تحذير: يحتوي الفصل على بعض المشاهد الجريئة والألفاظ القوية.
.....مَن اعتاد على القسوة سيستمر بها، ومَن كبُر طاغيًا يتخذُ الحلول الخاطئة والخطيرة سبيلًا لنجاته من أي مُعضلةٍ وحلًا لأي مشكلةٍ يواجهها سيستمر بالطُغيان. والحياة لا تحمي الضُعفاء هذه الأيام.
أمير كان يقف في غرفةٍ بأحد المشافي الحكومية بالمدينة، يستند على الباب الحائط بجوار باب الغرفة بظهره، يشبّك ذراعيه على صدره وعيناه لا تنزاحان عن مريم الجالسة على أحد الكراسي الخشبية القديمة أمام السرير الطبيّ الوحيد بالغرفة. وكانت هي الأخرى تنظر لأمير، كلاهما نظرا لبعضهما واختلفتْ المشاعر، فنظرات أمير كانت ثابتة، قوية، بها شيءٌ من الغموض واضطراب النفسية، كان يرمق عينيّ مريم وكأنّه يريد الغوص بداخلها لمعرفة ما تفكّر به الآن.
أمّا نظراتها هي.. فكانت خائفة.
شعرتْ بالضياع، الوحدة والخوف، ضائعةٌ لا تعرف ما الذي عليها فعله في هذا الموقف، وحيدةٌ معه، مع أمير، وخائفةً منه.
تعلّقتْ بالقشّة الأخيرة للخلاص منه نهائيًا أو على الأقل لفترةٍ تستطيع تدبر حالها بها والهرب مع أسرتها الصغيرة من هذه المدينة، ولكن كل آمالها تحطّمتْ حينما تساءل ضابط الشرطة الأربعينيّ الواقف بجوار السرير الطبيّ بنفاذ صبرٍ، يوجّه سؤاله لذلك الرجل العاجز الذي اقترب من سنّ الستين بملامحه الشاحبة والمرتعبة:
«لآخر مرة هسألك يا عم (سيد)، أنت فعلًا شوفت سعد بيجري ناحية المصنع امبارح حوالي الساعة 9 بالليل ومعاه إزازة فيها بنزين قبل ما حد يضربك بسكينة في جنبك والمصنع يولّع؟»
صمت رجل الشرطة بعد أن ألقى سؤاله على هذا العجوز المدعوّ سيد، وهو نفسه حارس مصنع والد مريم المتوفّي، الحارس الذي تلقّى طعنةً بالسكين من أمير قبل أن يشتعل المصنع بما فيه. ومع صمت رجل الشرطة، نظر الحارس سيد لأمير الواقف عند الباب نظرةً سريعةً، امتلأتْ بالارتعاب وليس الخوف فقط، فأشاح أمير بعينيه عن مريم التي أبعدتْ عيناها عنه هي الأخرى تنظر للحارس، نظر أمير للحارس بهدوءٍ، ثم ابتسم له ابتسامةً جانبيةً جعلتْ الحارس يجيب بصوته الضعيف أثر خروجه من عمليةٍ جراحيةٍ قبل ساعتين فقط وبنبرةٍ امتلأتْ بالخوف:
«لـ..لا، لا يا سعادة البيه، ماشوفتش حاجة.»
«لا ركّز معانا شوية يا عم سيد، ما أنت اللي قولت لأمين الشرطة لما جيه ياخد أقوالك المبدئية إنك شوفت الواد اللي اسمه سعد بيجري ناحية المصنع وماسك إزازا بنزين، إحنا مش هنخترع القصة دي من عندنا يعني. ودلوقت بتقول إنك ماشوفتهوش.. عايزين نعرف الحقيقة علشان نقفّل على المحضر دا ونجيب اللي ضربك بالسكينة وحرق المصنع اللي كان مصدر الرزق الوحيد للستات دي. قول الحقيقة يا عم سيد ماتخافش من حاجة مش هنسمح لحد يؤذيك تاني، أنت شاهد عَيان ومهمتنا تأمينك لحد ما القضية دي تخلص، ساعدنا علشان نجيب لك حقك من اللي كان هيموّتك دا!»
أنت تقرأ
لأنني أنثى (الكتاب الثالث) |+١٦|. ✔️
Spirituellesقالوا أنني امرأة، والرجالُ قوّامون على النساء. - الجزء الثالث من رواية (مذكرات مراهقة). - عن قصة حقيقية رُويَتْ من أفواه أبطالها. الجانب الدرامي المُناضل مني: {ندى الشحات}. الغلاف من تصميمي. ما بالرواية من أحداث نقلتُها بعد أخذ الإذن المُثبت من أصحا...