنشغل الآن عن كل شيء بالألم.
ألم الفراق الذي ما فتئ يزور قلبي حتى أهلكه و أنساه حتى كيف ينبض على النحو الصحيح

_"لا بأس حبيبتي ، دعينا نزور المستشفى الآن ، يجب علينا أن نتأكد من سلامتك"

_"لا بأس أمي ، أشعر بتحسن ، أريد أن أنام فقط"

_"نخاف ارتجاجا في الدماغ أو جلطة ما..دعينا نزور المستشفى"

نخاف ، هي و الطاقم حولها في الصحيفة.
الأمر مؤذ أن تعاملك أمك كسبق صحفي من باب الاهتمام ، لكنني و كما سبق و ذكرت ، نسيت حقا كل شيء ، و ما عادت هذه الأمور تهمني

فتيان النجوم~ENHYPENحيث تعيش القصص. اكتشف الآن