تحذير: يحتوي الفصل على بعض الألفاظ القوية والمشاهد الجريئة.
......نجد أنفسنا في أكثر الظروف أنانيين، فالإنسان خُلِق مُتطبِّعًا بالفطرة على الرغبة في الحصول على كل شيءٍ، خاصةً الشيء الذي نحبه، ونريده بشدةٍ. بعضنا تتأصّل فيه القناعة ويرضَى بما قسمه الله له، والبعض الآخر يأخذ وقته في محاولة التحلِّي بهذه القَناعة والابتعاد عن ما يريده بالأنانية. أمّا تلك الفئة التي تغلبها نفسها البشرية وطِباعها.. تتخذ الأنانية سبيلًا لها.
ولكنّ هذه الأنانية لا تضرُّ صاحبها فقط، بل تتفشّى كالمرض تؤذي جميع المُحيطين بصاحبها.
منهم شاهندة، تلك الشابة ذات الثمانية عشر خريفًا، ذابلةً شاحبة القلب والنفس، رأتْ أنّها وحيدةٌ منذ وفاة والديها قبل ما يُقارب العشر سنوات. كانت لا زالتْ طفلةً بالثامنة من عمرها وشهِدتْ وفاتهما معًا في حادثٍ أليمٍ أثّر بالسلب المُفرِط على نفسيتها وحياتها ونموها كذلك؛ فأصبحتْ تكره الحياة وبقيتْ صامتةً لا تتفوّه إلّا بالقليل لما يُقارِب الخمس سنوات. ولكنها ما إن التحقتْ بالمرحلة الثانوية حتى تبدّل حالها تمامًا. أصبحتْ تقضي معظم يومها خارج المنزل، لا تجيب اتصالات شقيقها أو زوجته، تتعامل بحريةٍ مُطلَقةٍ، تتلفّظ بألفاظٍ وشتائم بذيئةٍ لا تناسب طبقتها الاجتماعية أبدًا، بل وأصبحتْ أكثر تبجُّحًا واندفاعيةً. عاشتْ وكأنها وحيدةٌ بالفعل متجاهلةً وجود شقيقها معتصم وأسرته الصغيرة جوارها وحبّهم لها، بل أوهمتْ نفسها أنهم لا يحبونها، شقيقها يبقيها بجانبه فقط حتى تصل للسن القانونيّ وتصبح قادرةً على التعامل بالعقود سينهب ميراثها ويلقيها بالشوارع.
لا تريد التصديق أنّ معتصم لن يتخلّى عنها ولو على سيف رقبته، يحبُّها؛ فهو الذي تولّى تربيتها ورعايتها منذ عامها الثامن رغم نفورها منه، ولكنّه استمرّ بالمحاولة بيديه وأسنانه. شاهندة شقيقته، من لحمه ودمه، الوحيدة المُتبقِّية لتذكيره بوالديه اللذين أرهقه رحيلهما كثيرًا. اعتبرها ابنته الأولى قبل ابنته تالا حتى. نفّذ لها كل ما تريد، لمْ يحرِمها شيئًا. ولكنها بقيتْ تنفر منه، شيطانها ملأ أذنيها بالسوء عنه، حتى لمْ تعُد تريده بحياتها، وبدأتْ تتصرَّف وكأنّه غير موجودٍ.
إلى أن بدأ معتصم يقلق عليها بسبب قضائها لمعظم أوقاتها خارج المنزل، وأحيانًا لمْ تكن تعود سوى في اليوم التالي مثيرةً الارتعاب لا القلق فقط في قلبه؛ لذلك وجد أن توظيف حارسٍ شخصيّ لها تحت مُسمّى السائق الخاص هو الحلُّ الأمثل لمراقبتها وإبقائها آمنةً خارج المنزل.
وكان أدهم قدَر شاهندة طوال السنوات الثلاث السابقة، أصبح حارسها الشخصيّ وسائقها ومرشدها وأكثر الأشخاص قضاءً للوقت معها. كان في البداية يتعامل بأشدِّ الطرق رسميةً مُراعيًا الفروق الكثيرة بينهما، ولكن مع مرور الأيام واصطدامه بالكثير من المفاجآت والتعامل السلِس من شاهندة أصبح مُعتادًا عليها، اعتاد على كلماتها الجريئة معه، اعتاد على ابتساماتها التلقائية وتعاملها دون أي حدودٍ تُذكَر معه. رغم أنها علمتْ منذ البداية أنّه ليس عازبًا، بل لديه خطيبةٌ يضع خاتمها في بنصره وقد حكى لها أدهم عن قصة الحب التي دارتْ بينه وبينها، ولكنّ شاهندة لمْ تستطِع كبح مشاعرها تجاه أدهم.
أنت تقرأ
لأنني أنثى (الكتاب الثالث) |+١٦|. ✔️
Espiritualقالوا أنني امرأة، والرجالُ قوّامون على النساء. - الجزء الثالث من رواية (مذكرات مراهقة). - عن قصة حقيقية رُويَتْ من أفواه أبطالها. الجانب الدرامي المُناضل مني: {ندى الشحات}. الغلاف من تصميمي. ما بالرواية من أحداث نقلتُها بعد أخذ الإذن المُثبت من أصحا...