انها ليلة رأس السنة الميلادية للعام الجديد..
مر على زواجي من عمر عام وها هي الثانية تطل علينا..
حياتنا مستقرة وانا سعيد جدًا بوجوده الى جانبيتواجهنا بعض المصاعب احيانا.. لكن من لا يفعل؟
هذه طبيعة الحياة... عندما اتذكر كيف تعرفت إليه.. كيف بدأت علاقتنا قبل قرابة اثنا عشر عاماً.. و كيف وصلنا الى هنا.. أرى انني من كان يبادر دائما!عمر.. خجول نوعا ما لكنه ليس جبانًا، لم يستسلم حين فرضت الحياة علينا الفراق ولم يضعف حينما صُدت الابواب في وجهنا.. انا ممتن له.. اشعر بأنني افضل نسخة من نفسي وانا معه..
حين انظر الى نفسي في المرآة، كثيرا ما اتذكر ما كنت عليه قبل ان يدخل عمر الى حياتي.. لطالما كنت مركز الانتباه لمن هم حولي و قد أعجبني ذلك ولا اكذب ان قلت انني كنت استغل الامر لمصلحتي دائما
فأنا اصغر اخوتي لذا كنت محط اهتمام العائلة دوما.. وفي المدرسة كنت الفتى ذو الوجه الجميل و الشخصية الجريئة و العلامات المرتفعة.. لذا كنت محط اهتمام الطلاب والمعلمين على حد سواء واعتدت على ذلكلم يكن احد ما مركز اهتمامي بشكل خاص.. حتى الشخص الذي عرفته سابقا.. احببت كوني معه.. و كيف كان يميزني بشكل واضح، طبعا انتهى تمييزه لي بخنقي تماما .. و عندما افكر بالامر .. فأنا لم اكن له مشاعر خاصه!
اكتشفت ذلك بعد ان تعرفت على عمر...عمر، اول شخص يستحوذ على انتباهي بالكامل..
جائني كنسمة صيف في يوم شديد الحرارة!حينما دخلت غرفة السكن و رأيته هناك.. تفاجأت.. لم اتوقع.. لكنني اضمرت ردة فعلي لنفسي
فأنا لم اعتد على الشعور بالانتباه اتجاه احد.. لم امييز ذلك الشعور حينها
لكنني تذكرته.. تذكرته جيدا.. الشاب الوسيم الذي كان يجلس خلفي في مقعد الباص ومعه رجل في اواخر الاربعينات من عمره!رأيته.. حفظت شكله و حتى رائحة عطره حينما توقفت الحافلة ونزل منها اولا.. لم افكر بالأمر كثيرا حينها فأنا لم استطع تفسير ما اشعر به عدا عن انني كنت مع شخص اخر في ذلك الوقت. .
لكن عندما رأيته في الغرفة.. علمت ان ما شعرت به وقتها لم يكن مجرد رؤية شخص عابر في الحافلة... اخفيت ما اشعر به لكنني بدأت اتقرب منه لا شعوريا بعدها..علمني عمر الكثير.. اولها كيف أكون جادًا
بذلت جهدي كي اكون مركز اهتمامه وانا الذي اعتدت الحصول على ذلك من غير مجهود
انا من بادر بالخروج و المواعيد و طلب العودة معا للمدينة وقضاء الاوقات معا بمختلف الاوقات والاماكن ...
اردته ان ينتبه لي.. ان يعتاد وجودي.. صورتي و صوتي و حضوريكيف اكون مرتاحا وعلى حقيقتي.. عندما كان يستمع لثرثرتي و ارائي وحتى تذمري و لا منطقيتي احيانا ولم يحكم علي يوماً...
علمني الهدوء.. عندما كنت ارتعد خوفا في اخر اسابيع لنا معا.. لا اريد ان نتخرج.. ان يلتفت كل منا لحياته.. ان لا اراه كل يوم.. لا اريد لاحد ان يلفت انتباهه غيري
لكنه كان هناك دائما ليهدأني و يطمأنني..كيف ان اعظم ما يندم عليه الانسان ليس ما قد فعله، بل ما لم يفعله بعد.. لذلك لم أُرِد الندم على شيء.. حاولت صنع الكثير من الذكريات معًا و سأصنع المزيد طالما استطيع ذلك!
كيف اشعر بالحب.. ليس بالاقوال فقط.. بل افعاله البسيطة بحجمها.. الكبيرة بتأثيرها، التي اشعرتني بالتميز الحقيقي.. ليس بالكلام الجميل و الثناء المبالغ فيه الذي اعتدت عليه فيما سبق!
كيف كان يطهو الغداء اثناء نومي ثم يوقظني لتناوله حتى احصل على اكبر قدر ممكن من الراحة.. كيف كان يغلق الستائر في الحافلة عند عودتنا للمدينة لانني كنت اغفو في الطريق ولم يُرد للشمس ان تزعجني.. يحضر القهوة من دون ان اطلب او يشتري لي الكعك بحشوة الشكولاته المفضل عندي لانه يعلم انني لم اتناول الافطار بعد.. يعرف نوع طعامي المفضل .. ساعتي المفضلة للمشي.. ويذكرني بموعد اغلاق الكنتين كل ليلة لانه يعلم انني سأنزعج ان فاتني امر شراء الوجبات الخفيفه في الليل.. كيف كان يحجز لي غرفة الاستحمام التي بجانب خلايا التدفئة المركزية ايام الشتاء..ويملأ لي قارورة المياه ليضعها بجانب سريري كل ليلة لانه يعلم انني لا اشرب القدر الكافي من المياه خلال النهار.. كل ذلك من دون ان اطلب او حتى من دون ان يتحدث .. كان يفعل ذلك وحسب!ابدو كمراهق وقع لتوه في الحب وانا اذكر تلك الاوقات.. لكن هذا ما كنت ولا زلت اشعر به
انا ممتن له.. و للوقت الذي جمعني فيهمرت اعوام كثيرة و اتمنى ان تزيد... وجوده الى جانبي هو اعظم هدية يمكن ان احصل عليها
عام جديد سعيد لنا معا .. حبيبي عمر.
أنت تقرأ
ما زلتُ هناك ..
Romanceمكتملة/ رواية على شكل مقتطفات ويوميات؛ مشاعر مختلفة وانعطافات من وحي الواقع...