الفصل 29

37.4K 1.5K 367
                                    

تُفرّقنا المسافة .. و تربطُنا دقات قلوبنا .

***

أوقف سيّارته السّوداء اللاّمعة أمام منزل إريكا،
أطفئ سيجارته ثم بقي ينظر من النافذة و هو غارقٌ داخل أفكاره .. دوما ما تُريد تيفاني معرفة الحقيقة بأيّ ثمن لكن قرائتها لرسائل هاتفه أغضبته و كثيرا، فهو لا يُريد أي كائن يتدخّل في أعماله أو أسراره حتى لو كانت تيفاني نفسها .

تنهّد بخفّة ثم نزل متّجها ناحية منزل إريكا ليقف أمام الباب طارقاً إيّاه .
ثوانٍ لتفتح له إريكا الباب سامحةً له بالدّخول، وقفت أمام الشّرفة ليقول إدوارد بعد ما جلس على الكُرسيّ خلفها :

- كيف حالكِ ؟

و بصوت متعبٍ أجابته :

- متعبة كثيرا يا إدوارد، حقا أريد الموت لأرتاح .

- ماذا عن إبنكِ، ألم تقولي أنه سيرمونهم إذا ما حصل لكِ شيئا؟

صمتت و هي تفكّر لتفتح عينها حين سماع إدوارد يقُول :

- هيّا جهّزي نفسكِ سنذهب لإحضاره، فمكانه بجانبك و بعدها لتتحدّثي مع نايت لأنه خرج بالفعل .

إستدارت له لتجيب بحدّة و عينها ممتلئة بالدموع :

- إيّاكَ يا إدوارد إيّاكَ! لا تكرّر كلامكَ هذا ثانيةً .

إستقام من مكانه بملامح جامدة ليقف أمامها لا يفصلها سوى بعض إنشات ليهدر بصوته الرجوليّ :

- لا تحذّريني أولاً، ثانياً أنا سأنتظرك بالأسفل كي تغيّري ثيابكِ و سنذهب لإحضار إبنكِ .. تبّا لكِ منذ متى و أنتِ بهذا الضعف؟ أنظري لنفسكِ بالمرآة و كأنكِ إمرأة بالخمسينات، أزيلي هذه الهلات و هذا الشحوب فهو لا يُناسبك و أستعيدي إبنكِ و عودي قويّة كما عهدتكِ .

دُموعها نزلت بحرقة على وجنتيها وهي تنظر لإدوارد لترتمي في أحضانه باكيةً، هي بالفعل تحتاط لحضن و لشخص يواسيها و ينسيها همومها، بادلها إدوارد العناق قائلا :

- أنتِ صديقتي و أختاً لي يا إريكا و لا أريد رؤيتكِ بهذا الشّكل، إعلمي أني سأكون معكِ دوماً مهما كانت الحياة قاسية معي يا رفيقة ظُلمتي .

صوتُ شهقاتها المكتومة في صدر إدوارد تعلو شيئا فشيئا إلى أن هدأت أبعدت رأسها لتنظر له بإمتنان شديد ليردف إدوارد ممازحاً :

- لو كانت تيفاني هنا لقتلتنا الآن، إحم يا إمرأة إبتعدي أنا لا أخون زوجتي .

جـحيـم الـجسـد حيث تعيش القصص. اكتشف الآن