10/اخر اختبار

277 26 41
                                    

انتهت فترة الاختبارت التي امتدت لأسبوعين تقريباً، كانت جيدة على الصعيد الشخصي، لكن اظن ان سيف قد واجه بعض المتاعب !
ليس بسبب الدراسة وانما بسبب مشكلته مع...شريكه السابق إن صح القول..!

فقد استمر هاتفه بالرنين وكانت تصله رسائل عديدة في اوقات عشوائية، علمت انه قد مل من ذلك وانه عقد العزم على انهاء كل شيء وللأبد عندما طلب مني مرافقته قبل عدة ايام لشراء شريحة اتصال جديدة!

اليوم هو اخر اختبار، وبعدها تبدأ اجازة منتصف العام، سأكون في القرية خلال الاسابيع الثلاثة القادمة، رغم ان مكوثي هنا كان لفترة قصيرة إلا انني اشعر بالراحة والانتماء هنا اكثر، ولا انكر أنني اصبحت انزعج من البقاء طويلا في منزل والداي، ليس لشيء الا لأنني اعتدت على هدوء و تنظيم السكن...

لدي في البيت 6 اخوات، اكبرهن تصغرني بعامين واصغرهن عمرها عامٌ واحد والسبب بديهي، محاولات امي لانجاب "أخٍ" لي..مضحك صحيح؟!
احب الصغيرة جدا طبعا لكن بشكل عام جو البيت صاخب ومزعج دائما!

اعتقد انني سأفتقد السكن في الثلاثة اسابيع القادمه... و سيف !

يرن هاتفي وانا ارتب اشيائي في السكن استعدادا للرحيل

-اه، اهلا سيف

- اين انت؟

- في الغرفة اوضب اشيائي

-اه جيد، متى ستذهب؟

- لا اعلم, لا يوجد وقت محدد

- انتظرني لنذهب سويا، طريقنا واحد

-نعم بالتأكيد كنت انوي ذلك بالفعل

-جيد، انا في طريقي اليك

لم يمر وقت طويل حتى دخل سيف، يبدو مرهقا، ربما كان يسرع بالمشي!!

- سأوضب اشيائي وننطلق

-لا بأس، لسنا على عجلة من امرنا

-هاه؟ يبدو انك لا ترغب بالذهاب

- لاكون صادقاً، نعم قليلاً... اعتدت على الجو هنا، مريح اكثر بالنسبة لي

-الجو فقط؟ *يبتسم

- ههههه نعم الجو و نكاتك السخيفه

-ليست سخيفه بل صادقه *يبتسم

- ههههه حسنا

انه هكذا دائماً، لا يكف عن ارسال اشاراته الغريبه، هذا يربكني حقاً!
جهزنا اشياءنا واستعدينا للخروج..مشينا حتى المدخل الرئيسي للجامعه ومن هناك ركبنا حافلة الى المجمع، منطقة تجتمع فيها الحافلات التي توصل الركاب الى مناطق مختلفه خارج العاصمه، ركبنا حافلة مدينتا...
دخل سيف قبلي وجلس الى جانب الشباك، يبدو ان لدينا عقدة شبابيك نحن الانثان *ضحكت بصمت

على اي حال سأنزل على الطريق قبله لان قريتي هي اول محطة للنزول وهو سيكمل الطريق الى قريته لذا لا بأس بالجلوس في الجهة الاخرى، ذلك اسهل للنزول!

جلسنا وانتظرنا تحرك الحافله، اخرجت سماعاتي، معتادٌ على ذلك...نظر الي سيف وطلب واحده
بالطبع اعطيته، سنسمع ذات الموسيقى في نفس الوقت في الطريق!

للحظة ما ارتبكت ماذا سأختار.. فكرت بذلك لأنني شخص يقدر الاغاني جدا، أخذها على محمل الجد، اهتم بالكلمات فهي وسيلة للتعبير بالنسبة لي لذا احاول اختيار شيءٍ لا يساء فهمه على انه اعتراف او تلميح!

قررت اختيار مقطع موسيقي بدون كلام، احب Mark Eliyahu , موسيقي من اذربيجان له اصول يهوديه, يعزف على آلة مميزه واظن انه الوحيد القادر على اخراج كل هذا الابداع منها!

لا اهتم كثيرا بأصول الشخص طالما لا يؤذيني او يؤذي احدا، و لدي قناعة بأن الموسيقى للجميع لا تعرف دينا او لونا او ثقافة... الموسيقى تلم الشمل لا تفرق احدا ولا تنشر ظلما

بدأت بمقطوعة Drops ثم journey
الطريق طويل، الشمس تميل الى مقربة من خط الغروب وتدخل اشعتها الذهبية من الجهة اليسرى للحافله، نسمات خفيفة من فتحة التكييف فوق رأسي
سيف صامت ويستمع، قال فجأة:

-هذا رائع، و حزين.. حزين جدا

- انا اسف

- لا تعتذر، احببتها، لديك ذوق رفيع، اعدها لو سمحت

اعدتها وعاد الصمت، لا اعلم ما الذي يفكر فيه لكنه كان شارداً و هادئاً جداً، لم يمر وقت طويل حتى استسلم للنوم!
هذا الباندا الكبير الذي ارتمى رأسه على كتفي بهدوء...اغلقت الستائر حتى لا تزعجه اشعة الشمس

وصلت الى وجهتي، طلبت من سائق الحافلة الوقوف ونبهت سيف الى انني ذاهب، نظر الي متفاجئاُ

-اه، حقا.. وصلت بسرعه..حسناً لنبقى على اتصال، وداعاً

-*اومأت برأسي، نعم* وداعاً

نزلت وقطعت الشارع الرئيسي الى مدخل القريه ومن هناك اخذت سيارة من سيارات الاجرة التي تصطف على جانب الطريق الى المنزل

ها انا متجهٌ الى منزلي ولن اراه لثلاثة اسابيع، هذا اول ما فكرت فيه

ما زلتُ هناك ..حيث تعيش القصص. اكتشف الآن