|٢٤| لن تستسلم - النهاية 2.

5.2K 407 305
                                    

تحذير: قد يحتوي الفصل على بعض المشاهد الجريئة والألفاظ القوية ومشاهد الاعتداء العنيفة.

بعضُكم علِم سبب اختفائي الفترة الماضية، وهو وفاة أحد أقاربي مقتولًا حرقًا بالبنزين دون رحمةٍ، وربما الأغلب يعلم قصته بسبب اعتبارها قضية رأي عامٍ وانتشارها. وبكل أسى وحزنٍ أخبركم بوفاة أحد أهم شخصيات الرواية وأجزائها الذكور في الحقيقة.. وما آمله منكم أن لا تنسوه من دعائكم في هذا الشهر الكريم.. فاللهم ارحمه واغفر له واجعل قبره روضة من رياض الجنة وأسكنه فسيح جناتك واجعله من الشهداء مع النبيين والصديقين والصالحين واربط على قلب والدته وقلوبنا جميعًا فراقه يا الله.
كنتُ قد كتبتُ هذا الفصل قبل حادثة وفاته، لذلك لن أغير الأحداث ولن أمحي ذكراه من هذه الروايات.
......

«شكلك اتخانقت مع الحتة بتاعتك تاني وهتقرفنا

نزل الدرجات الأخيرة لسُلم منزل عائلة خالد وندى الداخليّ، يسحب سروال التريننج المنزليّ الأسود ماركة نايكي الذي يرتديه؛ كي يجلس بأريحيةٍ إلى جانب مُصطفى أخ خالد الأكبر على الدرجة الأخيرة، متسائلًا بتلك الكلمات بسخريةٍ وبصوته الخشن ذي البحة الرجولية القويّة، رغم سنِّه الذي لمْ يتخطّى العشرين بعد. حينها التفت مُصطفى برأسه للجانب قليلًا ينظر للدخان الرماديّ الكثيف الذي أصبح يحُول في الهواء من حوله فجأةً مُخفِيًا وجه الآخر قليلًا عن ناظريه. رمش مصطفى يُمروِح بكفّيه في الهواء يسعُل مُبعِدًا الدخان عن هواء أنفاسه بينما يهتف بضيقٍ:

«سجاير ڤيب كمان يا (عبد الرحمن)؟ أبوك عارف بالكلام دا؟ لا وبتدخّنها قدامي ومش عامل لي اعتبار.»

«وأعمل لك اعتبار ليه؟ دا أنت حيالله مصطفى ابن عمي الكبير.»

ردَّه عبد الرحمن ابن عمِّه الأوسط مُستنكِرًا يسحب نفسًا طويلًا من سيجارته الإلكترونية التي تُحاكي عملية التدخين دون حرق التِبغ، حيث استنشق عبد الرحمن الهباء الجويّ والمعروف بالبُخار بدلًا من النيكوتين ينفُثه من فتحتي أنفه باحترافيةٍ، مُحوِّلًا الهواء حوله لكُتلةٍ من الدخان الكثيف عكس لُفافات التبغ العادية. رفع حاجبه وبدتْ نبرته ساخرةً لمُصطفى الذي تنهَّد بيأسٍ من الشعور بالاحترام من أي فردٍ بهذه العائلة حتى وإن كان عبد الرحمن الجالس جواره ويصغُره بما يقارب الخمس سنوات. لطالما كان مُصطفى ذلك الفرد الهادئ غير المُتذمِّر في العائلة، يدعم الجميع ويقدِّم لهم المُساعدة بصدرٍ رحِبٍ ولا يشتكي سوء المُعاملة أو تعرُّضه لأي شيءٍ؛ لذلك اعتبره أفراد عائلة سالم هذه الفرد الضعيف بينهم رغم أنَّه الابن البِكر لأكبر أبناء هذه العائلة، استضعفوا شخصيته وربما وصل بهم الحال أحيانًا لاستغلال طيبة قلبه، ولكنَّه كان يرى ويُفسِّر كل ذلك على أنَّه مُزاحٌ من خالص المحبَّة؛ لأنّ العائلة كانت إلى جانبه دائمًا وفي كل وقتٍ، أحبَّوه وراعوه رغم وفاة والدته وهو رضيعٌ، ليتزوَّج والده مجددًا من شيماء، المرأة التي أنجبت له خالد وأمير الصغير وربَّت مُصطفى كذلك. إلّا أنّ مصطفى لطالما كان في قلوبهم وسيظلُّ مهما خابت معاملتهم له، على عكس أخيه خالد الذي فرض شخصيته عليهم جميعًا منذ صِغره واضطرَّ الكل صغيرًا وكبيرًا لاحترامه ومهابته لرزانة عقله وسداد تصرُّفاته دائمًا، حتى بدأ البعض من الغرباء يظنون أن خالد هو الابن الأكبر لا مصطفى.

لأنني أنثى (الكتاب الثالث) |+١٦|. ✔️حيث تعيش القصص. اكتشف الآن