وصلنا الى عامنا الاخير في الجامعة، عندما افكر كيف مرت الاربع سنوات ونصف الفائتة اشعر انها مرت بسرعة كبيرة...مشاعري مختلطة جدا !
اريد البقاء هنا اكثر !! اريد ان ابقى طالباً هنا في الجامعة التي احب مع اشخاصي المفضلين...لكن لكل حكاية نهاية...بعد انقضاء الفصل الصيفي الاول انتقلنا انا و سيف الى غرفة ثنائية، قضينا فيها 3 سنوات من عمر حياتنا الجامعية و ارغب بأن اقول ... الزوجية!
اعني كان الامر كذلك فعلاً، كأي زوجين محبين يعيشان تحت سقف واحد، مررنا بالعديد من القصص والمواقف المضحك منها والحزين، مغامرات و رحلات في مختلف المناطق...
ازمات منتصف الليل في السكن كالشعور بالجوع مع انقطاع الخبز واضطرارانا الى الطلب من الجيران!
او ان يقفل غاز الطهي ولم يجهز العشاء بعد لتبدأ اسطوانة التوسلات للمشرف بان يمدد الوقت نصف ساعةٍ فقط!اجتماعات للعب العاب الفيديو او "الشدّة" اوراق اللعب، في صالة الجلوس مع اصدقائنا من الغرف الاخرى وتنبيهات المشرفين لنا باغلاق الصالة والتوجة للنوم!
مشاجرات فيما بيننا ايضاً، لكن لم نخلد الى النوم يوماً من دون ان نصلح ما بيننا من سوء فهم او اختلاف...
يمكن لسيف ان يكون عنيدا ويتصرف بدلال شديد احياناً، يعبر عن غضبه وما يزعجه بالكلام لذا ادعه يفرغ غضبه كما يشاء ثم احدثه... رغم عناده الا انه منطقي ايضاً ومستعد للنقاش والتفاهم...
تفهمه لي وقت غضبي بأن يدعني وشأني الى ان اهدأ هو اكثر ما احبه فيه، فغضبي يأتي على هيئة "صمت مطبق وانعزال تام"، وحتى اللحظة اعاني من صعوبة احترام وتفهم الاخرين لذلك بما فيهم والداي!!
لذا دائما ما ينتهي الامر بمشكلة كبيرة مع الاخرين...لكن سيف يدعني وشأني الى وقتٍ اكون فيه مستعداً للحديث ثم يبدأ بالالحاح علي لمعرفة ما الامر فيما بعد، بما انني متحفظ جدا على حد قوله...
فهمنا وتقبلنا لهذه الاختلافات الصغيرة هو ما ساعدنا على تخطي الصعاب وندرة حدوث المشاكل فيما بيننا...حين افكر بالامر الان يبدو مضحكا لكن بشكل جميل...قريباً سنودع بيتنا وحياتنا الصغيرة المليئة بالكثير من الذكريات هنا .. تبقى اقل من شهر على التخرج!
المستقبل مجهول حتى اللحظه، لكن اتفقنا على ان نبذل قصارى جهدنا لنجتمع في مكان واحد مجددا وهذه المره الى الابد ... يبدو وعداً سخيفاً لأن لا احد يضمن ما قد يحدث غداً حتى، لكنني اثق انه سيفعل ما بوسعه وانا لن اكون اقل شأناً منه
اشعر بحزن وضغط هذه الايام، افكر كثيراً بما سيأتي .. وهو مثلي تماما، لكن لا احد يصرح بذلك..
اراه وهو ينظر الي بلا توقف اينما كنا معاً، يلتقط الكثير من الصور ويرغب بفعل كل ما باستطاعته لإسعادي... تباً، هذا يجعلني حزيناً اكثر !
اعني نحن لن نفترق بالطبع...لكن سيرجع كلٌ منا الى منزله ومهما التقينا فيما بعد فلن يكون مشابهاً ابدا لمَ كنا عليه حتى اللحظه!
ستبدأ رحلة البحث عن عمل وتحمل المسؤوليات..تباً .. تباً تباً!
لم على الحياة ان تكون بهذه الصعوبة!
اااه .. اكره التفكير في هذا!-اه.. مرحباً، منذ متى وانت هنا؟
*قال سيف الذي عاد للتو من الجامعة- عدت قبل نصف ساعة تقريباً
-لم تقم بتبديل ملابسك بعد! هذه ليست عادتك
-سأبدلها الان، كنت اريح رأسي قليلا، اشعر بالصداع
*اقترب مني، وانا جالس على السرير كما اجلس على الكرسي، قدماي على الارض، جلس على الارض امامي بين قدمي ورفع ذراعيه يلفها حول خاصرتي والقى برأسه متكئاً بجبينه على طرف المرتبة بين فخذي، وجهه للاسفل لا استطيع رؤيته
ساد الصمت..صمت ثقيل اطبق على المكان..احسست بأننا سننفجر بكائاً قد حُبست دموعه منذ اشهر.. اللعنه ما هذا الحزن!
تمالك نفسك يا عمر *وضعت يدي على رأسه
لن يهاجر احدنا مثلا او يُسجن ... ولم يصب الاخر بمرض مميت !سنتخرج من الجامعة!!!
امسكت رأسة بكلتا يدي ورفعته لأرى وجهه...تبا لك سيف، لم تنظر الي هكذا؟ *اقول لنفسي
-توقف عن هذا سيف!
-.......
-انت تشعرني بأنني مصاب بمرض لا شفاء منه وسأموت غداً
-لا تقل ذلك!!
-تمالك نفسك...
* امسكت به ليقف ثم قربته مني، يقف بين قدمي، رأسي على صدره وامسك بيديه
-اعلم اننا سنودع حياتنا القصيرة هنا، لكنني لن اكون حزيناً...انا سعيد...سعيد جدا لأنني عرفتك، ولانني عشت معك هنا !
سعيد انني قضيت حياة جامعية رائعة سأتذكرها دوماً بحب واعتزاز، سأقول دائما انني عشت افضل حياة جامعية على الاطلاق .. سأتباهى بذلك!
انا ممتن لك لأني احتفظ بذكريات رائعة عنك ومنك وعن هذا المكان، واعلم اننا سنصنع المزيد منها مستقبلاً...لقد منحتني افضل اربع سنوات ونصف الحياة و اريد ان يستمر ذلك، لذا لا تحزن ارجوك!*اشعر بنبض قلبه المضطرب وانفاسه غير المنتظمه
-حسناً، ان كنت ترغب بالبكاء فأفعل *قلت له
-*ضحك بلطف* لن افعل..تباً لك ولقدرتك العجيبه على تغيير مزاجي بلحظات..كنت اشعر بان قلبي سينفجر حزناً...لكنه سينفجر حباً الان!
-نعم .. اغرقني بحبك *جذبته نحوي
كان وقتاً شاعرياً بامتياز قضيناه بالتعبير عن ما نشعر به..احم..حسنا، لفظياً و... عملياً ايضاً!
اعني هو حبيبي، اذا ماذا؟
أنت تقرأ
ما زلتُ هناك ..
Romanceمكتملة/ رواية على شكل مقتطفات ويوميات؛ مشاعر مختلفة وانعطافات من وحي الواقع...