«وحشتيني أوي أوي أوي أوي.»
نطق زافرًا أنفاسه الحارّة بالقُرب من بشرة وجهها بنبرةٍ مليئةٍ بالاشتياق، كان ذراعه يعانق خصرها يلصقها من الخلف بصدره ويده الأخرى تكتم صرختها التي كادتْ تُفلت منها بسبب ظهوره المفاجئ، بينما الأخرى كانت قد سكنتْ قليلًا بين يديه؛ عندما أراح صوته أذنها وخفّف من اشتياقها له هي الأخرى. فأسند ذقنه على كتفها براحةٍ يمنحها القليل من الحرية من سجن ذراعه ما إن شعر بهدوئها، ولكنه لمْ يلبث أن يبتسم حتى أطلق تأوُّهًا عاليًا حينما غرزتْ أسنانها في كفّه على فمها تعضُّه بقوةٍ تاركةً علامات لأسنانها في باطن كفّه.
أزال كفّه سريعًا بعيدًا وترك خصرها يمسك بكفّه ناظرًا لعلامات أسنانها الغائرة في جلده بصدمةٍ، ثم رفع عينيه ينظر لها برهبةٍ ما إن استدارتْ ترمقه بعينين دامعتين، وللمرة الثانية لمْ يلبث أن يسألها عمّا بها حتى انفجرتْ في البكاء تزيد صدمته مرتميةً في عناقه تلفُّ ذراعيها حول جسده واضعةً رأسها على صدره تبكي وتستنشق ماء أنفه على قميصه الأسود متحدثةً من بين شهقات بكائها:
«و.. وأنت كمان وحشتني أوي يا خالد.»
رمش خالد بعدم فهمٍ لما يحدث ولا لسبب بكائها حتى، ولكنّه تنهّد يتحامل على ألم عضّتها يلفُّ ذراعيه حول جسدها يعانقها، ولكنها أبعدتْ رأسها عن صدره تنظر له بحدةٍ وكأنها لمْ تكن منهارةً في البكاء في عناقه للتو، دفعتْه بعيدًا عنها بقوةٍ تهتف فيه ودموعها عادتْ للسقوط:
«ابعد عني! ابعد عني أنا بكهغك (بكرهك)!»
«هو في إيه؟ هي الحالة جيت لك تاني؟ وبعدين بتكرهي مين يا روح أمك؟ ماسمعكيش بتقولي الكلمة دي تاني!»
تجهّم وجهه يرمقها بحدةٍ جعلتْها تنكمش قليلًا متوقّفةً عن البكاء، فاقترب منها يمسك ذقنها بكفّه يضغط على وجنتيها بأصابعه حتى برزتْ شفتاها للأمام تناظره بخفوتٍ كالقطة البريئة، حينها اقترب منها يطبع قُبلةً سطحيةً على شفتيها البارزتين، ثم سحبها في عناقه يضغط على جسدها ضد جسده، إلى أن تأوهتْ تحاول الإفلات منه متذمّرةً:
«أنا إنسانة والله وعضمي مش مصنوع من الحديد.»
«ششش بعد العضّة المفاجَأة دي ماتتكلميش تاني، وحشتيني.»
أصمتها يضغط على عناقها أكثر، فابتعاده عنها طوال هذه المدة بسبب عمله الذي نقله لمحافظةٍ أخرى رغم تخرُّجه من أكاديمية الشرطة قبل ما يُقارب الخمسة شهورٍ فقط - جعله يشتاق لها كثيرًا، حتى عاد بنيّة نقاشها في أمرٍ يُعجِّل من كونها له كُليًا وليس ما بينهما زواجٌ على الورق فقط. أمّا من جهتها فقد كانت تتصرّف بغرابةٍ بسبب تفكيرها بغرابةٍ أيضًا، منذ الصباح وقد كانتْ حالتها غير طبيعية، لمْ تكن ندى المرحة الصاخبة التي اعتاد الجميع عليها، بل كانت هادئةً شاحبةً تشعر بالبرد الشديد رغم عدم برودة الجو لهذه الدرجة، وهذا جعل خالد راغبًا في الاستفسار عن حالتها بينما يسحقها بعناقه، قبل أن يقطع لحظتهما صوت رجوليّ مرِحٌ من خلف خالد:
أنت تقرأ
لأنني أنثى (الكتاب الثالث) |+١٦|. ✔️
Spiritualeقالوا أنني امرأة، والرجالُ قوّامون على النساء. - الجزء الثالث من رواية (مذكرات مراهقة). - عن قصة حقيقية رُويَتْ من أفواه أبطالها. الجانب الدرامي المُناضل مني: {ندى الشحات}. الغلاف من تصميمي. ما بالرواية من أحداث نقلتُها بعد أخذ الإذن المُثبت من أصحا...