مرت خمس سنوات منذ ذلك اليوم، التقينا خلالها الكثير من المرات، كنا نسرق الوقت بصعوبة لفعل ذلك ...
كانت خمس سنوات مرهقه بالفعل.. فرحلة البحث عن عمل جيد ومستقر لم تكن سهلةً ابداً!تعرضت للكثير من المواقف التي اضطرتني الى ترك العمل في عدة أماكن سابقة، إما لسوءٍ في الادارة او لان المردود المادي لم يكن مُجزياً ابدا...او حتى بعد المسافة و سوء المواصلات، إذ كنت اتأخر بشكل متكرر مما اضطرني للانسحاب ...
قال سيف انه يريد الحصول على درجة الماجستير في علم النفس لأنها قد تتيح فرصاً اكبر للتوظيف، وفعلت مثله، لم يكن ذلك سهلا!
كان كل واحد منا في جامعة مختلفة وعمل مختلف بأوقات دوام مختلفة، لم نكن نجد وقتاً للتحدث احيانا...لكن علينا الاستمرار
انهى سيف مرحلة الماجتسير قبل 4 شهور بالفعل، اما انا سانتهي بعد شهر... اخبرني انه سيحضر مناقشة تخرجي واتمنى لو يستطيع حقاًاثبتت لي السنوات الخمس السابقة ان علاقتنا متينة جداً، رغم كل المواقف السيئة، الارهاق والسهر، السعي للحصول على وظيفة بمواصفات جيدة، دورات لتقوية اللغة وتقوية مهارات التواصل وما الى ذلك ايضاً لانها ستدعم السيرة الذاتية!
مراسلات الشركات والمؤسسات التربوية المختلفة، خيبات الامل المتكررة والرفض احياناً بحجة عدم وجود خبرة!!
اعني، كيف سنحصل على خبرة ان لم يتم توظيفنا في اي مكان؟ هذا سخيف!بالإضافة الى الضغط النفسي جراء الجلوس لعدة اشهر من دون عمل والشجار احياناً .. الدراسة وما تحمله من تحديات !
كانت كل تلك العقبات تصغر امام عيني لأنني اركز على هدفي النهائي..ليس مهماً كل ما مررت به من عواقب طالما انها تؤدي الى طريق سنكون فيه معاً في النهاية
الوظيفة الجيدة تعني دخلاً جيداً، ونحن بحاجةٍ الى ذلك ان كنا نرغب بالاستقرار سوياً !
يعمل سيف في مكان جيد حاليا، ينتمي للقطاع الخاص لذا لا ميزات كثيرة اضافية لكن لا بأس به، وانا اعمل معلما مساعدا بدوام جزئي في احدى المدارس كمشرف على الطلاب!
لكن لا بأس، على ان انتهي من دراستي اولا ثم ابحث عن عمل جديد!••••••••••••••••••
ناقشت رسالتي اليوم، حضر كل من والداي وشقيقتاي، ابن عمي واثنين من ابناء اخوالي و سيف
جرت المناقشة بشكل ممتاز و اعلن الدكتور المشرف حصولي على درجة الماجستير في الإرشاد التربوي اخيراً! انتهت رحلة ثلاث سنوات من الصداع، هذا ما فكرت فيهانطلقت الزغاريد والصافرات محتفلةً بذلك
انني اراه هناك يقف الى جانب والدتي يلوح لي ويصفق بيديه،لم انتبه كثيراً لما كان يفعله الاخرون حقيقةً، لا اذكر ذلك... كان وجوده افضل ما حدث لي منذ فترة، سعيد لانه تمكن من تخصيص وقتٍ للحضورانقضى تخرجي على خير وتمكنت من رؤية سيف قليلاً يومها قبل العودة الى المنزل الذي امتلئ بالمهنئين من الاقارب والاصدقاء
بعدها بثلاثة اشهر جائني اتصال من سيف، اعني نحن نتحدث دائما لكن كان هذا اتصالاً مميزا بحق!
-مرحباً عمر
-اهلا سيف، كيف حالك؟
- بخير جدا...اسمع، اتصل بي الدكتور الذي كان مشرفاً على رسالة الماجستير خاصتي، اخبرني ان احدى المنظمات التى تُعنى بأمور اللاجئين في الخارج تطلب موظفين عرب في تخصصات علم النفس والطب النفسي و الارشاد ... قمت بتقديم سيرتنا الذاتية بالفعل...لذا ان وصلك اي بريد الكتروني او اتصال لا تتوانى عن الاجابة
ولا تخشى شيئاً قد بحثت بالفعل عن امر المنظمة، انها جهة موثوقة... اظن بأن هذه فرصتنا الذهبية وعلينا استغلالها*انت هو فرصتي الذهبية، فكرت*
- هذا رائع سيف، رائع جدا...انا شاكر لك.. اتمنى ان يتم قبولنا للعمل .. اتمنى ذلك حقاً-نعم اتمنى ذلك، قال لي ان الاعلان وصله بشكل شخصي من احد العاملين هناك و اخبرني عنه بشكل خاص ومباشر، اي لم يتم الاعلان عنه في جهة اعلامية وما شابه حتى الان، بالتالي عدد الذين تقدموا قليل جدا... اظن ان فرصتنا قوية، اتمنى ذلك
تحدثنا بعدها قليلاً واغلقنا الخط...اشعر بالتوتر والحماس... اتمنى ان يتم قبولنا نحن الاثنان معاً، فعلاً!
•••••••••••••••••••
كان صباح سبت عادي جدا..الى ان وصلني ذلك التنبية معلنا وصول بريد الكتروني جديد، فتحته غير مكترث لامره كثيراً..صرت معتاداً على بريد الرفض او الإعلانات المتفرقة...لكن لم يكن الامر كذلك!
كان بريداً يفيد بتحديد مقابلة الكترونية للعمل الذي تقدم اليه سيف، وانهم قد اطلعو على السيرة الذاتية ومهتمون بأمر المقابلة، مع تحديد الوقت والطريقة
يا الهي، هذا افضل شيء يحدث منذ وقت طويل!!!
امسكت بهاتفي بنية الاتصال بسيف ليرن بنفس اللحظه- عمر..هل وصلك اي بريد؟
-نعم نعم، كنت على وشك الاتصال بك لاخبرك
-هذا رائع، اتصلت بك لنفس السبب...انا متوتر جدا ومتحمس ايضاً..اتمنى ان يجري كل شيء على ما يرام... حان الوقت لننهي الاوقات الصعبه!
-اه، نعم ... اتمنى ذلك
-كن قوياً وواثقاً من نفسك، نستطيع فعلها
-نعم، سنفعلها
-احبك جدا
-وانا احبك ايضاً
-علي ان اغلق الان فأنا في المكتب اليوم، احدثك لاحقاَ
-حسناً، انتبه لنفسك، وداعاً
- و انت ايضاً، وداعاً
انا متوتر حقا لكن تغلب علي السعادة، هل ستتحسن الامور اخيراً...؟!

أنت تقرأ
ما زلتُ هناك ..
Romanceمكتملة/ رواية على شكل مقتطفات ويوميات؛ مشاعر مختلفة وانعطافات من وحي الواقع...