|٢٢|يحدُث في شرم.

7.5K 457 876
                                    

تحذير: يحتوي الفصل على بعض الكلمات القوية.

..........

تهون المسافات بوجود رفيق الدَرب. تقصُر الطُرق برفقة مَن يشاركك إياها مُنصتًا أو مُتحدثًا. وتُصبح الرحلات أفضل، مليئةً بالذكريات السعيدة، الضحك والمُزاح وربما التسلية بالمأكولات والمشروبات مع مَن نُحبُّهم ونستحسِن رفقتهم.

ليستْ هناك أفضل من رحلةٍ يُشارِكك إياها فردٌ تستحسِن رفقته من العائلة، أو صديقٌ تحبُّ مجالسته ومحاورته، أو حبيبٌ يُنصِت لك ويستمتع بما يخرج من بين شفتيك بإصغاءٍ ومحبَّةٍ حتى وإن كان تافهًا بالنسبة للآخرين. وخالد تقلَّد جميع ما سبق. كان فردًا من عائلة ندى وابن عمٍ استحسنتْ رفقته مؤخرًا، كان صديقًا تحُب ندى مجالسته ومحاورته، وكان ذلك الحبيب الذي يُصغِي لحديثها بأكمله يمنحها ابتسامات بين الحين والآخر، ويشاركها رأيه بكلمات بسيطةٍ في الأمور التي تستدعيه. وكانت ندى مُندمجةً في ذلك.

وجدتْ ندى مَن يستمع لها ولأحاديثها التافهة دون أن يملَّ أو يجبرها على الانخراس. فمَن كان يظنُّ أنّ شخصًا كخالد قد يكون صبورًا على الاستماع لثرثرة غيره في شتّى الأمور لساعات هكذا؟

يمكننا القول أنَّ الحبَّ يصنع المعجزات، وكم سيكون مُمتعًا أن تجد رفيق دربٍ ينصت لأمورك السخيفة بهذا الاهتمام!

كانت ندى قد قضَتْ الساعة الأخيرة الماضية بعد أن تناولتْ طعام الغداء مع خالد بإحدى الاستراحات على طريق السفر في الثرثرة عن أمور حياتها الأخيرة، تُبدِّل وضعيات جلوسها على المقعد الأمامي إلى جانبه مع اندماجها في الحديث دون انقطاعٍ سوى لالتقاط أنفاسها وابتلاع ريقها أو ترطيب شفتيها وفمها ببعض الماء. بينما خالد يقود إلى جانبها بهدوءٍ مُستمعًا لها، صامتًا لمْ يتحدَّث سوى ببعض حروفٍ خفيفةٍ منذ نزوله لتناول الغداء معها. كان يستمع لكلِّ حرفٍ تنطق به باهتمامٍ بالغٍ ويرمقها بنظراتٍ هادئةٍ كل حينٍ. إلى أن فاجأتْه ندى برفع قدميها على المقعد الجالسة عليه، ثم رمَت بجسدها ناحيته تضع رأسها على كتفه وظهرها يستند على جانب جسده المواجه لها فاردةً ساقيها الطويلتين على مقعدها وزجاج نافذة الباب المغلقة حتى سقف السيارة فوقهم بينما تتحدَّث باندماجٍ بين يديها كيسٌ من فُشار شيتوس بالجُبن، قائلةً بينما تجعِّد ما بين حاجبيها بضيقٍ:

«مش بيصدَّقوني أصلًا يا خالد والله. يعني لما الكتابات العبيطة بتاعتي بدأت تتشهغ (تتشهر) في الواتباد اللي بكتب فيه دا وبقى ليا ناس جميلة بتقغأ (بتقرأ) لي وتشجَّعني، معظمهم بقوا أصدقاء عندي فيسبوك وإنستا وكدا. بيقولوا لي كلام حب ولطيف ومش بعغف (بعرف) أجاوبهم أصلًا. بس بقوا كتيغ (كتير) أوي والواحد حاسس إنه بقى اجتماعي جدًا وتبًا للشُهغة (للشُهرة) وأوه ياه وكدا. وبقى مطلوب مني أغد (أرد) عليهم كلهم في نفس الثانية علشان مابقاش شخص مغغوغ و..»

لأنني أنثى (الكتاب الثالث) |+١٦|. ✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن